الناي التركي.. نفحات موسيقى تشدو بسماء الإبداع

  • 1/7/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

إسطنبول/ محمد شيخ يوسف/ الأناضول عذب الصوت، ومن أعماقه تنبعث موسيقى تأسر الروح والألباب، تحكي قصصا وتسرد أوجاعا وتنبض أفراحا. ذلك هو الناي التركي، نفحة تحلق في سماء الإبداع، ورحلة في أعماق الأشياء. لعلها من أقدم الآلات الموسيقية في العالم، وليست مجرد عود قصب يقتطع من أحراش الطبيعة، فآلة الناي التركية، تنفخ الروح والموسيقا في كافة أنحاء العالم، لتطرب المسامع وتأسر الألباب. ورغم بساطة الناي الذي يرجح أنه من أقدم الآلات الموسيقية في العالم، إلا أنه مخطئ من يعتقد أنه بسيط الصنع، حيث تمر العملية بمراحل طويلة قبل أن تبلغ شفاه العازفين، ومنها تصدر أنغاما رائعة تأسر النفس الإنسانية، وتقودها لعوالم حالمة. وتبدأ مرحلة تصنيع الناي بحصاد القصب وهو أخضر، واختيار الجيد منه والمناسب، ومن ثم تركه لمدة عام حتى يجف ويصبح صلبا، ليتخذ إثر ذلك لونه الأصفر المعروف. وبعد أن يجف القصب، تبدأ مرحلة تفريغه من الداخل بشكل جيد ومناسب، وفتح الثقوب المناسبة وفق الأبعاد والقياسات المتعارف عليها، ووضع الإكسسوارات الأخيرة، وإجراء الاختبارات على الآلة. ** خصوصية رفعت فارول، عازف تركي أمضى 15 عاما في صناعة آلات الناي التي يبيع منها داخل تركيا وخارجها لمختلف الدول، بينها بلدان عربية، فضلا عن تقديمه دورات تعلم العزف على الناي. وفي حديث للأناضول، يقول فارول: "ولدت عام 1982 في مدينة بولو شمال غربي تركيا، ودرست (بالعاصمة) أنقرة، وكان مدرّسي عازفا موسيقيا، وفي العام 2001 بدأت مع العزف". ويضيف: "بعدها انتقلت إلى إسطنبول، ومنذ العام 2005، بدأت بصنع الناي وأستمر بذلك حتى يومنا هذا، وأعمل على صناعته بشكل متميز". وعن أقسام الناي ومراحل صنعه، يتابع: "الناي يتألف من 9 حلقات من القصب، ولذلك، فإن العثور على الناي المناسب بحاجة للبحث بين أعواد القصب، وقطعها لاحقا وتترك عاما لتجف وتتخذ لونها الأصفر". ويوضح: "بعد ذلك، يتم تسويتها عبر الحرارة وتفريغ ما بداخلها، وفي السابق، كانت تحفر بواسطة النار، ولكن هناك حاليا طرق أخرى". "وبعد عملية تفريغها، يتم فتح ثقوب بشكل متناسب قياسيا، بوجود الشاري (الزبون) الذي يكون مرافقنا لهذه العملية، لأن كل شخص ينفخ بطريقة خاصة"، وفق فارول. ويردف: "صباحًا، جاءني زبون يوناني، وظهرًا رجل إنكليزي، ومساءً عازف عربي، وبالتالي فإننا نستقبل زائرين من كل أنحاء العالم، ونتشارك مع بعضنا البعض جمال هذه الآلة". وبخصوص منشأ القصب ومميزات الناي التركي عن غيره في المنطقة، يقول فارول إن "القصب ينشأ في مناطق مختلفة جنوبي تركيا، ولهذا فإننا محظوظون بتواجد القصب بالبلاد". ويكمل: "في يناير (كانون الثاني) من كل عام يبدأ قطع القصب، لكن الناي ليس خاصا بتركيا، بل أيضا بالشرق الأوسط، وهي آلة قديمة جدا ومنتشرة بالمنطقة". ويلفت إلى أن "الناي التركي يختلف بوضع قسم خاص للنفخ مصنوع من قرن الجاموس، والحصول على ذلك ليس بالأمر السهل، وفي العالم العربي يتم النفخ فورا عبر القصب وفي هذا اختلاف من جهة". ويبيّن: "من جهة أخرى، يكمن الاختلاف مع بقية الدول الأخرى في طريقة النفخ، ففي العالم العربي يفضلون النغمات السريعة بينما الموسيقى العثمانية التركية نغماتها أبطأ وأطول بتعابير موسيقية دون ضرب متسارع، ويمكن للسامع أن يلاحظ بوضوح نمط العزف إن كان تركيا أو عربيا". وحول أنواع الناي وانفتاحه على الأسواق العربية، يقول: "لدينا أصدقاء كثر من العالم العربي، يزوروننا ونشرب الشاي ونصنع الأعواد، وكما نرسل لكافة دول العالم نرسل للعالم العربي الأعواد أيضا، وخاصة الكويت وقطر ومنطقة الخليج العربي وفلسطين أيضا". ويوضح أن "هناك 8 أنواع ناي بالنوتات الكاملة، و5 بنصف نوتة، بمجموع 13 نوعا من الناي، وربما يمكن أن يكون هناك أنواع أخرى حسب القياس والطول، ولكن الأساس 13 نوعا يستخدم منهم نحو 6 على الأكثر، وفي الورشة هناك دروات لدروس الناي للمبتدئين والمتقدمين". ** الناي التركي والعربي العازف التونسي غازي خنشوش (27 عاما) المقيم في أبو ظبي، تصادف وجوده في الورشة، يحدّث عن تجربته مع الناي التركي: "بدأت الموسيقى بآلة العود لمدة عام، وبعدها أغرمت بالناي، وشعرت أنه أقرب مني أكثر، ويعبر عن أحاسيسي أكثر رغم أنه قصب و6 ثقوب، ولكن صوته يعجبني". ويضيف للأناضول: "دخلت المدرسة الرشيدية، أعرق مدرسة موسيقية بتونس، وهناك تعلمت الناي منذ العام 2009 وحتى الآن أدرس وأتعلم من العازفين والصانعين". وحول رغبته شراء الناي التركي والفرق بينه وبين الناي العربي، يشرح: "صحيح أن الاسم واحد، ولكن هناك فرق شبه بسيط وهو الجزء المتعلق بالفم، ففي الناي العربي النفخ بالقصب مباشرة، وفي الناي التركي هناك جزء مخصص، فيعطي صوتا مختلفا". ويتابع: "التحكم بالناي التركي أكثر، مع قرارات واضحة أكثر على حساب الدرجات العالية، ولكل آلة استخدامها، فإن كنت تبحث عن الصوت الجميل الذي يشبه صوت العصفور، فعليك بالناي العربي الذي فيه حدة، وإن كنت تبحث عن صوت يعطي قرارات جميلة ووقع ثاني، فلا غنى عن الناي التركي". ويشير إلى أن "أبرز دليل على استخدامات الناي التركي، استخدامه في موسيقى التصوف، فيعطي الخشوع والطمأنينة وكلها تتلخص في القطعة الصغيرة، ولقد اشتريت طقما من أجل هذه القطعة". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :