الطفل السوري "أسيد برهو" يبلغ من العمر 14 عاما كاد في ديسمبر العام الماضي ان يفجر نفسه بحزام ناسف ويقتل العشرات من الطائفة الشيعية بمسجد بالعراق، هذا الطفل الذي ارسله التنظيم الارهابي داعش لقتل الابرياء بالمسجد، كان طموحه ان يصبح طبيبا ويعشق كثيرا فن نانسي عجرم وافلام جاكي شان. كان شجاعا بكل ما تعنيه الكلمة، لانه قبل التفجير سلم نفسه للشرطة العراقية واخبرهم بالهدف الاجرامي الذي طلبته منه داعش، من يعشق الفنون ويحلم ان يكون طبيبا ويساعد الناس، مهما حاولت التنظيمات الارهابية لغسل دماغه لن تستطيع. للاسف نحن في السعودية لسنا غريبين عن الهجمات الانتحارية، اقسى قصص تفجير الاشخاص انفسهم من اجل قتل الابرياء موجودة في صفحات تاريخنا القريب، في كل مرة نردد "شباب تم التغرير بهم ونصمت".! وكالات الانباء العالمية لم تركز في حادث مسجد القديح بالقطيف كثيرا على عدد القتلى او المصابين او القصص الاخبارية المرتبطة مباشرة بهذا الحدث من ناحية انسانية، انما ركزوا كثيرا على منفذ العملية الانتحارية وعلاقة اللقب الذي يحمله بقتل الشيعة. من قام بتفجير المسجد بالقديح وغيره من ابنائنا السعوديين نجد ان سهولة التغرير بهم مستمرة منذ سنوات وان كانت الطرق تتطور اكثر واكثر، تذكرون الشاب الذي تناولت قصة انضمامه للقتال بالعراق والتقى به برنامج الثامنة، أخونا جالس في بيتهم ويتابع بتأثر مقاطع اليوتيوب والاحترافية التي يعمل بها من يقومون بنشر مثل هذه المقاطع لغزو عقول الشباب تحت مشروع الدعوة للجهاد والاستمتاع بالحور العين..!! لا زال المسلسل مستمرا للاسف، ولازال استغلال وسائل التواصل الاجتماعي بهذا الخصوص اكثر احترافية، في ظل مجتمع منغلق للاسف، ولا نجد فيه أي وسطية بالآراء بدون تجرد، يا ابيض يا اسود، وهذا التناقض الذي زادت حدته كثيرا مع تطور تقنيات الاتصال والتواصل تسبب كثيرا في تزايد عدد شبابنا المنضمين دون عقل او تفكير للمنظمات الارهابية، وتزايد اخبار تفجير انفسهم وقتل الآمنين!! السينما كأداة تثقيفية واداة تسلية يعتبر مجرد الحديث عنها فسقا وفجورا، رغم انها من الممكن ان تكون اداة مهمة لمحاربة التطرف الفكري الموجود لدينا ونعاني منه، اعمالنا الدرامية بعيدة كل البعد عن واقعنا، الكل يريد ان يكون كوميديا سامجا. لدينا شباب سعودي وبالخفاء للاسف يقدمون اعمالا سينمائية رائعة وذات مضمون فكري عميق، ولكن لا صوت لهم، الاسبوع الماضي شاهدت فيلم شقة رقم 6 للبرنامج الجديد والرائع "بعيون سعودية" على ال MBC وصاحب فكرة البرنامج زميلنا رجا المطيري ومن تقديم ناصر القصبي، كان الفيلم ذا رؤية ابداعية بواقعنا الحالي ويجسد جزءا من ألم هذا المجتمع وحصار البعض له بهدف الاستمتاع بالسلطة وليس الهدف الاسمى المفترض ان يقوموا به، مما ولد لنا كبتا اجتماعيا جعل البعض يصل بهم التفكير للتفجير بمسجد، تخيلوا مسجدا واناسا ابرياء ومسالمين ومن ابناء وطننا، اطفالا وكبار سن. الطفل اسيد وحبه لنانسي عجرم وافلام جاكي شان جعله يفكر بالحياة لحظات قبل ان يقتل الابرياء، تمنيت ان هذا الامر حدث لمفجر مسجد القديح، كان من الممكن ان يكون اكثر حبا للحياة والمهم ان يكون انسانا وليس ارهابيا.
مشاركة :