في بداية كل عام جديد، يسعى السيّاح عادة إلى البحث عن أفضل الوجهات السياحية التي يمكن زيارتها والاستمتاع بإجازة مميزة فيها. وتعد القارة الأوروبية هذه السنة، إحدى أغنى الخيارات السياحية. وقد أورد موقع بيزنس إنسايدر الأميركي، قائمة بأفضل الوجهات السياحية في أوروبا لعام 2020 وفقا لتصنيف “ترافيل آند تريغر” العالمي، هذه القائمة لم تذكر عواصم ومدن سياحية شهيرة كباريس وروما ولندن وغيرها من المناطق التي استهلكها السياح وأصبحت مواقع مملّة بالنسبة إليهم، بل ذكرت عاصمة واحدة ومناطق صغيرة قد تسحر من يضعها ضمن برامجه الترفيهية، خاصة في فصلي الربيع والصيف. لؤلؤة نهر الدانوب العاصمة الوحيدة التي أتت ضمن أفضل الوجهات السياحية للعام الجديد هي بودابست، المدينة التي تتميّز بتراثها المعماري والتاريخي الغني، فهي توفر مزيجا لا مثيل له من الثقافة وفن الطهي ومزايا الحمامات الحرارية ومناظر التراث العالمي. لؤلؤة نهر الدانوب ليست فقط أفضل وجهة أوروبية، بل هي أيضا واحدة من أجمل المدن وأكثرها أمانا في العالم. بودابست كانت في الأصل مدينتين على طرفي نقيض في نهر الدانوب حتى سنة 1873 عندما أصبحت مدينة موحّدة. وتعتبر المدينة ذات جانبين ولها خصائص مختلفة مع بودا كونها واحدة من المدن الجبلية ذات الشوارع الضيقة والكثير من المناطق السكنية الخضراء وهي مشهورة بأنها المركز الحضري للمدينة ووجود المبنى الشهير في البرلمان على طول ضفاف النهر. هذه المدينة القديمة لديها بقايا من زمن الاحتلال الروماني والعثماني وكذلك عصر النمساوية المجرية جعلت له تأثير خاص على غرار المدينة والهندسة المعمارية. هذه المدينة تمتاز بمواقعها التاريخية كقلعة بودا وهي قصر ملكي، حيث يمكن للسياح قضاء ساعات طويلة دون الشعور بالملل، حيث الاستمتاع بجولة في المناظر الجميلة بين الآثار الموجودة، والتقاط صور سيلفي في معمار ذات خصوصية تاريخية. ويعتبر الكنيس الكبير هو السوق الأكبر في أوروبا، حيث تعتبر زيارته تجربة متميّزة في داخله أو في الحي اليهودي. ومن المواقع التاريخية الكثيرة في العاصمة الهنغارية، هناك فيشرمان باستيون التي تقع على قمة تلّ غاليرت، وهي قلعة شيّدت بعد حرب استقلال هنغاريا، وتضمّ متحفا في الهواء الطلق يحتوي علي تاريخ التل والمدينة في تلك الفترة، ويمكن مشاهده إطلالة ساحرة من القلعة للمدينة خصوصا في ساعات الليل عندما تضاء المباني. لا يمكن لزائر بودابست أن يفوّت فرصة حمّام حراري من الحمّامات التقليدية التي تشتهر بها المدينة، والتي تُعرف بالسبا وتمتاز بأن لكل منها أسلوبه الخاص والخصائص الأكثر شعبية هي تشيشينيا غيليرت وروداس. وتزخر بودابست بمطاعم توفّر وجبات يمتزج فيها المطبخ النمساوي والأوروبي وحتى الشرقي وبأسعار معقولة، ولتناول وجبة الغداء مثلا، هناك مطاعم تسمَّى “حمص بار”، وتقدِّم أطباق الحمص الشهيَّة، فضلًا عن الوجبات الشرقيَّة، مثل، الفلافل والشاورما. مدينة أخرى في أوروبا الشرقية أدرجها موقع بيزنس إنسايدر على قائمة أفضل الوجهات السياحية الأوروبية، هي بوزنان البولندية، وتقع على نهر فارتا في الغرب بُنيت على طراز عصر النهضة. وتتميّز بمتاحف من القرنين 13 و16، وفيها مدارس وكليّات كثيرة للدراما والموسيقى والثقافة والفنون. كما يشكّل مركز المدينة القديم مركزا سياحيا هاما وجذابا، إلى جانب العدد الكبير من الكنائس والقصور والقلاع التاريخية. من بودابست في أوروبا الشرقية والتي يفضل زيارتها في الصيف إلى البرتغال حيث تجذب براغا السياح من جميع أنحاء العالم، وهي مدينة صغيرة تبعد مسافة ساعة واحدة بالقطار من مدينة بورتو. مدينة رائعة وجذابة ومليئة بالحياة تختصر تاريخ الكنسية في أوروبا وتأخذ ثناياها التاريخية السائح إلى الشاطئ لا ليستريح من عناء الرحلة، بل ليجد له متسعا من الوقت ليرتب في ذاكرته ما شاهده في العديد من المزارات المسيحية، حيث تضم المدينة أجمل الكنائس في البرتغال، مثل المتحف المقدس وكنيسة يسوع الصالح وغيرهما. ويقع هذا المتحف المقدس في الخزانة الكاتدرائية ويتوزع مع مجموعة غنية من الأعمال الفنية الدينية وغيرها من الكنوز الكنسية من تماثيل قديمة، ومنحوتات تخطيطية، وبلاط أزوليجو الجميل من القرن السابع عشر والثامن عشر بين المعارض الدائمة. وتعتبر كنيسة يسوع الصالح من أكثر المحميات الدينية إثارة للإعجاب، وتقع على سفح جبل إسبينيو ليستغرق بناؤها على الطراز الباروكي، ما يزيد عن 600 عام، تنحدر منها حديقة خضراء على طول الجانب الغربي من الجبل فيها عدد من النوافير والمنحوتات. ويعتبر جسر دي باركا الذي يقع على بعد ثلاثين كيلومترا شمال المدينة تتواصل متعة الجولة على نهر ليما، حيث تنتشر الحدائق والمنتزهات ذات الإطلالات الرائعة مثل حديقة الشعراء الذي يغني اسمها على وصفها، وبالقرب من الجسر يمكن للسائح أن يراقب من سوق البرغوث صفقات الصيادين اليومية. وتبتعد عن جسر دي باركا بوابة برافايس حوالي خمسة كيلومترات، وتحتوي هذه البوابة التي وقع بناؤها في القرن الثالث عشر على العديد من الكنوز القديمة، وأفضل منحوتات البرتغال، وتتزين بمنحوتات على شكل القردة والصقور، وتحتوي على أعمدة مقوّسة على الواجهة الرئيسية في البوابة، ونحت يمثّل المسيح وهو محاط باثنين من الملائكة، كما تحتوي على بعض الزخارف الداخلية الرائعة، وبقايا لوحات جدارية تعود إلى القرن الرابع عشر الميلادي. ومن يريد أن يتابع الحياة اليومية للبرتغاليين في المدينة يكتفي السائح بجلسة في ساحة الجمهورية في قلب المدينة القديمة، وهي عبارة عن ساحة طويلة وكبيرة، محاطة بأبنية سكنية مرتفعة، تحتوي الساحة على العديد من المقاهي والمطاعم المميزة. ملقة برائحة عربية غير بعيد عن البرتغال، تقع مدينة ملقة في جنوب إسبانيا، وتعتبر من أكثر المناطق اكتظاظا بالسياح من الوجهات المقترحة في أوروبا لهذا العام الجديد. وأسس المدينة الفينيقيون على ساحل كوستا ديل سول، وحكمها الرومان ومن بعدهم المسلمون لمدة 800 عام. وهي من أكثر المدن الإسبانية تميزا بموقعها الجغرافي والتاريخي الغني بالتنوع، إضافة إلى بحرها المنعش بفضل المناخ المعتدل، كما تعدّ ثاني أهم ميناء يقع على البحر الأبيض المتوسط بعد برشلونة، حيث يمكن للسائح من خلال زيارته لهذا المكان التمتع بمشاهدة العشرات من السفن، كما يمكنه القيام برحلة بحرية لا تنسى. ويتميّز الميناء أيضا بوجود عدد كبير من المطاعم، حيث يمكن تناول طعام شهيّ من المطبخ المتوسطي في ظل جوّ رومانسي وجذّاب وبإطلالة ساحرة على البحر. ومن أفضل المواقع التاريخية التي تجذب السياح العرب خاصة القلعة التي تعتبر معقل ملوك المغاربة في إسبانيا، وقد بُنيت هذه القلعة المغربية القديمة في القرن التاسع، وأعيد بناؤها في القرن الحادي عشر، وتقع في قلب جبل طارق وبداخل القلعة توجد نماذج فنية رائعة من العمارة الإسلامية، ومتحف المقاطعة للفنون الجميلة يحتوي على مجموعة دائمة ممتازة من اللوحات المحلية التي تعود للقرن التاسع عشر، بالإضافة إلى القطع المشهورة للفنانين الإسبانيين. المدينة القديمة أيضا تسافر بالسائح العربي في صفحات التاريخ، وتتميز هذه المدينة بالطرق الواسعة وتتزين جدرانها بالنقوش الأثرية الرائعة، كما تكتظ بمجموعة كبيرة من المطاعم التي تقدّم أشهى المأكولات المحلية والعالمية، بالإضافة إلى عدد كبير من المقاهي البارات. ومن المعالم التي لا يستحق السائح عناء في العثور عليها كنيسة سيدة النصر، ويعود تاريخ هذه الكنيسة الباروكية إلى القرن السابع عشر، وهي نصب تذكاري مهم تم بناؤه في الموقع الذي نصب فيه الملوك الكاثوليك حصارا لمالقة خلال فترة إعادة التأبين، وتحتوي الكنيسة على ضريح سيدة النصر، ومن بين اللوحات والمنحوتات التي تزين الكنيسة يوجد تمثالان بارزان قام بنحتهما الفنان بيدرو دي مينا. العطلة في ملقة لا تقتصر على زيارة المواقع التاريخية، إذ يمكن للسيّاح الاستمتاع بهواء البحر المنعش على الأرصفة، أو التسوق في المارينا، كما يمكن تسلق قمة قلعة جبل طارق للحصول على منظر لإحدى أجمل المدن في أوروبا. تعتبر جزيرة مونتي إيزولا من أجمل الوجهات في أوروبا التي اختارها موقع بيزنس إنسايدر، وتشتهر باحتوائها على الكثير من المباني التاريخية التي تعود إلى العصور الوسطى، ففيها الكنائس ذات الطابع المعماري المهيب، والقلاع التي بُنيت في القرن الخامس عشر الميلادي، وذلك إلى جانب المتاحف التاريخية والمعارض الفنية، وضريح مادونا ديلا سيريولا الذي يعتبر أعلى بقعة في الجزيرة. وتتبدّل مشاهد الجزيرة بحسب تبدّل الفصول، ما جعلها لؤلؤة ايطاليا الحقيقة، لأنها تلخّص كل جمال ايطاليا، وقد حصلت على لقب وجهة التميز الأوروبية من المفوضية الأوروبية، نظرا إلى السياحة المستدامة، كونها تحرص على صناعتها المحلية، كما تحظر استعمال السيارات فيها، ويسمح لسكانها قيادة الدراجات النارية والهوائية فقط. وتجذب الجزيرة السياحة من الشباب الباحثين عن المغامرة من هواة تسلق الجبال، والفنانين الذين جعلوها مصدر إلهامهم، كما تجذب العائلات الباحثة عن الاسترخاء في أحضان الطبيعة التي تتنوع بين الجبال الشاهقة والشواطئ ذات المياه الصافية، بالإضافة إلى المطاعم العالمية والمحلية، والفنادق والمنتجعات التي تقدّم أفضل الخدمات، والمراكز التجارية والترفيهية، والأسواق الشعبية. ولمن أراد اكتشاف واحدة من أكثر الوجهات العصرية في فرنسا، فمدينة ميتز هي المكان المناسب. وتقع ميتز في الشمال الشرقي لفرنسا على بعد 82 دقيقة فقط من باريس بالقطار، وهي مدينة مثالية لقضاء عطلة قصيرة، فيها شوارع التسوق الحيوية ومسارات المشي على ضفاف النهر، ما يجعلها مثالية للمشاة وراكبي الدراجات والأشخاص الذين يبحثون عن التسلية والاسترخاء في الحدائق الصديقة للعائلة.
مشاركة :