دخل الأزهر بقوة على تطور الأحداث في ليبيا عقب قرار البرلمان التركي الموافقة على إرسال قوات عسكرية لمساندة حكومة «الوفاق» في ليبيا. وأدانت هيئة كبار العلماء بالأزهر، أمس، «التصعيدات تجاه ليبيا». ودعت «دول العالم إلى منع التدخل الخارجي في ليبيا قبل حدوثه، وحفظ السلم والأمن الدولي، ورفض سطوة الحروب التي تقود المنطقة والعالم نحو حرب شاملة». وأعلنت الهيئة دعمها الكامل للموقف المصري للحفاظ على أمن مصر وسلامتها، وأمن المنطقة بأكملها، مؤكدة أن «هذا الموقف ليس بجديد على مصر، التي كانت ولا تزال سداً منيعاً ضد العبث بأمن الشعوب العربية والإسلامية وسلامتها». فيما أكد الشيخ صالح عباس، وكيل الأزهر لـ«الشرق الأوسط»، أن «التصعيد يهدد أمن واستقرار المنطقة». كانت الخارجية المصرية قد شددت مجدداً مساء أول من أمس، على «رفض القاهرة التصعيد في ليبيا من قِبل تركيا». وتطالب القاهرة «بضرورة تفعيل كل الآليات الممكنة للحيلولة دون حدوث أي تدخل في ليبيا بما يخالف القانون الدولي». وتؤكد «أهمية العمل للحفاظ على فرص التوصل إلى حل سياسي». وقالت مشيخة الأزهر في بيان لها، أمس، إنه «انطلاقاً من مسؤولية هيئة كبار العلماء بالأزهر تجاه العالم العربي والإسلامي، عقدت الهيئة اجتماعاً طارئاً برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، لمناقشة الأحداث الأخيرة التي تمر بها ليبيا». وأكدت الهيئة حسب بيان المشيخة أن «أي تدخل خارجي في الأراضي الليبية، هو فساد في الأرض، و(مفسدة) –على حد وصف البيان- لن تؤدي إلا إلى مزيد من تعقيد الأوضاع في ليبيا، وإراقة المزيد من الدماء وإزهاق الأرواح البريئة». ورفضت الهيئة ما اعتبرته «(منطق الوصاية) الذي تدّعيه بعض الدول الإقليمية على العالم العربي، وتتخذه ذريعة لانتهاك سيادته»، مؤكدة أن «حل مشكلات المنطقة لا يمكن أن يكون إلا بإرادة داخلية بين الأشقاء». من جهته، قال الشيخ صالح عباس، إن «الأزهر يتابع الأحداث في ليبيا، ويبدى قلقه الشديد من التصعيد العسكري الذي يفاقم من الوضع المتأزم في ليبيا، ويهدد أمن واستقرار منطقة المتوسط ودول الجوار الليبي»، مؤكداً أن «الحل السياسي هو السبيل الوحيدة لعودة الأمن والاستقرار في ليبيا والقضاء على الإرهاب»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأزهر يسهم دائماً في إرساء أسس التعايش السلمي على مستوى القارة الأفريقية، لتحقيق التنمية، والتوعية بمخاطر التطرف والإرهاب، من خلال البعثات الدعوية والإغاثية وقوافل السلام، وكذا من خلال المنح الدراسية التي يوفرها لطلاب القارة الأفريقية للدراسة في الأزهر». ودعت هيئة كبار العلماء (وهي أعلى هيئة دينية في مصر) في ختام بيانها أمس، «الليبيين إلى تغليب صوت العقل والحكمة، ورفض الاستقواء بالخارج؛ لما يمثله ذلك من تدمير لمستقبل ليبيا، وتفتيت لوحدة ترابها، وتمزيق أواصر الأخوة بين أبنائها». معربةً عن «أملها في انتهاء هذا الصراع»، داعيةً الله أن «يحفظ مصر والمنطقة العربية وشعوبها، وأن ينعم عليها بالأمن والسلام، وأن يجنّبها مخاطر الحروب وويلات النزاعات التي يجب تجنبها بكل وسيلة ممكنة». في غضون ذلك، يواصل مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، والمنظمة العالمية لخريجي الأزهر بالقاهرة، عقد دورات لأئمة أفريقيا، خصوصاً أئمة ليبيا، لتأهيلهم لمواجهة الأفكار المتطرفة. وقال أكرم الجراري، رئيس فرع منظمة خريجي الأزهر في ليبيا، إن «هذه الدورات تأتي في ظل تصاعد وتيرة العنف وانتشار الأفكار الظلامية». وأكد مسعود شفتر، أحد أئمة ليبيا، لـ«الشرق الأوسط»، «ضرورة نشر المنهج الوسطي في ربوع ليبيا، ورصد وتفنيد ما تنشره الجماعات الإرهابية من أفكار متطرفة». وذكر بيان لفرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر في ليبيا، أمس، أن «ليبيا دولة ذات سيادة، ولا يمكن لأي قوة خارجية أن تعبث بأمنها واستقرارها ونهب ثرواتها». ودعا الليبيين إلى «الاصطفاف حول قواتهم المسلحة، والأجهزة الأمنية للدفاع عن الوطن».
مشاركة :