برامج كمبيوترات تقرض الشعر: محاولة لمد الجسور بين الإنسانيات والعالم الرقمي

  • 1/4/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يعترف بروفيسور الذكاء الاصطناعي بجامعة بابلو خيرباس لوكالة الأنباء الألمانية بأن “الفجوة لا تزال شاسعة. يعيش دارسو الإنسانيات بمعزل عن التكنولوجيا، والعكس صحيح بالنسبة لدارسي التكنولوجيا الرقمية. أحاول منذ سنوات مد الجسور بينهما، وأقر بأن المهمة ليست سهلة”. تجدر الإشارة إلى أن خيرباس بروفيسور متخصص في علوم الكمبيوتر، وعاشق للأدب منذ شبابه، ويطلق عليه “أبوالروبوت الشاعر”، بسبب برامجه عن كمبوترات تقرض الشعر. تضم مكتبته مختارات من شعر الهايكو الياباني وكتيبات برمجة، مختارات من الحكايات الشعبية الروسية، وبالتأكيد نسخة من رواية ثربانتس الشهيرة “دون كيخوتي”. يعتبر خيرباس نموذجا للعمل الأكاديمي الهجين الذي يقوم به أكثر من عشرة أساتذة وبعض طلاب الدكتوراه في مجموعة الأبحاث NIL (التفاعل الطبيعي القائم على اللغة)، تحت إشرافه، ويركز على المشاريع التي تربط الذكاء الاصطناعي (AI) واللغويات والنماذج السردية أو الشعرية. يشرح البروفيسور الإسباني البالغ من العمر 51 عاما بشكل فنتازي أشبه بالخيال الشعبي كيف تستطيع آلة كتابة القيام بإبداع يرقى لخيال البشر، ويقول “نحن بصدد نماذج. وكلما أضفنا إليها المزيد من الخصائص، كلما تضاءل الشعور بالفرق وأن المحصلة من إبداع آلة”. ويضيف “الفكرة ليست في قيام الذكاء الاصطناعي بكتابة كل شيء، بل في إمكانية استخدام كل جزئية كوسيلة منفصلة، أشبه بنوع من الفوتوشوب ولكن بالنسبة للنصوص المكتوبة”. من جانبها توضح إيلينا جونثاليث بلانكو مؤسسة معمل الابتكار في الإنسانيات الرقمية بجامعة (UNED) للدراسة عن بعد لـوكالة الأنباء الألمانية أن هناك العديد من عوامل ومحاولات التقارب بين الآداب والخوارزميات تتجمع في إطار ما يعرف بالإنسانيات الرقمية، وهو مجال أكاديمي آخذ في الاتساع والانتشار وأصبح مفهوما يضم العديد من فروع الدراسة والمعرفة. التقارب بين الآداب والخوارزميات يتجمع في إطار ما يعرف بالإنسانيات الرقمية، وهو مجال أكاديمي آخذ في الاتساع تقدم البروفيسورة الإسبانية التي أصبحت مرجعية دولية في هذا الحقل المعرفي، عددا لا حصر له من الأمثلة التي تتجاوز بكثير مجرد استخدام التكنولوجيا كوسيلة لإنجاز العمل اللغوي أو إعداد قواعد البيانات أو التحول الرقمي للتراث الثقافي ضمن العديد من القضايا المحدودة داخل الدراسات الإنسانية في الفضاء الأكاديمي. وقالت “تندرج أمور مثل جعل الآلات تتحدث، وتستوعب، وقادرة على معالجة كميات ضخمة من النصوص، دون الحاجة لقراءتها واستخلاص المعلومات أو تقييم المشاعر داخل مجموعة من التعليقات، وغيرها تحت مسمى الإنسانيات الرقمية. لذلك فإنه من الأهمية بمكان تطبيقها على كل مجالات الذكاء الاصطناعي”. يشار إلى أن جونثاليث بلانكو بدأت مسارها الأكاديمي كدارسة للغويات، وتمكنت من خلال الإنسانيات الرقمية من دخول عالم الأعمال، وتعمل حاليا مديرة عامة لشركة “كفرواليت أوروبا” للتأمين، وهو ما أهلها لتحتل مكانة متقدمة في تصنيف “100 سيدة رائدة في مجال الأعمال في إسبانيا” ضمن إنجازات أخرى. ومع ذلك توضح أن هناك سلسلة من العقبات المختلفة تعيق تقدم هذا التقارب البطيء وباهظ الثمن بين الإنسانيات والتكنولوجيا. يبرز بين هذه المعيقات نظام الجامعات الإسبانية نفسه، والذي تصفه بأنه شديد الجمود وأن أساتذته معظمهم من كبار السن ومن ثم لا يرحبون كثيرا بالعالم الرقمي. هناك أيضا ما تطلق عليه “الرهاب الرقمي” أو التكنوفوبيا، موضحة، “هناك الكثير من الأساطير، كثير من المخاوف، والرفض للتكنولوجيا، ما زالت تتركز في أن الروبوتات سوف تسيطر على العالم وسوف تتحكم في مصائرنا وتحتل وظائفنا”. تقول البروفيسورة إن إسبانيا دخلت مجال الإنسانيات الرقمية متأخرة مقارنة بدول مثل إنجلترا، أو ألمانيا أو فرنسا، ولهذا ما تزال مهمشة بالنسبة لدوائر تمويل أنشطة هذا المجال على الصعيد الأوروبي. إلا أن إسهام جونثاليث بلانكو نجح في كسر هذا الحاجز وأصبح مركزها على سبيل المثال يحظى بدعم مشروع الـ”بوست داتا” الممول من قبل الاتحاد الأوروبي، وهو محاولة للتواصل بين أنظمة تحليل البيانات المختلفة على مستوى أوروبا لتحليل أساليب نظم الشعر رقميا في مختلف دول القارة. وتتحدث جونثاليث بلانكو، وهي أم لأربعة أبناء، عن عقبات أخرى تواجه النساء في عالم التكنولوجيا حيث تقول “نحن أقلية”، مضيفة “هناك مسألة التأهيل والتحفيز للفتيات منذ الصغر، والتي تراجعت بشكل كبير في مجال أعمال مثل التي أنا بها الآن. المعيقات تتنوع بين التقاليد والشروط المجحفة ومواعيد العمل وغيرها”. وتختتم قولها “أصبحنا نرى يوميا وبشكل متكرر المزيد من البراهين على الصعوبات التي تواجه قصة الحب بين عالمي الإنسانيات والتكنولوجيا، ولكنها مسألة ضرورية وحيوية”.

مشاركة :