وجدت أبحاث سريرية جديدة تمت تجربتها على مجموعة من الحيوانات أن غرس بروتين معين في أنسجة الندبات التي تتشكل بعد الإصابة بنوبة قلبية قادر على تسريع انتعاش القلب وشفائه. تقول جمعية القلب الأميركية إن حوالي 605 آلاف شخص في الولايات المتحدة يصابون بنوبة قلبية جديدة كل عام، وما يقرب من 200000 يعانون من نوبة متكررة. وأورد تقرير نشر في موقع “ميديكال نيوز توداي” البريطاني أنه من الشائع استخدام تقنية “إعادة الضخ” التي تحرر تدفق الأكسجين إلى أنسجة القلب، كعلاج بعد الإصابة بنوبة قلبية. ومع ذلك، فإن ما يصل إلى ربع الأشخاص الذين يخضعون لإعادة ضخ الدم يصابون بقصور في القلب في غضون عام. لذلك، اكتشف الباحثون بقيادة جيمس تشونغ، وهو أستاذ في جامعة سيدني في أستراليا، علاجا بديلا يستهدف أنسجة الندبة التي تتشكل بعد نوبة قلبية. قام تشونغ وزملاؤه بتقييم الإمكانية العلاجية للعلاج بالبروتين الذي يسمى “آر.ايتش.بي.دي.جي.أف – آي.بي” (عامل النمو المستمد من الصفائح الدموية البشرية المعدلة). ومثل ما يوحي اسم البروتين، فهو مشتق من الصفائح الدموية والتي تعرف بأنها خلايا دموية صغيرة تتسارع إلى موقع الإصابة عندما تكون هناك حاجة إليها للمساعدة في محاربة تجلط الدم وبدء عملية الشفاء. اختبر الباحثون العلاج الجديد على نماذج من الخنازير المصابة بالنوبة القلبية. وتشير نتائجهم الواعدة، التي صدرت في مجلة “ساينس ترازلايشيونال مديسين”، إلى أن العلاج قد يساعد البشر على الشفاء من الأزمة القلبية. عادة ما تكون بداية ظهور أعراض النوبة القلبية بصفة تدريجية على مدى دقائق ويعد ألم الصدر أكثر الأعراض شيوعا وجاء في المجلة أن الدراسة كانت تجربة عشوائية، قسم خلالها تشونغ وفريقه 36 خنزيرا على ثلاث المجموعات: مجموعة تلقت علاجا وهميا (ولم تتعرض الخنازير الخمسة في هذه المجموعة لنوبة قلبية). مجموعة أخرى تتكون من 11 خنزيرا جعلها الباحثون تختبر النوبة القلبية عبر تعمد تعريضها لانسداد الشريان التاجي ثم قدموا لها دواء وهميا. في حين تم حقن المجموعة الثالثة، بالبروتين المعدل طوال 7 أيام، بعد تعريضها لانسداد الشريان التاجي. وفي نهاية التجربة، توفيت تسعة خنازير من المجموعة التي أصيبت بنوبة قلبية قبل أن تتاح لها الفرصة لتلقي أي علاج. وبعد مرور شهر على غرس البروتين، استخدم الباحثون التصوير بالرنين المغناطيسي للقلب وبعض الطرق الأخرى ليبينوا أن علاجهم ساعد في تكوّن المزيد من الأوعية الدموية الجديدة وتقليل إيقاع القلب غير الطبيعي وتعزيز وظيفة القلب بشكل عام. فبعد 28 يوما تحديدا من الإصابة بالأزمة القلبية، حسّن الإجراء الجديد معدل البقاء على قيد الحياة بنسبة 40 بالمئة مقارنة بالعلاج الوهمي. ويقول تشونغ “من خلال تحسين وظيفة القلب وتكوين الندبة بعد النوبة القلبية، أدى العلاج بالبروتين الجديد إلى زيادة إجمالية في معدل البقاء على قيد الحياة في دراستنا”. وأضاف “على الرغم من أن العلاج لم يؤثر على الحجم الكلي للندبة، فقد وجدنا أنه أدى إلى زيادة قوة ألياف الكولاجين وترابطها فيها. وهذا من شأنه أن يحسن وظيفة القلب بعد تعرضه لنوبة”. وأردف “هذا نهج جديد تماما مع عدم وجود علاجات حالية قادرة على تغيير الندبة بهذه الطريقة”. يشرح تشونغ كيف استندت هذه النتائج إلى ما توصل إليه فريق الباحثين في السابق، قائلا “لقد أظهر مساعدنا البروفيسور ريتشارد هارفي، من معهد فيكتور تشانغ لأبحاث القلب في دارلينغهرست بأستراليا، في السابق، أن البروتين يمكنه تحسين وظائف القلب لدى الفئران التي تعرضت لنوبة قلبية”. وأوضح “لقد تم تطوير هذا المشروع على مدار أكثر من 10 سنوات، ولدينا الآن بيانات مقنعة في فصيلتين (من الحيوانات) لفعالية هذا العلاج”. ويقول “على الرغم من وجود بروتوكولات علاجية حاليا، من الواضح أن هناك حاجة ملحة لعلاجات إضافية لتحسين صحة المرضى، خاصة بعد تكرار الإصابة بالنوبات القلبية. هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات على الحيوانات لتوضيح نسبة السلامة ومقدار الجرعات. ثم يمكننا البدء في البحث عن التجارب السريرية على البشر في وقت قريب جدا”. وأضاف تشونغ في المستقبل “نأمل (…) في إجراء المزيد من التحقيق في العلاج، بما في ذلك ما إذا كان يمكن استخدامه في أجهزة أعضاء أخرى متأثرة بأنسجة الندبات، مثل الكلى”. تحدُث النوبة القلبية عندما يكون تدفُّق الدم إلى القلب مسدودا حيث يكون في الغالب نتيجة تَراكُم الدُّهون والكوليسترول ومواد أخرى تُكوِّن لُوَيْحة في الشرايين التي تُغذِّي القلب وهي الشرايين التاجية. فتتكسَّر اللُّوَيحة في النهاية وتُكوِّن جَلْطة. ويؤدي تدفُّق الدم المُتقطع إلى تدمير أو إتلاف جزء من عضلة القلب. عادة ما تكون بداية ظهور أعراض النوبة القلبية بصفة تدريجية على مدى عدة دقائق. ويعد ألم الصدر هو أكثر الأعراض شيوعا للنوبة القلبية الحادة وغالبا ما يوصف ذلك الألم بأنه إحساس بالضيق أو الضغط أو العَصْر. يتسبب التدخين في حوالي 36 بالمئة من داء الشريان التاجي، كما تتسبب السمنة في 20 بالمئة. كما ارتبط عدم ممارسة الرياضة بـ7 إلى 12 بالمئة من حالات النوبات القلبية. أما الأسباب الأقل شيوعا فتشمل الأسباب ذات الصلة بالإجهاد النفسي مثل ضغوط العمل، وهو ما يمثل حوالي 3 بالمئة من الحالات، وارتفاع مستويات الإجهاد المزمن. ولا يعاني جميع الأشخاص المصابين بالنوبات القلبية من الأعراض ذاتها أو حِدَّةِ الأعراض نفسِها. فقد يعاني البعض ألما خفيفا، بينما يعاني البعض الآخر ألما أكثر حِدَّة. بعض الأشخاص لا تظهر عليهم أعراض، بينما قد تكون العلامة الأولى للآخرين الإصابة بالسكتة القلبية. وتمتد أعراض النوبة إلى ساعات أو أيام أو أساب ع. وجدير بالذكر أن تقريرا لهيئة الإذاعة البريطانية كان قد خلص إلى أنه أصبح من الممكن تحديد الأشخاص الذين تزيد لديهم منذ الولادة احتمالات الإصابة بنوبات قلبية، وذلك من خلال اختبار جيني يُجرى مرة واحدة فقط. وقال الباحثون إن الاختبار الجديد، الذي يُطلق عليه “مقياس الخطورة الجينية”، تبلغ تكلفته نحو 40 جنيها إسترلينيا، بما يجعله في متناول قطاعات كبيرة من الناس. ومن شأن الاختبار توضيح السبب في أن الأشخاص الذين تغيب لديهم العوامل التقليدية للإصابة بالنوبات القلبية، مثل ارتفاع نسبة الكوليسترول، يظلون عُرضة للإصابة. ويقول خبراء إن هناك حاجة للمزيد من العمل البحثي لدراسة فكرة الفحص الجيني الجديد. يمكن إجراء الفحص الجيني في أي فئة عمرية، لأن الحمض النووي للإنسان لا يتغير بتقدم السن، لذلك يمكن نظريا إخضاع الأطفال لهذا الفحص. ويقوم الاختبار على أساس الكشف عن وجود تكرار في الجينات الخطرة وليس جينا موروثا منفردا. وخلال الدراسة، فحص الباحثون عينات دم، لكنهم قالوا إن الاختبار الجيني يمكن أن يتم باستخدام عينة بمسحة بسيطة من الفم. وتوصل العلماء إلى اختبار “مقياس الخطورة الجينية” من خلال تحليل بيانات وراثية من 500 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 40 و69 سنة، حصلوا عليها من البنك البيولوجي البريطاني، بينهم 22 ألف شخص مصابون بأمراض القلب والشرايين.
مشاركة :