أعلنت الإمارات عن نجاح تجربة زراعة نوع من الأرز الكوري وسط الصحراء، في خطوة تؤكد جدية الحكومة في المضي قدما لتحقيق هدف بلوغ الاكتفاء الذاتي من الغذاء عبر المحاصيل المحلية. ومن المتوقع أن يكون أول حصاد للمحصول في شهر أبريل القادم بعد التغلب على عقبة زراعته في تربة رملية قلوية. وتواجه زراعة الأرز في المناطق الصحراوية عادة مجموعة من التحديات مثل الاختلاف في درجات الحرارة بين الليل والنهار وارتفاع مستوى الملح في المياه تحت سطح الأرض. وبالإضافة إلى ذلك، هناك تحديات أخرى تتمثل في انخفاض معدّلات الرطوبة ونقص المياه العذبة والعواصف الرملية ونقص الموارد الزراعية وغيرها من المشاكل. وأشارت مصادر مطلعة إلى أن التجربة النادرة، التي تندرج تحت مسمى “مشروع زراعة الأرز في الصحراء” بطلب من الحكومة الإماراتية في عام 2018، سيتجسد في أول حصاد للأرز الكوري في الصحراء. ونقلت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية عن مصادر، لم تذكر هويتها، قولها إن “نجاح المشروع سيساعد على الحد من ظاهرة التصحر التي تعتبر مشكلة عالمية وسيمثل حلا يمكن تعميمه لمواجهة أزمة الغذاء في العالم”. ووفقا لما ذكرته دائرة تشجيع المناطق الريفية الكورية الجنوبية في وقت سابق هذا الأسبوع، تجري حاليا زراعة الأرز باستخدام تقنية الزراعة الكورية في منطقة الذايد في إمارة الشارقة. وأشارت الدائرة إلى أنه تم زرع الأرز على مساحة تصل إلى أكثر من 2.2 كيلومتر مربع داخل مركز الإصلاح الزراعي التابع لوزارة المناخ والبيئة الإماراتية. ومن المعروف أن تربة المركز هي رملية، وفي حال نجحت زراعة الأرز وتحقيق محصول كبير، يمكن للإمارات إنتاجه في أراضيها التي تبلغ التربة الرملية الصحراوية 97 بالمئة من مساحتها. وقامت كوريا بزراعة تجريبية لثمانية أنواع من الأرز قبل زراعتها ببلدة كيمجيه في تربة بها رمل وقليل من الملح، ونتيجة للزراعة الاختبارية تم اختيار نوع يطلق عليه اسم أسيمي. 2.2 كيلومتر مربع تمت زراعتها بالأرز الكوري في مركز الإصلاح الزراعي التابع لوزارة المناخ والبيئة وقال مسؤول في الدائرة لوكالة يونهاب إن “الشهرين المقبلين سيكونان فترة حاسمة لتحديد نجاح التجربة الإماراتية، وإذا تم تجاوز هذه الفترة سيتم حصاده في شهر أبريل القادم”. وهذه التجربة لا تعد الأولى، فقد تمكّن علماء صينيون في منتصف عام 2018 من زراعة وحصاد الأرز في صحراء دبي، بعد إنتاج سلالة تسمح للمحصول الحيوي بالنمو في الماء المالح. وأنشأ العلماء حينها مزرعة تجريبية على مساحة 100 هكتار، لكي يجري استخدامها بصفة منتظمة قبل التوسع في الإنتاج بعد انتهاء التجارب في أواخر هذا العام، ويتوقع أن يسهم في رفع قدرة المناطق الصحراوية على إنتاج الحبوب. وشرع فريق من العلماء بقياده يوان لونجبين، المعروف بـ”أبوالأرز الهجين”، بالفعل في زراعة المحصول باستخدام الماء المالح المخفف في الصين ونقله مؤخرا إلى منطقة الشرق الأوسط، حيث يعد الماء العذب أثمن من أن يستخدم في محاصيل تزرع بالغمر. وبلغ إنتاج المحصول في ذلك الوقت 7.5 طن للهكتار الواحد، وذلك مقارنة بالمعدل العالمي البالغ نحو 3 آلاف طن للهكتار، مما شجع على التوسع في المشروع. ويهدف المشروع الصيني إلى أن تغطي مزارع الأرز حوالي عشرة بالمئة من إجمالي مساحة الإمارات البالغة 83.6 ألف كيلومتر مربع. وكان باحثون في المركز الدولي للزراعة الملحية في دبي (إكبا) قد تمكنوا في مايو 2018 من زراعة خضروات تتأقلم مع ملوحة التربة والمياه ضمن ظروف الإمارات باستخدام المياه المالحة الناتجة عن وحدات تحلية المياه المعالجة بمياه عادمة. واعتبرت الخطوة حينها الأولى من نوعها التي تزرع فيها النباتات الملحية ضمن المناخ الحار في الحقول المفتوحة، وكذلك داخل البيوت الشبكية البسيطة دون استخدام المياه العذبة بهدف توفير المياه وإدخال هذه المحاصيل ضمن سلة الغذاء المحلية، وبالتالي الإسهام في استدامة الأمن الغذائي مستقبلا. وتسعى الحكومة إلى استخدام مصادر مائية مالحة لزراعة محاصيل غير تقليدية لرفع مستوى الأمن الغذائي وضمان الدخل لدى المزارعين الذين يواجهون تحديات إنتاج المحاصيل في البيئات الحارة والجافة. وقد جسدت الحكومة أفكارها خلال السنوات الأخيرة في تطوير نظم زراعية تتسم بقدرتها على التكيّف مع المناخ، وتنوعها الحيوي وذات تكاليف مقبولة وسهولة استخدامها
مشاركة :