أكد المتحدث الأمني لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي أن القطاعات الأمنية تعمل بشكلٍ تكاملي لتحليل الوقائع والأحداث الإرهابية بتفصيل دقيق، للحصول على معلومات من شأنها تجفيف منابعه ودحره، وتطهير الوطن منه، مبيناً أن التحقيق في أي عمل إرهابي لا يقتصر على كشف المتسبب فيه ومعاونيه، بل يتعدى لجمع معلومات كفيلة بالتصدي للظاهرة بشكلٍ عام ومحاربتها، وإحباط أي مخططات أو أساليب أو أدوات إرهابية تستهدف أمن الوطن. جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عُقد أمس في نادي ضباط قوى الأمن الداخلي بالرياض، تناول خلاله اللواء التركي، والعميد المهندس بسام عطية من وزارة الداخلية، توضيحات لما ورد في بيان وزارة الداخلية الصادر أمس الأول، الذي كشف فيه التركي هوية منفذ الجريمة الإرهابية الآثمة بمسجد الإمام علي بن أبي طالب ببلدة القديح. وأوضح اللواء التركي أن الجريمة الإرهابية البشعة في بلدة القديح، أكدت تلاحم المجتمع والقيادة، وإدراك ما يحاك من شرور ضد الوطن، بهدف إثارة الفوضى واستخدامها جسراً للنيل من أمنه ووحدته، منوهاً بدور المواطن والمقيم في حفظ الأمن والاستقرار، لاسيما وأن عمل وزارة الداخلية يعتمد بشكلٍ كبير على المعلومات التي يقف خلفها المواطن والمقيم. وشدد على أهمية رفع مستوى الوعي والثقافة العامة لدى المجتمع، وتحصينه عبر تعاون الجهات الرسمية والأهلية ذات العلاقة بالجهود الإرشادية والتوعوية، والاستفادة من جميع القنوات التي يمكن من خلالها الوصول لجميع شرائح مجتمعنا الكريم، لمواجهة الفكر الإرهابي المنحرف ومحاربته. وحول آخر المستجدات التي شهدتها التحقيقات الجارية في الجريمة الإرهابية في بلدة القديح، أبان اللواء التركي أن العمل على ذلك لا يزال جارياً، بهدف كشف جميع ملابساتها، بما في ذلك التفاصيل الصغيرة ذات العلاقة بالفكر الإرهابي وأساليب نشره بين النشء، ومن يقف خلف ذلك، مؤكداً وصولهم لحقائق ستكشف تباعاً في الوقت المناسب. البعادي جند 23 شخصاً تربطه بهم علاقات قرابة وزمالة خلال أربعة أشهر من جانبه قدم العميد المهندس بسام عطية شرحاً مفصلاً عن الجريمة الإرهابية التي استهدفت مؤخراً، رجل أمن بقتله وحرق جثته والتمثيل بها، متناولاً الأساليب الرخيصة التي اعتمدت عليها الخلية الإرهابية لتنفيذ تلك الجريمة، وجوانب مهمة خلال مرحلة الإعداد لهذه العملية الإرهابية البشعة، وكيف جُنّد منفذ العملية ومعاونوه، ومهامهم وخلايا إرهابية أخرى، يعتمد في تشكيلها اختيار صغار السن من 20 عاماً نزولاً حتى سن 15 عاماً. وبين أن معظم هؤلاء النشء يجري اختيارهم على خلفية وجود أقاربهم في مناطق الصراع خارج المملكة، ويطمحون للحاق بهم، أو من أولئك الذين لديهم أقارب لا يزالون موقوفين، بحيث يجندون داخل الوطن لتنفيذ عمليات إرهابية تبدأ من بسيطة وتتدرج لتصل إلى عمليات أكثر تعقيداً، بعد أن يتولوا مهمة تشكيل مجموعات صغيرة، يأتي دعمهم اللوجستي من قيادات إرهابية أكبر سناً داخل البلاد وخارجها، ومن ثم القيام بالتخطيط لعملياتهم التي لا تتطلب كثيراً من الجهد، مثل استهداف رجال الأمن، أو مواقع حيوية مختلفة. ولفت العميد عطية النظر إلى أساليب التنظيمات الإرهابية التي ينتهجونها في عملهم الميداني داخل المملكة، وتقسيمها إلى خمس قطاعات، وفقاً للكثافة السكانية والخلفية الثقافية والعقدية والاقتصادية، ثم توزيع العناصر البشرية المجندة في أنحاء مختلفة من القطاع، وتنصيب أمير منهم، ليكون مرجعاً ومستقبلاً للتوجيهات والدعم، فالانتقال لمرحلة توفير المخابئ والمأوى لهذه العناصر المجندة، وللأسلحة التي يجب توزيعها على القطاع بشكلٍ يسهل استخدامها في العمليات المزمع تنفيذها بعد كمال جاهزية مرحلة الإعداد، ومن ثم تحديد أهداف آنية، مثل استهداف رجال الأمن والمقيمين الأجانب، وإثارة الطائفية، مع الأخذ في الحسبان أهدافا بعيدة المدى، تتمثل في أهداف عسكرية وأمنية واقتصادية. عناصر الخلية اتفقوا على أحلية القتل واختلفوا على تحريم التصوير واستعرض خلال شرحه لهذه الأساليب، تفاصيل الحادث الإرهابي الذي استهدف شهيد الواجب الجندي ماجد عائض الغامدي خلال قيامه بواجبه الأمني، بدءاً من منفذ العملية عبدالملك فهد البعادي (20 عاما)، الذي يقود خلية إرهابية تضم 23 عنصراً معظمهم من أقاربه وزملائه، سبق إيقاف قلة منهم على خلفية قضايا من هذا النوع، فيما لا يوجد لدى أكثرهم سجلات تثبت تورطهم في قضايا الإرهاب، إلا أن جميعهم يحملون فكراً تكفيرياً، رغم صغر سنهم. التنظيم الإجرامي يسعى لتجنيد صغار السن واستدراجهم في وسائل التواصل الاجتماعي وأبان العميد عطية أن عناصر الخلية تشربوا هذا الفكر المنحرف من خلال الأسرة أو الأقارب المخالطين، مشيراً إلى أهمية التنبه إلى أساليب جديدة باتت التنظيمات الإرهابية تتبعها لتشر الفكر التكفيري، أهمها استخدام الأسرة لنشر الفكر وتعميمه، بدءاً بالأم التي تكفي أدلجتها لتحمل هذا الفكر، ومن ثم تربية أبنائها جميعاً وفق ذلك المنهج، مشدداً على ضرورة تعاون مؤسسات المجتمع وأفراده لتوعية الأمهات وتحصينهم ضد هذا التوجه الإرهابي المنحرف. وأكد العميد عطية أن سطحية هذا الفكر وبطلانه وضعفه، يتجسد في الاختلاف الذي جاء بين منفذ الجريمة البعادي ومعاونيه الأربعة الآخرين (محمد عبدالرحمن الطويرف (19 عاماً)، ومحمد عبدالله الخميس (18 عاماً)، ومحمد خالد العصيمي (19 عاماً)، وعبدالله سعد الشنيبر (19 عاماً)، ورفض كل واحدٍ منهم تولي مهمة تصوير الحدث؛ لأن (التصوير حرام) في حين استباحوا قتل مسلم، مبيناً أنهم اتفقوا أخيراً على توزيع المهام، وتولى الطويرف مهمة قيادة المركبة، في حين قام الخميس بالمسح الميداني أو المسح الأمني، وشارك العصيمي بإطلاق النار. حرق الجثث سمة ثابتة لهذه العناصر الإرهابية وعن الفكر التكفيري والأساليب الجديدة لنشره لفت اللواء منصور التركي الانتباه لوسائل التواصل الاجتماعي التي تستخدمها المنظمات الإرهابية عبر معرفات تحمل أسماءً وهمية، ونشر الكراهية والبغض للبلاد والزج بالدين في ذلك، ومن ثم حصر ردود الفعل، لمعرفة المتجاوبين والمتحمسين مع هذا الطرح، لاستدراجه وإقناعه بالفكر ومن ثم الانخراط في خلية من الخلايا الإرهابية، لاسيما أولئك الذين لهم أقارب موقوفون، ويوهمون ببراءتهم، وأن إيقافهم جاء ظلماً وعدواناً. وأكد في هذا الصدد أن جميع الموقوفين، لا يمكن استمرار إيقافهم متى ما ثبتت براءتهم وعدم تورطهم أو علاقتهم مع عناصر وتنظيمات إرهابية، مشدداً على بطلان ادعاءات تقول غير ذلك، مؤكداً أن السجون السعودية منظمة وتقوم على أسس نموذجية مثالية، وتقدم برامج إصلاحية، مثل برنامج الأمير محمد بن نايف للمناصحة، الذي يُقدم بشكلٍ اختياري لمن يرغب، منوهاً بحرص المسؤولين المعنيين بالأمر على خروج نزيل السجن والإفراج عنه بعد قضاء محكوميته بحالٍ أفضل من ذي قبل. أربع جرائم إرهابية خلال شهر ومنفذوها لم يتجاوزوا عدد أصابع اليد ودعا اللواء التركي إلى ضرورة تحصين المجتمع، لاسيما الأمهات المربيات الفاضلات، وبذل الجهود التوعوية والإرشادية على جميع الأصعدة، وتبصيرهم بأمور الدين الحق، الذي ينطلق من أسس وقيم عقدية سمحة، لافتاً النظر إلى أنه يجب على الجميع عدم أخذ الحالات الشاذة من الأسر المغرر بها، وتعميمها لتشمل المجتمع بأسره، خصوصاً أن كثيراً من الأسر يعمل بإخلاص إلى جانب الجهات المعنية في وزارة الداخلية، في حال لاحظوا تغيراتٍ قد تطرأ على تصرفات أبنائهم، مبيناً أن ذلك أسهم في تصحيح مسار كثيرٍ من الشباب ورجوعهم عن الخطأ الكبير الذي كان من الممكن الوقوع فيه لولا تواصل الأسر مع وزارة الداخلية.
مشاركة :