بلغة الأرقام.. لدينا اليوم 50 ناديًا و64 اتحادًا رياضيًا وصفه البعض بأنه مقدمة لعصر النهضة الرياضية القادم للمملكة؛ لامتلاكه مقومات العطاء وتميزه بالفكر الثاقب؛ ما جعله شخصية محورية، لاسيما وأنه رياضي شارك بعدة سباقات للسيارات، وحقق عدة بطولات؛ ففاز ببطولة كأس تحدي بورش جي تي 3 في 2012م، وكان الأول بسباق كأس إطارات تويو بدبي، كما شارك مرتين بسباق الخليج، وكان الأول في عام 2014م، والثاني في عام 2015م، كما حاز على درع فخرية من الشركة العربية للمواد البترولية “ابسكو”. في الحوار التالي مع “رواد الأعمال”، يجيب صاحب السمو الملكي؛ الأمير عبدالعزيز بن تركي بن فيصل بن عبدالعزيز؛ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة، عن كثير من التساؤلات حول الرياضة السعودية ومستقبلها. *حدثنا عن انتقالك من العمل الخاص إلى العمل الحكومي؟ – دخلت المجال الرياضي من واقع الحب والممارسة، ثم تطور إلى الاحتراف. وعندما بدأت ممارسة رياضة السيارات، لم يكن بالمملكة اتحاد لرياضة السيارات؛ لذا حصلت على أول رخصة من دولة البحرين، ثم أسسنا الاتحاد وأصبح لدينا حلبة، وبدأنا نعمل وفق الإمكانيات المتاحة لرياضة السيارات بالمملكة. واليوم نشهد عددًا من المشاركات برياضة السيارات والبطولات الدولية والعالمية، وأصبح عدد المسجلين بالاتحاد أكثر من خمسة آلاف متسابق، ثم تطور العمل؛ حتى حظيت بالثقة الملكية الغالية من مولاي خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد؛ لأن أكون نائبًا لرئيس الهيئة العامة للرياضة. حينها اتصلت بوالدي، وأخبرته بأنني تلقيت اتصالًا لتعييني نائبًا لرئيس مجلس إدارة الهيئة، فقال لي: “سمعاً وطاعة”. ولا شك في أنه أمر جميل، أن أكسب ثقة ولاة الأمر في مكان حساس تتضاعف فيه المهام، لكنه يزيد إحساسي بالمسؤولية والالتزام لتقديم الأفضل، خصوصًا أنه قطاع عام يتابعه كثيرون، ويتطلب كثيرًا من العمل. والحمد لله، الذي وفقني خلال الثلاث سنوات الماضية كنائب ورئيس للهيئة، طامحًا إلى تطوير القطاع بالمملكة. الرياضة ممارسة وليست متابعة *ما هي الأدوار المطلوبة حاليًا من هيئة الرياضة؟ – تعنى الهيئة العامة للرياضة، بالرياضة بشكل عام. ولكي نفهم دورها، يجب فهم دور الأطراف التي تندرج تحتها، فهي اليوم المشرع القانوني والرياضي في المملكة لجميع الرياضات، سواء الممارسة على الطرق العامة أو حتى في الاحترافات والبطولات التي يقيمها الاتحاد؛ إذ تنقسم الرياضة إلى كثير من الأقسام، سواء كممارس، أو كرياضي، أو كمجال عمل: إداري أو طبي. إننا نسعى لتعزيز مفهوم أن “الرياضة ممارسة وليست متابعة”، فالذي يتابع الرياضة ليس رياضيًا؛ وذلك من أهم استراتيجيات الهيئة العامة للرياضة، توعية المجتمع بأهمية الممارسة. والحمد لله، عندما تتحدث مع العامة في الشارع عن أهمية الرياضة يقولون لك: “نعم مهمة”، فتقول لهم: “هل تمارسون الرياضة” فيجيبون: “ليس لدينا وقت”. إننا نسعى لتوفير الجو العام للعامة لممارسة الرياضة، وبما أن الوعي موجود بأن الرياضة أساس للشخص لتطوير حياته؛ فهذا يسهل كثيرًا من العمل، ولكننا نسعى الآن لتهيئة لهم الجو العام من حيث التدريب والإمكانيات. لدينا هدفان في رؤية 2030م *أي من برامج رؤية 2030 مرتبط بكم؟ – تخضع الهيئة لبرنامج جودة الحياة؛ أحد البرامج الاثني عشر المنبثقة من الرؤية. ولدينا هدفان في رؤية 2030م: • الأول: زيادة نسبة الممارسة؛ حيث وضع هدف في عام 2015م بزيادة عدد الممارسات من 13% إلى 20% في العام الحالي 2020م وقد حققنا هذا الهدف في عام 2018م حسب إحصائيات هيئة الإحصاء. • الثاني: تحسين مكانة المملكة في المنافسات الدولية، وتطوير لاعبي النخبة إلى المنافسات الدولية؛ لننافس في البطولات بشكل أفضل، ونحقق التميز في المباريات الدولية، وجميعها يسير معًا جنبًا إلى جنب. وضعنا آلية للحوكمة وأخرى للنظام الإداري والمالي *إلى أين وصل برنامج تخصيص الأندية الرياضية؟ – يخضع تخصيص الأندية الرياضية لبرنامج التخصيص الوطني، الذي لدينا عمل كبير معه؛ إذ شهد تطورًا كبيرًا في مرحلة سابقة. وقد قمنا من خلال استراتيجية دعم الأندية، بتغيير لوائح وأنظمة الأندية، فوضعنا آلية للحوكمة، وأخرى للنظام الإداري والمالي للأندية، كما وضعنا معايير للأندية يجب أن تلتزم بها وتنفذها؛ حتى تستوجب فك الدعم الذي يُقدم لها. كذلك، طورنا بعض الأمور النظامية بلوائح وأنظمة الأندية؛ حتى نعطي استقلالية للنادي، ليستطيع اتخاذ قراراته، وخاصة فيما يتعلق بإدارته؛ إذ أصبح مجلس إدارة النادي هو المسؤول عن جميع القرارات؛ فهو من يمنح الصلاحيات للمدير التنفيذي. وينقسم أعضاء النادي إلى قسمين: ذهبي، وعادي، وهم من ينتخبون رئيس مجلس الإدارة، وهذا يحدث لأول مرة في الدوري الممتاز، وكان تحديًا بالنسبة لنا، أنجزناه بجهود كبيرة من الإخوة بالهيئة، وصممنا على تطبيق هذه المعايير بأن يكون هناك إدارات للأندية لأربع سنوات؛ ما يوفر الاستقرار المطلوب للنادي. كذلك أقررنا وجود منصب الرئيس التنفيذي؛ لأداء المهام التنفيذية، على أن يتولى رئيس مجلس الإدارة، الأدوار الإشرافية، ووضع استراتيجية العمل؛ مثل ما يحدث في كل المؤسسات والشركات الخاصة. ومن بين معايير الحوكمة التي وضعناها، الارتقاء بكفاءة العاملين بالأندية؛ حيث أتوقع- عند انتهاء دورنا كجهة مسؤولة عن الأندية واللوائح وغيرها- أن يكون القطاع الخاص متعطشًا لدخول هذا المجال والاستثمار فيه. وهناك نقطة مهمة أود الاشارة إليها، وهي أن اللائحة تسمح للشخص باستخراج رخصة نادٍ خاص، وفق شروط ومعايير محددة، وهذه هي الخطوة الأولى لتخصيص الأندية. إنتاجية الأندية شرط *وماذا عن تخصيص الأندية القائمة أصلًا؟ – يتطلب هذا الأمر معايير، وضبط الجو العام فيما يتعلق بحوكمة الأندية وآلية مرجعيتها، والأمور القانونية؛ ما يتطلب وقتًا طويلًا، ولكن أتوقع بنهايتها سيكون هناك طلب كبير على دخول هذا المجال. وليس هناك إطار زمني محدد لإكمال تخصيص الأندية، ولكننا وضعنا آلية جديدة لمعايير الأندية ولوائحها وأنظمتها، ففي كل سنة تزداد شدة معايير الحوكمة؛ حتى نصل إلى المعيار الذي يُطبق في الفيفا والمنظمات الدولية، وعندما نتأكد من إنتاجية الأندية وكفاءتها وعملها، حينها تقرر الدولة ما إذا كانت ستخصص أم لا. اهتمام ودعم ولي العهد *كيف يتابع سمو ولي العهد ملفات القطاع الرياضي، ويعمل معكم على الارتقاء بها؟ – نحظى في القطاع الرياضي بدعم كبير من خادم الحرمين الشريفين، ورعاية واهتمام سمو ولي العهد ودعمه الشخصي؛ فهو مهتم بكل صغيرة وكبيرة في مجال الرياضة؛ حيث نجتمع أسبوعيًا تقريبًا لمناقشة كل البرامج التي نعمل عليها، وكيفية الارتقاء بها، مع مناقشة لوائح وأنظمة الأندية. ويرى سمو ولي العهد أن القطاع الرياضي بشكل عام قطاع مهم وملهم، وأنه لم يُطور بعد بالشكل الذي يجب أن يكون عليه، ويدرك أن فئة الشباب هي أكبر فئة في المجتمع، ويعرف مدى متابعتهم للرياضة، ويطمح في الوصول إلى أفضل المراكز، سواء على مستوى الممارسة أو النتائج لمنتخباتنا المختلفة، مع دعم المواطن السعودي لمنافسة جميع الدول. ونحن محظوظون في القطاع الرياضي باهتمام ومتابعة ولي العهد بهذا القطاع وليس لأشخاص فيه، وحرصه على الارتقاء به إلى ما تصبو إليه المملكة، فاليوم القطاع الرياضي، كالاقتصاد الرياضي يُعد من أقوى الاقتصادات في العالم، ولكنه لا يؤثر عندنا بالمملكة حتى بـ 0.1 % من الناتج القومي؛ لذا هدفنا في 2030م تحقيق نسبة 0.8% بإذن الله. كل هذه الأمور تمثل تحديًا كبيرًا، وتتطلب عملًا كبيرًا، ولكنَّ جميع وسائل الدعم متاحة لنا للارتقاء إلى ما تصبو له قيادتنا الكريمة؛ لحرصها على كل ما في مصلحة الرياضة بشكل عام. وفي الحقيقة، لولا توفيق الله، ثم اهتمام ومتابعة وحرص سمو ولي العهد على هذا القطاع، لما حظينا بهذه النقلات النوعية التي حدثت خلال السنوات الثلاث الماضية. لغة الأرقام *بعد عام من توليك رئاسة الهيئة العامة للرياضة، ما أهم ما تحقق بلغة الأرقام؟ – بالنظر إلى الأرقام التي حققناها ضمن رؤية 2030 ، نجدها قفزت من 13% إلى 20%، كما حققنا استراتيجية دعم الأندية، فمن بين170 ناديًا تحت مظلة الهيئة، كان هناك تسعة أندية فقط مفعّلة، و 10 رياضات أو أكثر. ومن خلال استراتيجية دعم الأندية وتخصيص جزء من المبلغ لرياضات مختلفة، أصبح لدينا اليوم خمسين ناديًا بها 10 رياضات أو أكثر. أيضًا بالنسبة للاتحادات، عندما عُينت نائبًا لرئيس الهيئة، كان لدينا 32 اتحادًا، أصبحوا اليوم 64 اتحادًا، وكان ذلك أحد مستهدفاتنا؛ كون الاتحادات هي المظلة الأساسية لممارسة أي رياضة. والآن أي شخص يرغب في ممارسة أي رياضة، يحق له ممارستها بطريقة نظامية، تحت مظلة قانونية رسمية. *كيف حققتم هذه القفزة في تشجيع ممارسة الرياضة للجميع؟ – حققناها عبر البرامج، فلم نبنِ منشآت جديدة، بل بدأنا نتعاون مع الجهات الأخرى، كالأمانات ووزارة الداخلية وغيرها؛ لتفعيل البرامج في الأماكن العامة. وكان هناك أمور تعقّد ممارسة البعض لهذه الرياضة، لكن اليوم بالتخاطب والتعاون مع الجهات الأمنية، أصبح الأمر سهلًا لكل من يريد ممارسة الرياضة باطمئنان وثقة، كما فتحنا منشآت الهيئة لمن يود ممارسة الرياضة، بعد تفعيلها بالبرامج والكفاءات التي تديرها. * ما أهم درس تعلمته في عملك، وتهديه لقادة المستقبل؟ – الإيمان بالعمل الذي تقوم به، وإخلاصك فيه، مع الصبر على ما يواجهك، مع توحيد الهدف الذي تسعى إلى تحقيقه.
مشاركة :