اعتبرت أوساط خليجية أن حديث وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن عن وساطة بين إيران والولايات المتحدة يكشف عن إحساس الدوحة بالخطر عليها من مآلات أي تصعيد في ظل ولاء مزدوج لها لطهران وواشنطن ومحاولة إظهار دعمها وتعاطفها مع الإيرانيين في مقتل قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس بالحرس الثوري، و”تفهمها” لقرار الأميركيين باغتياله وأدركت قطر أن الولايات المتحدة ذاهبة إلى أقصى مدى في عدائها لإيران، الأمر الذي دفعها إلى إعلان الوساطة في محاولة اختبار التوجه الأميركي حيال علاقة الدوحة بطهران. وقالت هذه الأوساط إن الحديث عن وساطة هو مناورة قطرية لمعرفة موقف إيران من التقارير التي كشفت أن الطائرة المسيرة التي نفذت الهجوم انطلقت من قاعدة العديد، وهل أن طهران سترد داخل الأراضي القطرية ضمن موجة الانتقام التي تلوح بها، أم ستكتفي بالتهديد والحفاظ على الدوحة كبوابة تساعدها في إرباك الوحدة داخل مجلس التعاون، فضلا عن كون قطر بوابة لكسر العقوبات وتدفق الأموال إلى الداخل الإيراني تحت مبرر “كسر المقاطعة” المفروضة عليها. وتدرك الدوحة بأن واشنطن لن تسمح لها مستقبلا باستمرار علاقة التحالف مع طهران بما كانت عليه، الأمر الذي يجعلها أمام محنة علاقة سياسية ملتبسة سبق وأن وصفها السير مالكولم ريفكند وزير خارجية حزب المحافظين البريطاني السابق، بأن القطريين لم يعد بإمكانهم أن يواصلوا “الجري مع الأرانب والصيد مع الكلاب”. وأعلن وزير الخارجية القطري في تصريحات صحافية أن الدوحة تسعى بشكل حثيث إلى نزع فتيل الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران، وأنه يعول “على عدم رغبة الطرفين في الدخول في مواجهات مفتوحة، أو حلقة عنف مفرغة”. لكن متابعين للشأن الخليجي لفتوا إلى أن الدوحة، التي تفكر باسترضاء إيران بكل الطرق للحيلولة دون الانتقام منها، ستجد نفسها في مواجهة إدارة أميركية متنمرة، ومستعدة لمعاقبة أي جهة، مهما كانت حليفة لواشنطن، إذا وجدت أنها تتحالف مع طهران ضد مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة. وأشار المتابعون إلى أن الوضع الراهن لا يحتمل أسلوب قطر في اللعب على الحبال المختلفة والإيحاء بالموقف ونقيضه، فما يقبله الأميركيون في الوضع العادي لا يمكن أن يقبلوه في حال تتميز بالتوتر الأقصى، لافتين إلى أن قطر سيكون عليها أيضا وقف تعاملاتها مع الجماعات المحسوبة على إيران في العراق ولبنان واليمن، وهي حلفاء ميدانيون للدوحة وحلفائها مثلما هو الحال في اليمن. وستكون التمويلات القطرية للمجموعات الموالية لإيران، والتي تأتي في شكل فدية أو في شكل هبات لإعادة الإعمار، تحت تركيز أميركي شديد، خاصة أن التمويل الإيراني لتلك المجاميع المذهبية المتشددة يمر بصعوبات بسبب العقوبات سواء على إيران ومنعها من الاعتمادات الكافية، أو عقوبات على المصارف التي تنقل أموالا بأشكال ملتوية لحزب الله والحوثيين وغيرهما. ومن شأن التدقيق الأميركي في حركة الأموال القطرية في اتجاه الجماعات الموالية لإيران أن يرفع الغطاء عن التمويلات التي ترسلها للحركات السنية المتشددة المصنفة إرهابية على القوائم الأميركية أو على قوائم دول بالمنطقة مثل السعودية ومصر والإمارات والبحرين. ويعتقد المراقبون أن الأميركيين لا شك أنهم وضعوا الأنشطة القطرية تحت المراقبة خاصة بعد توضح العلاقات المثيرة للريبة بين إيران وقطر، ومعرفتها بمواعيد الهجمات على السفن النفطية والتجارية في الخليج، وخاصة بالهجوم على منشآت أرامكو منذ أشهر.
مشاركة :