تساءلت الصحف الروسية: هل تُعيد الولايات المتحدة الأمريكية إحياء «داعش» لمحاربة إيران والشيعة العراقيين؟، وذلك بعد أن ساهمت في وقت من الأوقات، في إنشاء «داعش» لتكون كبش فداء ضد بشار الأسد في سوريا، وقوة توازن التواجد الشيعي في العراق. ونشرت الصحف مقالا للمحلل السياسي الروسي البارز، ألكسندر نازاروف، جاء فيه: فتح اغتيال الجنرال قاسم سليماني من قبل الأمريكيين الباب على مصراعيه لرفع وتيرة الحرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وإيران، دون أن تتحول هذه الحرب إلى حرب مباشرة بين الطرفين. كذلك فمن المرجح ألا يكون لبنان، بدواعي الكارثة الاقتصادية التي يمر بها، طرفا فاعلا في هذه الحرب، وقد تتورط دول الخليج، لكن العراق وسوريا سيصبحان ميدان المعركة الرئيسي، حيث يتمتع البلدان بالإمكانيات القصوى لخوض حرب بالوكالة، في الوقت نفسه، فإن وضع الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا وخاصة في العراق أكثر عرضة للخطر، فأي جيش نظامي، لا يمكن أن ينتصر في حرب العصابات سوى بالطرق النازية، من خلال تدمير السكان المحليين، حيث يمكن أن تكون الضربات الجوية فعالة فقط ضد عناصر بعينها، لكن تدمير القادة لا يمكن أن يدمر التنظيمات العسكرية، أو يوقف مقاومة العدو. وفي عام الانتخابات الأمريكية، من الواضح أيضا أن أي خسائر كبيرة في أرواح الجنود الأمريكيين، وأي حرب تندلع في عهد أي رئيس حالي، لن تكون في صالحه، لذلك سوف يبذل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قصارى جهده لتقليل الخسائر. ويضيف « نازاروف»: لذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه من جديد بالنسبة لواشنطن، هو إنشاء قوة «دمية» قادرة على مقاومة القوى الشيعية جيدة التنظيم، ومقاومة السكان المحليين على الأرض في كلا البلدين. وكما يقول التاريخ، فإن محاولات واشنطن لإنشاء تشكيلات عسكرية من الفارين أو الخونة من السكان العرب لم تنجح، حيث كانت أفراد تلك التشكيلات تهرب بمجرد تلقيها الأموال، ولم تتمكن من القيام بأي عمليات عسكرية، ناهيك عن الانتصار في تلك العمليات. أما الأكراد فمقيدون بأرضهم، من غير المرجح أن يصبحوا عاملا فعالا على طول البلاد وعرضها، فيصبح العنصر الوحيد الفاعل في حرب بالوكالة في سوريا والعراق هو «داعش»، التي سمحت لها الولايات المتحدة بالظهور، ودعمتها من خلال سلسلة طويلة من العملاء والوكلاء بالسلاح وأمور أخرى. وبعد العديد من الهجمات الناجحة ضد الولايات المتحدة في العراق، والتي ستؤدي إلى خسائر كبيرة بين الأمريكيين، ومع الاقتراب من الانتخابات الأمريكية، لا شك أن الولايات المتحدة سوف تقلل من وجودها في المنطقة، وبعد ذل سيطرح السؤال نفسه على الولايات المتحدة: هل ستغادر وتسمح بتوطيد دعائم الدولة، وتعزيز الاستقرار في سوريا والعراق كبلدين صديقين لإيران، يتبنيان موقفا معاديا للولايات المتحدة، أم تزعزع استقرارهما بمساعدة القوة الوحيدة القادرة على ذلك «داعش»؟!. الحرب العالمية الثالثة على الأبواب .. ولكن ؟! وتؤكد الصحف الفرنسية أن التصعيد واقع ، لكن السؤال يتناول « الحد الذي سيبلغه هذا التصعيد المقلق». وأشارت صحيفة «لوباريزيان» الفرنسية، إلى أن الصحافة الأمريكية لم تتوانى عن التساؤل عن مخاطر اندلاع حرب عالمية ثالثة، ما يشير إلى أن موت الجنرال سليماني يشكل منعطفا في المواجهة بين الولايات المتحدة وطهران منذ الخروج الأمريكي عام 2018 من الاتفاق النووي الإيراني..فالحرب العالمية على الأبواب، بحسب الصحف الأمريكية.. ولكن هناك «حواكم » وروادع. الأزمة تهدد بإشعال منطقة الشرق الأوسط وكتبت صحيفة «لي زيكو» الفرنسية: الازمة بين واشنطن وطهران تهدد بإشعال منطقة الشرق الأوسط..يبدو التصعيد وكأن لا حد له. وسردت الصحيفة سلسلة التهديديات التي أطلقتها كل من واشنطن وطهران منذ أن قتل الجنرال سليماني بضربة أمريكية على العراق. ونقلت صحيفة «لي زيكو» عن الصحافة الأمريكية أن وكالات الاستخبارات كانت قد خلصت الى ان مشاريع ضرب المصالح الأمريكية التي كان يعد لها قاسم سليماني لم تكن قد حصلت بعد على موافقة طهران ولم تكن بالتالي وشيكة». ونشرت الصحيفة الفرنسية حوارا مع الباحث «كليمان تيرم» الذي اعتبر أنه لا مناص من انتقام إيران، لكن الحرب المفتوحة ليست حتمية لأن لا مصلحة للفريقين بها. ترامب جعل من سليماني شهيدا ونشرت صحيفة «آي» البريطانية، مقالا تحليليا كتبته، بل ترو، تقول فيه إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جعل من سليماني «شهيدا»، مشيرة إلى أن الحرس الثوري الإيراني لن ينهار بمجرد قتل أحد قادته. وتقول «ترو»: إن بعض المعلقين سارعوا، بعد تأكيد مقتل قاسم سليماني في غارة أمريكية على مطار بغداد، إلى الحديث عن انهيار وشيك لفيلق القدس الذي يقوده، وكذا شبكة المليشيا التي تسيرها إيران عبر العالم، فقد صوّر هؤلاء المشهد بأن كل هذه التنظيمات التي دربها الحرس الثوري الإيراني وسلحها في الخارج مثل الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان ستنهار بمجرد مقتل سليماني، الذي شبهوه بأسامة بن لادن؟، ومن السذاجة الاعتقاد بأن كل هذه التنظيمات ستنهار ومعها الحرس الثوري لمجرد مقتل أحد قادته، فالإيرانيون خططوا لمثل هذا اليومز. وتضيف الكاتبة: هذا القائد الغامض هو الوجه الأبرز للمصالح العسكرية الإيرانية في المنطقة، وهو إنتاج حملة إعلامية متقنة، وموته لن يؤثر على الحرس الثوري وقدراته لأن هيكلته أكثر تعقيدا، ولن تقطع علاقات إيران بالكيانات والمليشيا التابعة لها في الخارج، لقد تحول الآن إلى «شهيد رمز عند أنصاره»، ولذلك فإن مقتله قد يؤدي نتيجة عكسية تماما ويجلب المزيد من التأييد لتلك الجماعات، مثلما حدث مع اغتيالات مشابهة، على غرار مقتل القيادي في حزب الله عماد مغنية عام 2008. ونشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية، مقالا تحليليا، جاء فيه: إن المتأمل في التغريدات والخطابات النارية من واشنطن وطهران يجزم بأن وقت الدبلوماسية قد مضى، وأن الطرفين باتا على «أبواب حرب» لا مفر منها عقب مقتل قاسم سليماني. ولعل الأمر الوحيد الذي يمسكهما هو التفكير في العواقب، إن إيران جربت مزاج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتقلب، ومهما كانت رغبة الإيرانيين قوية في الانتقام لمقتل سليماني فإن قادة الاتحاد الأوروبي يسعون لإقناع القيادة الإيرانية بأن أي ضرب لأهداف أمريكية في الشرق الأوسط سيدفع ترامب إلى التصعيد أكثر. ويضيف المقال: إن إيران هاجمت في السنوات الأخيرة الولايات المتحدة وحلفاءها عن طريق جماعات ومليشيا موالية. لكن الولايات المتحدة لها قوات قوامها 60 ألف جندي في المنطقة، من بينها أكثر 5 آلاف في العراق، ولذلك فإن الدبلوماسيين سيجدون صعوبة كبيرة في إنجاح مساعي التهدئة، على الرغم من وجود قنوات بين واشنطن وطهران، ومن بين هذه القنوات سلطنة عمان واليابان والاتحاد الأوروبي، وكذا السفارة السويسرية. وترى الصحيفة، أن مقتل سليماني حقق نصرا لإيران عندما صدق البرلمان العراقي على قرار يطالب بالعمل على رحيل القوات الأمريكية من البلاد. ويرد على تصريح وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بأن العراقيين خرجوا يهتفون ابتهاجا لمقتل سليماني بأن الاغتيال أضعف القوى المناوئة لإيران في بغداد، ولكن المزاج العام الموالي لإيران قد يجد طريقه أيضا إلى عدد من العواصم في المنطقة، لأن الناس بدأوا يستنكرون تهديدات ترامب، الذي أصبح أقل رؤساء الولايات المتحدة شعبية في الشرق الأوسط. الرد المتكافئء وتقول صحيفة «التايمز» البريطانية، إن قرار الولايات المتحدة قتل أحد أكبر جنرالات إيران سيكون له تأثير طويل الأمد على المنطقة، ولكن من مصلحة كل طرف تجنب التصعيد العنيف. وتضيف: إن إيران سترد حتما ولكنها ستضطر إلى تحجيم ردها بعناية كبيرة. فالنظام بحاجة إلى رد يظهر أنه قوي يصون به صورته في الداخل، التي أضعفتها العقوبات الاقتصادية، ولكن ليس بالقوة التي تستفز الولايات المتحدة وتدفعها إلى نزاع عسكري ستنتصر فيه أمريكا دون شك..إن العملية الأمريكية كانت في حد ذاتها متوازنة مقارنة بالخيارات الأخرى التي كانت أمام ترامب، فهو لم يضرب في الأراضي الإيرانية، ولا في لبنان. وأي ضربة عسكرية إيرانية مباشرة لأهداف أمريكية مثل الهجوم على سفن أمريكية في الخليج ستدفع واشنطن إلى الرد بضرب محطات تكرير النفط بالمناطق الساحلية الإيرانية. وقد وضعت السلطات الأمريكية الخطوط الحمراء حول منشآتها ومواطنيها عندما حدد ترامب 52 موقعا إيرانيا، بعضها مواقع لها قيمة ثقافية ستكون هدفا أمريكيا إذا هاجمت إيران المصالح الأمريكية. وعلى الرغم من تهديدات ترامب، فإن الولايات المتحدة تتوقع ردا من إيران. ويدعي الإيرانيون أن واشنطن نبهت في رسالة إلى طهران عبر السفارة السويسرية إلى ضرورة أن يكون الرد «متكافئا»، وهذا دليل على أن المنطقة لا تتجه نحو حرب مفتوحة. ولكن الاغتيال سيكون له تأثير طويل الأمد على المنطقة والعالم. وقد أعلنت إيران أنها رفعت جميع القيود عن تخصيب اليورانيوم، منهية بذلك التزامها بالاتفاق النووي.
مشاركة :