غزة.. شاب يقتحم مهنة التطريز حفاظا على التراث

  • 1/4/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ما يدفع أبو طعيمة لذلك، وفق حديثه لوكالة الأناضول، عامليْن، الأول شغفه بالتطريز، والثاني المحافظة على التراث الفلسطيني. الفتاة عُلا أبو عامر (14 عاما)، تواصل تعلّم أسس التطريز للشهر الثالث على التوالي، بعد أن التحقت في هذه الدورة التدريبية من دافع حبّها للحرفة. تستغل الفتاة الإجازة المدرسية النصفية لتنمية مهاراتها في التطريز، فهي تعمل حاليا على صناعة محفظة يد صغيرة خاصة بها. وتقول لـ"الأناضول"، إنها صممت عددا من المشغولات اليدوية المطرّزة الخاصة بأثاث منزلها، وستواصل تعلّم فن التطريز حتى تحترفه تماما حينما تكبر، لتفتتح مشروعا خاصا بها. أما ندى بركة (16 عاما)، تتلقى تدريبها العملي في التطريز للعام الثاني على التوالي، فيما التحقت بدورات مجانية أخرى لها علاقة بصناعة الإكسسوارات وفن الكروشيه. ترى بركة في هذه المهنة فرصة مستقبلية قد تساعدها في تأسيس مشروع صغير خاص بها إلى جانب توفير ما تحتاجه أسرتها من المطرّزات بشكل ذاتي. **بداية التطريز ورث الشاب أبو طعيمة مهنة التطريز عن والدته منذ أكثر من 9 أعوام، فيما تعلّمها بداية عن طريق المراقبة. ويقول إنه كان يراقب والدته أثناء انشغالها بتطريز القطع القماشية التي ستصبح لاحقا جزءا من ملابس، أو إكسسوارات نسوية. غرزة غرزة، تعلّم أبو طعيمة فن التطريز وأسسه العامة، وأمسك "إبرة" التطريز للمرة الأولى حينما كان في الـ15 من عمره. ويوضح أن شغفه في التنسيق بين الألوان المختلفة وتدرجاتها ساعده في التقاط حرفة التطريز وإتقانها وجعلها مصدرا للرزق. إلى جانب ذلك، فإن المحافظة على التراث الفلسطيني كان دافعا قويا لاحتراف أبو طعيمة فن التطريز. وبدأ أبو طعيمة مشواره في عالم التطريز الخاص بالنساء بنقش رسومات وطنية، كالكوفية الفلسطينية، وخارطة وعلم فلسطين، ومفتاح العودة. ويستكمل قائلاً: "بداية التطريز كانت بالنسبة لي سهلة للغاية، خاصة في ظل التعليم الودي الذي وفرته والدتي". وبعد فترة زمنية، انتقل أبو طعيمة إلى صناعة المحافظ والحقائب النسوية المطرّزة والإكسسوارات المنزلية المطعّمة بالنقوش التراثية. خلال فترة عمله، فعّل أبو طعيمة صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، من أجل تسويق بضاعته وعرضها على الزبائن مع إتاحة تصميم قطع وفق رغبة الزبون. **تحديات مجتمعية لم تكن مهنة التطريز بالنسبة للشاب أبو طعيمة سهلة، حيث اصطدم بعدد من التحديات المجتمعية أبرزها العرف السائد أنها مهنة للنساء فقط. وخلال الحرب التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة صيف 2014، حاول أبو طعيمة أن يساهم في تقديم الدعم النفسي للمواطنين الذين نزحوا من منازلهم في تلك الفترة. فحمل كافة مستلزمات التطريز والخيطان الملّونة، وتوجّه نحو إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، والتي استقبلت آنذاك هؤلاء النازحين. أجرى عدد من الدورات التدريبية للفتيات والسيدات المتواجدات داخل المدرسة، كما شارك فيها عدد من الرجال والشبان. لكن المهنة التي تحتاج إلى صبر وقدرة على التحمّل والتركيز في التفاصيل الصغيرة أثارت امتعاض الشبان ووصفوها بمهنة النساء، أما أبو طعيمة فقد وصفوه بـصفات اعتبرها جارحة، على حدّ قوله. شكّلت هذه الحادثة صدمة لأبو طعيمة، أوقفته عن ممارسة مهنة التطريز أربعة أعوام. لكنّه خلال الأعوام الأربعة تلك، كان يعمل سرّاً، بدون علم أحد من عائلته، على تطريز عدد من القطع القماشية من أجل حبّه لهذا الفن دون عرضها للبيع. **عودة قوية في عام 2018، عاد أبو طعيمة إلى ممارسة مهنة التطريز بعد أن لاقى تشجيعا من عائلته وأصدقائه. كسر الشاب الأعراف المجتمعية آنذاك، وافتتح مشغلا صغيرا للتطريز في الحي الذي يقطن به جنوبي قطاع غزة. لم يستسلم أبو طعيمة للانتقادات التي أحبطته في بداية مشواره، وقرر أن يقفز عن الأعراف التي يصفها بـ"الخاطئة". وتابع قائلاً: "بعض الأعراف المجتمعية ليست إلا أفكار ومعتقدات خاطئة، فالعمل في مهنة التطريز يهدف إلى الحفاظ على التراث الفلسطيني، وهذا أمر ليس حكرا على النساء، وليست مهنة نسوية بقدر ما أنها فن وتراث". كما أعلن أبو طعيمة آنذاك افتتاح باب التدريب المجاني لكل الراغبات في تعلّم فن التطريز، فيما التحقت بهذه الدورات العشرات من فتيات الحيّ. ويحاول أبو طعمية تطوير أعماله فأدخل فن الكروشيه وصناعة الإكسسوارات بأنواعها المختلفة. واعتبر هذا المشروع مصدرا للدخل في ظل انعدام فرص العمل بغزة، وارتفاع نسبة البطالة بين الشباب في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع. وتفرض إسرائيل منذ نحو 13 عاما حصارا مشددا على غزة، ما أدى إلى زيادة كبيرة في نسب الفقر والبطالة في القطاع المكتظ بالسكان. ووفق بيانات حكومية وحقوقية، فإن نسبة البطالة بغزة ارتفعت نهاية 2018 إلى 52 بالمائة، فيما تخطت نسبة الفقر الـ80 بالمائة. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :