80 %من إمدادات الماس في العالم كانت دي بيرز De Beers تسيطر عليها في الثمانينيات.«نحن نقف على أعتاب عالم جديد من الماس.. وسيكون عالما من الفرص الكبيرة، إذا اتخذنا الخيارات الصحيحة».. الرئيس التنفيذي لشركة دي بيرزيشهد سوق الماس العالمي رياحا معاكسة ضد التيار، بسبب المخاوف التي انتابت المصنعين الكبار في القطاع، خلال الفترة الأخيرة، نتيجة لشعورهم بذعر من التراجع الهائل في نسبة الاحتياطي من خام الماس، الأكثر تفضيلا لدى النساء في كل أرجاء العالم.وتحتضن شركات التعدين العملاقة نسبا متفاوتة من المخزون، بينما تتقلص رواسب الماس الطبيعية، ومن أهم وأكبر تلك الشركات هي شركة دي بيرز De Beers، المتخصصة في استكشاف واستخراج وبيع المعدن النفيس والتي باتت تواجه حقيقة واقعية صعبة، وهي أن كنوز الماس الدفينة في العالم لن تستمر إلى الأبد، مما يهدد صناعة كاملة تبلغ عدة مليارات من الدولارات ليس في الولايات المتحدة وحدها، وإنما في جميع الدول الأخرى كذلك.وتعود بداية شركة التعدين العملاقة، التابعة لمؤسسة أنجلو أمريكان بي أل سي Anglo American PLC، إلى قرن من الزمان، ولكنها باتت كغيرها من الشركات المنافسة الآن على وشك الاصطدام بحاجز هائل، بسبب ندرة اكتشافات الماس الجديدة، بينما أصبحت مناجمها القديمة أكثر تكلفة وأقل إنتاجا.ويقول مصنعون ومحللون في هذا الصدد، إن الإنتاج العالمي للماس «آخذ في الانخفاض»، مما دفع دي بيرز التي تتخذ لندن مقرا لها إلى القيام باستثمارات وتغييرات إستراتيجية لم يكن من الممكن تصورها قبل بضع سنوات، حيت تعمل الشركة على تطوير نظام تتبع للتحقق من مصدر الماس في باطن الأرض قبل التنقيب عنه فعلا، في محاولة لجذب المزيد من المشترين.ولا يعتبر الماس الطبيعي فقط هو المخرج من تلك الأزمة، حيث أذهلت دي بيرز القطاع في العام الماضي بخطط بيع أول ماس صناعي لها، من خلال شركة تابعة جديدة. وتقول الشركة: «أحجار الماس الصناعي مماثلة للطبيعية في تكوينها، ولكنها تكونت في مختبرات بدلا من باطن الأرض».ويقول بروس كليفر Bruce Cleaver، الرئيس التنفيذي لشركة دي بيرز في مقابلة أجريت معه مؤخرا، إن هذه التغييرات والدفع التسويقي الجديد ضروريان لضمان بقاء سوق الماس على قيد الحياة، كما أنه يشجع مشترين من الطبقة الوسطى الآخذة في التوسع في آسيا على دخول هذا السوق، الذي كان مقصورا على النخبة الثرية لقرون طويلة.ويضيف: «نحن نقف على أعتاب عالم جديد من الماس.. وسيكون عالما من الفرص الكبيرة، إذا اتخذنا الخيارات الصحيحة».وفي الثمانينيات من القرن الماضي، كانت دي بيرز تسيطر على أكثر من80 ٪ من إمدادات الماس في العالم. وفي عام 2012، دفعت شركة Anglo American لعائلة أوبنهايمر 5.1 مليار دولار مقابل حصتها البالغة 40 ٪ في الشركة، والتي ساهمت العام الماضي بحوالي ربع إنتاج الماس العالمي.وخلال أحدث مبيعات الماس العادية التي تقوم بها دي بيرز للمشترين، باعت الشركة بـ 390 مليون دولار من الماس الخام، بانخفاض 12 ٪ عن نفس البيع في عام 2018.وتضررت المبيعات بشكل أساسي بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والاحتجاجات في هونغ كونغ. إضافة إلى تشديد معدلات الإقراض في الهند، حيث يتم قطع معظم أحجار الماس وصقلها.على الجانب الآخر، تقوم شركة دي بيرز بتكثيف الدعاية والترويج لنفسها؛ للمساعدة في مكافحة الاتجاهات المتراجعة، والانخفاض المطرد في الأرباح. وأنفقت الشركة ما يصل إلى 180 مليون دولار على التسويق هذا العام، وهو أكبر رقم منذ عقد كامل من الزمان.وتتمثل إحدى الإستراتيجيات الأخرى للتغلب على انخفاض المبيعات في دي بيرز في تعزيز شفافية سلسلة التوريد، من خلال توثيق أصل وأصالة كل قطعة ألماس، والتي عادة ما يتم خلطها بمعادن أقل جودة في شركات أخرى، وبيعها للمشترين بكميات كبيرة، وبدون توثيق رسمي، مما يلغي فعليا القدرة على تتبعهم لمنشأها وجودتها.وعن ذلك يقول جيم دافي Jim Duffy، الرئيس التنفيذي لشركة تراسر Tracr، وهي منصة توفر معلومات عن مصدر الماس، وتتبعه طوال سلسلة التوريد: «يطلب المستهلكون دليلا على المصادر المستدامة والأصلية لاستخراج قطعتهم.. وهنا يأتي دورنا».وأضاف: «باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي وسلاسل البلوك تشين blockchain، سيكون بوسع تجار التجزئة أن يوضحوا للمستهلكين أن الماس قد تم استخراجه وصنعه بطريقة سليمة تماما».ويوضح دافي، أن الكثير من عمليات شراء وبيع الماس تتم بدون توثيق لأصل القطعة، وهو ما يؤثر على شعور المستهلك بالأمان تجاه القطعة التي يقوم بشرائها ودفع مبالغ كبيرة من المال فيها.ويضيف: «عملية التوثيق هذه ليست رفاهية، وإنما هي ضرورة حتى يشعر المستهلك بالأمان الكامل تجاه أمواله، ويصبح مستهلكا دائما ووفيا في هذا السوق الضخم».ختاما، يمكن القول إن سوق الماس العالمي لا يواجه تحديات داخلية فقط، وإنما تهديدات تتعلق بأصل المعدن النفيس، ويبقى السؤال الأهم هنا هو: «هل يمكن للماس الصناعي إنقاذ ذلك القطاع من السقوط؟».
مشاركة :