يوسف أبولوز كان العالم العربي المصري د. نبيل علي محمد عبد العزيز (1938 - 2016)، الذي احتفل محرك البحث «جوجل» أمس بذكرى مرور 82 عاماً على مولده في الثلاثين من عمره عندما عرف زمن الكمبيوتر والثقافة الرقمية العلمية، وكان ذلك في مطلع سبعينات القرن العشرين، أي أننا نتحدث عن عقلية علمية عربية نبهت إلى مصطلحات متداولة اليوم مثل الذكاء الاصطناعي قبل نصف قرن من الزمان. جاء د. نبيل علي إلى هذا التخصص الكمبيوتري الذي أشبع ثقافتنا المعاصرة من خلفية ليست علمية، وهذا هو اللافت؛ بل المدهش في شخصية هذا العالم العربي القريب من شجرة أحمد زويل أول عربي يحصل على نوبل في الكيمياء، فهو درس هندسة الطيران في عام 1960، وعمل، كما تقول سيرته في الموسوعة الحرة في القوات الجوية المصرية، لينتقل بعد ذلك وبحركة 180 درجة كما يقولون إلى ثقافة الحوسبة؛ لكن قبل ذلك، كان الرجل عالم لغويات أيضاً، وعندما توغل في علوم الحوسبة والكمبيوتر كان هاجسه ما يسمى اللغويات الحاسوبية، واللغة العربية كانت على رأس أولوياته. كل ذلك ليس أمس أو البارحة؛ بل قبل نحو نصف قرن، كانت خلاله ثقافتنا ورقية تماماً، ولا شأن لنا كعرب آنذاك بعلوم الكمبيوتر، لكن الرجل كما يبدو كان يمتلك عقلية علمية سابقة على عصره الثقافي العربي في سبعينات القرن العشرين، وآنذاك نقل عنه قوله: «..نحن نواجه عصراً جديداً بعقلية غاية في القدم، هذا هو المأزق الذي نجد فيه أنفسنا كعرب ونحن نواجه متطلبات العصر الحديث. هناك فجوة معرفية تزداد هوتها كل يوم وتهدد بعزلنا على الجانب الآخر من التاريخ؛ حيث لا يوجد مقاعد للمهمشين في هذا العالم..». ولكيلا تزداد هوّة الفجوة المعرفية بيننا وبين «الآخر» كما قال د. نبيل علي، أخذ على عاتقه وضع عدد من الكتب ذات الصلة المباشرة بتخصصه ومشروعه الحاسوبي اللغوي وعلى سبيل له: «اللغة العربية والحاسوب» في عام 1988 أي قبل أكثر من ثلاثين عاماً، وما زالت حتى اليوم الكثير من النخب المثقفة العربية تكرر هذا الموضوع بالذات الذي انتبه إليه د. نبيل علي قبل عقود. في عام 1994 أصدر د. علي كتابه «العرب وعصر المعلومات»، وسيكون سؤاله دائماً حول موقع العرب من ثقافة العصر المعلوماتية الحاسوبية التي تحولت اليوم إلى الذكاء الاصطناعي وهو إن أردت القول ذكاء «مخيف» يضع الإنسان في زاوية حرجة عندما يكتشف أن بوسع الآلة أن تفكر نيابة عنه. اهتم د. علي بالربط العلمي الثقافي بين العقل العربي وما سماه مجتمع المعرفة؛ وذلك قبل عشر سنوات، وقد شخص مجموعة من الظواهر واقترح حلولاً لها في كتابين صدرا له في عام 2009 ككتّاب ومثقفين عرب؛ بل وحتى كمتخصصين في علم الحاسوب، واللغات هل نعرف د. علي جيداً؟؟، أم أننا ننتظر دائماً بوصلة «جوجل» لكي نعرف أن لنا مكاناً نستحقه على أرض البشر؟؟ yabolouz@gmail.com
مشاركة :