رسم الشاعر والكاتب اللبناني جبران خليل جبران عدة لوحات عن حياة السيد المسيح في كتابه "يسوع ابن الإنسان"، حيث جاءت تلك اللوحات كشهادات على ألسنة مقربين وأعداء ومجرمين شاهدوا يسوع عليه السلام.فكتب "جبران" شهادة مثلا على لسان "حنة" أم مريم تقول حين ولد الطفل:وكان ابن مريم جميل الطلعة وكانت هي أيضا مليحة حسناء..وعندما شاهد المجوس مريم وطفلها أخرجوا من حقائبهم شيئا من الذهب والفضة والمر والبخوروألقوه تحت قدمي الرضيع..ثم ركعوا وصلوا بلغة غريبة لم نتبينها..لكنهم تحدثوا عند الفراق قائلين: إن الصبي لم يتجاوز من العمر يومًا واحدًا، ولكنا على ذلك قد رأينا نور إلهنا في عينيه وابتسامة الرب فوق شفتيه، ونحن طالبون إليك أن تحوطيه برعاية حتى يبلغ أن يراعكم أجمعين..وجاء في الكتاب أيضا على لسان "باراباس" أحد قطاع الطريق، كان قد تم إطلاق سراحه يوم رفع السيد المخلص على الصليب، فكتب "جبران" على لسان "باراباس" قائلا: لقد خلوا سبيلي وأمسكوا به، فعلا وسقطتُ.. وأمسكوا به ضحية وقربانا ليوم الفصح..وحررتُ من أغلالي وسرت في زحمة الناس خلفه، غير أني كنت في الحق حيًا يسعى إلى قبره..كان على أن أهرب إلى الصحراء حيث تحرق الشمس عار الناس..غير أني مضيت مع هؤلاء الذين جروه للقتل ليحمل عني وزري.وعندما سمروه غلى صليبه كنت واقفا أشهد.رأيت وسمعت ولكن خيل إلى أنه لم يكن جسدي هو الذي يرى ويسمع.وقال له اللص الذي صلب إلى يمينه: أيقطر دمك مع دمي، دمك أنت ياعيسى الناصري؟وأجابه عيسى يقول: "لولا هذا المسمار الذي يشد يدي لمددتها إليك وشددت على يديك. لقد صلبنا معا، وياليتهم أقاموا صليبك قريبا من صليبي".ثم أطرق ينظر ويتطلع إلى أمه وإلى فتى كان يقف إلى جواره، وقال: أماه ها هو ذا ابنك يقف إلى جوارك.أيتها المرأة ارقبي رجلا سوف يحمل قطرات دمي إلى بلاد الشمال.وقال في شفقه "رب اغفر لهم فإنهم لا يفقهون ما يفعلون"وعندما انبس بتلك الكلمات حسبت أني أرى الناس كلهم وقد خروا سجدا بين يدي الله يضرعون إليه ليغفر لهم صلبهم هذا الرجل الفرد..ثم عاد يقول في صوت جهوري: ربي إليك أسلم روحي..
مشاركة :