تريليون دولار تكلفة مخاطر المناخ على قطاع الشركات العالمي

  • 1/7/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بالنسبة لـ"ساوثرن كاليفورنيا إديسون"، وهي شركة طاقة أمريكية لديها 15 مليون عميل، مخاطر تغير المناخ موجودة بالفعل حولها. الأسلاك الكهربائية لـ"إديسون" تسببت في إشعال حريقين مهلكين في عامي 2017 و2018، وخصصت الشركة أخيرا صندوقا احتياطيا بقيمة 4.7 مليار دولار لالتزامات محتملة متعلقة بالحرائق. وشرعت كذلك في برنامج مكلف لترقية خطوطها الكهربائية وجعل شبكتها أقل احتمالا لإشعال الحرائق. قال الرئيس التنفيذي، بيدرو بيزارو: "إننا نشهد المظاهر المبكرة لتغير المناخ في ولايتنا"، مضيفا أن اندلاع الحرائق شمالي كاليفورنيا ابتداء من عام 2017 كان "على نطاق لم يتخيله أحد أبدا". استجابة لذلك تعمل "إديسون" على ستة آلاف ميل من الأسلاك الكهربائية المكشوفة للحد من مخاطر الحرائق، وتثبيت آلاف من محطات الرصد الجوي الصغيرة التي تراقب سرعة الرياح، وتبديل الزيت الموجود في محولاتها ببديل أقل قابلية للاشتعال. بالنسبة لشركة إديسون إنترناشونال، الشركة المدرجة التي تمتلك "ساوثرن كاليفورنيا إديسون"، كان التأثير المالي للحرائق خطيرا. توصلت الشركة إلى اتفاقية تسوية بقيمة 360 مليون دولار مع كيانات عامة لحقت بها أضرار من الحرائق، وسيحدد عديد من القضايا القانونية الأخرى الأضرار التي لحقت بأطراف أخرى. بالنسبة لمنشأة أخرى في كاليفورنيا، PG&E، كان التأثير أسوأ. بدأت PG&E إجراءات الإفلاس في كانون الثاني (يناير) 2019 بعد أن تركتها سلسلة من حرائق الغابات الكارثية عالقة فيما يصل إلى 30 مليار دولار من الالتزامات المحتملة. نظرا للمخاطر الكبيرة اضطرت PG&E إلى إيقاف تشغيل الطاقة لنحو ثلاثة ملايين عميل هذا الخريف، لمنع أسلاكها الكهربائية من إشعال حريق آخر. "إديسون" أيضا قطعت التيار الكهربائي في المناطق ذات الخطورة العالية، ما ترك نحو 200 ألف عميل بلا دون كهرباء. حرائق كاليفورنيا وتأثيرها في شركات الطاقة هو أحد أكثر الأمثلة وضوحا لكيف أن المخاطر المتعلقة بالمناخ بدأت تؤثر في الشركات، وأحيانا بسرعة ومستوى غير متوقعين. خلال العام الماضي ظل عدد متزايد من الشركات والمستثمرين يركز على المخاطر المادية لتغير المناخ التي لا تشمل حرائق الغابات فحسب، بل أيضا تغير أنماط الطقس والعواصف ومخاطر الفيضانات المتزايدة. بحسب بول بولمان، الرئيس التنفيذي السابق لشركة يونيليفر، حدث تحول كبير في طريقة نظر الشركات للمخاطر المرتبطة بالمناخ. أشار إلى دراسة استقصائية حديثة سئل فيها أعضاء مجالس إدارات عما إذا كان تغير المناخ ذا صلة بأعمالهم: في 2017 قال 40 في المائة من المشاركين إنه غير ذي صلة، لكن في 2018 انخفض الرقم إلى 14 في المائة. قال بولمان: "نرى أن الأمور تسير بسرعة بشكل لم يتخيله أحد"، في إشارة إلى كيف تنظر الشركات إلى مخاطر المناخ. "تحتاج الشركات إلى وجود لجان مختصة بالمناخ". المخاطر المادية ليست سوى جزء من الصورة - تواجه الشركات أيضا مخاطر من التحولات المفاجئة في السياسات، مع محاولة الحكومات تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. خلال العام الماضي تبنى عدد من الاقتصادات الكبرى، بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا، أهدافا لخفض الانبعاثات إلى صفر بحلول 2050، ما يعني إجراء إعادة هيكلة جذرية للاقتصاد في العقود المقبلة. وبينما تحاول الشركات التخطيط لهذه التغييرات وتحديد مقدار تأثيرها، وضع المنظمون ذلك في الحسبان أيضا. في الشهر الماضي حدد بنك إنجلترا الخطوط العريضة لاختبار إجهاد مناخي لأكبر المصارف وشركات التأمين في المملكة المتحدة، وصفه بأنه سيكون أصعب اختبار من نوعه في العالم. سيفحص الاختبار كيفية تحضير المؤسسات لمزيد من الأحداث المناخية الخطيرة المتكررة، ودراسة ما إذا كان بإمكانها الصمود أمام عمليات البيع لما يتبقى بعد الحرائق من الأصول "البنية" (التي تعد ضارة بالبيئة). قال مارك كارني، محافظ البنك: "سيؤثر تغير المناخ في قيمة كل الأصول المالية تقريبا. الاختبار يساعد على ضمان أن يكون جوهر نظامنا المالي مرنا في مواجهة تلك التغيرات". يشتمل الاختبار على ثلاثة سيناريوهات مستقبلية، أشدها يتصور ارتفاع درجة الحرارة أربع درجات مئوية بحلول 2080، وهذا من شأنه إحداث تغييرات مناخية كبيرة بما في ذلك موجات حرارة وفيضانات مفاجئة. قال جون ويليامز، من شركة برايس ووترهاوس كوبرز PwC، إن الشركات والمؤسسات تحتاج إلى إجراء عمليات الفحص الخاصة بها، حتى قبل بدء الاختبارات الإلزامية. أضاف: "تحتاج الشركات إلى التفكير في كيفية تعرض أعمالها وعملياتها وعملائها للمخاطر المادية المتعلقة بالانتقال والمسؤولية". لكن لا يزال تحديد التكاليف الدقيقة لتغير الطقس الناتج عن تغير المناخ مهمة صعبة. أعدت بعض القطاعات، مثل قطاع العقارات، نماذج متطورة لتقييم المخاطر تراعي مخاطر ارتفاع مستويات البحر والعواصف. لكن بالنسبة لكثير من القطاعات، فإن آثار تغير المناخ أكثر انتشارا. كشفت دراسة أجرتها مجموعة CDP غير الربحية لتقييم المناخ، التي حسبت مخاطر المناخ التي أبلغت عنها 500 من أكبر الشركات في العالم، عن رقم يبلغ تريليون دولار يمثل تكلفة المخاطر على أعمال القطاع. من بين هذا المبلغ يرتبط نحو 250 مليار دولار بعمليات شطب، أو أضرار بسبب تغيير السياسة والمخاطر المادية. بالنسبة لشركات الطاقة في كاليفورنيا، تعد الحرائق مجرد مثال واحد على المخاطر المادية التي تواجهها الشركات بسبب تغير المناخ. قال بيزارو: "لا يقتصر الأمر على الجفاف، هناك فيضانات أيضا"، مضيفا أن الرياح القوية بشكل غير طبيعي ساعدت على تأجيج الحرائق. "تغير المناخ يجلب تقلبات كبيرة وأنماطا متغيرة". في حين أن بعضا من أجزاء العالم سيشهد مزيدا من موجات الحر والجفاف المتكررة بسبب الاحتباس الحراري، بعض آخر قد يشهد زيادة في الأمطار والفيضانات. يتعين على شركات الطاقة أيضا التخطيط لكيفية معالجة ارتفاع مستويات سطح البحر والتحدي المتمثل في تآكل السواحل. قال بيزارو إن هناك شيئا واحدا يجري النظر فيه هو "إلى أي مدى سنحتاج إلى تقوية شبكتنا هناك استجابة لارتفاع مستوى سطح البحر". وأضاف: "هل سنشهد تكيفا يتم فيه نزوح إلى الداخل بعيدا عن السواحل، أم أن المنازل على الساحل ستكون محمية؟".

مشاركة :