بكين 7 يناير 2020 ( شينخوا) قال عالم صيني بارز إن الدولة قد انشأت 4 محطات نموذجية تجريبية لتعميم التكنولوجيات الزراعية الجديدة والخبرات الصينية المثمرة التي عززت إلى حد ما نقاء مياه النهر الأصفر، في دول واقعة في آسيا الوسطى، ومن المتوقع أن تعممها في دول أخرى تتعرض لتآكل التربة والتصحر على طول الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21. وتتميز هذه التكنولوجيات والخبرات الصينية المعنية بمكافحة تآكل التربة والتصحر والحفاظ على المياه، بالمزج بين التكنولوجيات الزراعية الفعالة والعلوم الهندسية المفيدة في نفس الوقت. وأكدت بيانات علمية وردت في مقالة نشرتها مجلة "الطبيعة - علوم الأرض"، أن حجم الرمال التي تنقلها مياه النهر الأصفر، حيث يعد لون الرمال مصدر اسم هذا النهر، تراجع من 1.6 مليار طن كل عام إلى حوالي 300 مليون طن سنويا في السنوات الأخيرة، حسب سجلات محطة الأرصاد الواقعة في مدينة تونغقوان بمقاطعة شنشي شمال غربي الصين. واستنتج الأكاديمي فو بوه جيا، من الأكاديمية الصينية للعلوم، في هذه المقالة أن التغيرات الإيجابية في الأنشطة البشرية بحوض النهر الأصفر خلال العقود الأخيرة، قد ساهمت في انخفاض ملحوظ للرمال والرواسب التي تنقلها مياه النهر. وأوضح وو بو ته رئيس جامعة شمال غربي الصين للزراعة والغابات، أنه من خلال جملة من الاجراءات والاستعانة بالتكنولوجيات الزراعية والعلوم الهندسية، ارتفعت نسبة الغطاء النباتي في هضبة اللوس، التي تعد مصدرا رئيسيا للرمال والرواسب في مياه النهر الأصفر، إلى أكثر من 63.6 بالمائة خلال العقود الأربعة الأخيرة، وخصوصا في العقدين الماضيين، بعد أن كانت 31.6 بالمئة فقط في عام 1999، مما حول النهر الأصفر عن حاله التي ظل عليها على مر التاريخ، ليصبح لون مياهه مختلفا وأقل صُفرة، فيما يعد ذلك أحد أعجب المنجزات في التاريخ الصيني. وتجدر الإشارة إلى أن هضبة اللوس تقع جميعها في حوض النهر الأصفر وتبلغ مساحتها 640 ألف كيلومتر مربع، وتحتل 85 بالمائة من إجمالي مساحة حوض النهر، وتلعب دورا رئيسيا في تشكيل البيئة المائية للنهر الذي يسميه الشعب الصيني عليه "النهر الأم". وبسبب التآكل الخطير للتربة في الهضبة ، تعرض حوض النهر الأصفر لأكثر من 1500 كارثة فيضان أو جفاف على مدار 2500 عام قبل تأسس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949، بحسب السجلات التاريخية الشاملة. وذكر وو أن إحدى المشكلات المعقدة للغاية تتمثل في تآكل التربة بالهضبة منذ آلاف السنين، وهو ما يعزى إلى الأعداد الضخمة من السكان المحليين وأساليب انتاجهم الزراعية التقليدية التي تُلحق الضرر ببيئة الهضبة ولا تسهم في زيادة حجم الإنتاج الزراعي، مشيرا إلى أن أكثر من 100 مليون نسمة يعيشون في الهضبة، بما يعادل 167 شخصا في كل كيلومتر مربع، وهو ما يزيد على متوسط المعدل الوطني. ومنذ بدايات تأسيس الصين الجديدة، شرعت الحكومات المتعاقبة والعلماء على مختلف المستويات القيام في استطلاع كامل للظروف الطبيعية القاسية في الهضبة، وتم اكتشاف أنه من الممكن تغيير البيئة الطبيعية الفقيرة للمياه في أصغر رافد من روافد للنهر الأصفر بشكل تام بعد 20 عاما من جهود المعالجة. أوضح وو أن الصين تلجأ إلى زراعة بذور 4 أنواع من الأشجار و14 نوعا من الأعشاب، والتي تم اختيارها من خلال جهود مضنية من قبل العلماء الصينيين على مدار العقود السبعة الماضية، باستخدام الطائرات وتكنولوجيات الأرصاد الجوية المتقدمة وفي فترات دقيقة تسبق نزول الأمطار في كل تل من تلال الهضبة. كما تشجع في الوقت نفسه، المزارعين المحليين على إنشاء سدود في كل واد من أودية التلال مستفيدة من التكنولوجية الهندسية. ونتيجة لذلك، تقلص حجم الرمال والرواسب التي تنقلها مياه الأمطار من منحدرات التلال الترابية في هضبة اللوس إلى مجري النهر الأصفر، وبقيت الرمال التي لم تتسرب إلى النهر خلف سدود الأودية، ما حول الأودية إلى حقول خصبة لزراعة الحبوب وحل مشكلة عدم زيادة الإنتاج الزراعي. وقال البروفيسور تشاو تشنغ يانغ من جامعة شمال غربي الصين للزراعة والغابات، إن نسبة الاكتفاء الذاتي من الحبوب في الهضبة ارتفعت من أقل من 60 بالمائة في الخمسينيات من القرن الماضي إلى ما أكثر من 120 بالمائة حاليا. وأضاف أن الصين تعمم التكنولوجيات الزراعية المتقدمة بين المزارعين المحليين مثل الري بالرش والتنقيط. كما اختار العلماء الصينيون سلالات نباتات اقتصادية مناسبة للظروف المحلية مثل التفاح والكيوي والتمر لزراعتها على منحدرات التلال في الهضبة، مما أدى إلى تحويل المنطقة إلى أهم القواعد لانتاج الفواكه في البلاد، وحقق قفزة كبيرة بدخول المزارعين المحليين في ظل تحسن البيئة الطبيعية المحلية. وعلاوة على ذلك، حاول العلماء الصينيون تحسين سلالات البقر المحلي لانتاج مزيد من اللحوم بعد أن ساهمت عملية المكننة الزراعية في استغناء المزارعين عن البقر في الزراعة. ورغم تعرضهم لإخفاقات كثيرة، إلا أنهم نجحوا أخيرا في زيادة متوسط وزن الثور أو الجاموس للمزارعين المحليين بزهاء 150 كيلوغراما، طبقا لما ذكره وو. وكشف تساو شيا هو، مزارع في منطقة هضبة اللوس بمقاطعة شنشي، أن إيرادات عائلته السنوية في عام 2000 لم تبلغ إلا 8000 يوان (دولار واحد يساوي حوالي 7 يوانات)، لكنها ارتفعت بواقع 40 ألفا لتصل إلى 48000 يوان بعد عشرة أعوام. وتجاوز الرقم في العام الماضي 500 ألف يوان، وأصبح مدير جمعية التعاون الزراعية لانتاج الفواكه. وقام وانغ وانغ شنغ، الذي كان فلاحا فقيرا في قرية بوتي بمحافظة لوتشوان في مقاطعة شنشي، بتوسيع حوالي 1.17 فدان من حقول التفاح الجديدة على منحدرات التلال باستخدام القروض الخالية من الفوائد، وقد بلغت إيراداته زهاء 80 ألف يوان، وأتم ترميم مسكنه في عام 2016، وبات بإمكانه إرسال ولده إلى الجامعة بعد تخلص عائلته من الفقر. واستطاع وانغ وان باو، مزارع فواكه في محافظة يونتشنغ بمقاطعة شانشي المجاورة الواقعة في شمالي الصين، بيع الفواكه من خلال جمعية التعاون المحلية إلى سنغافورة والهند وغيرهما من دول الحزام والطريق في العام الماضي. وتضم محافظة يونتشنغ الواقعة على هضبة اللوس نحو 3.3 مليون مو (مو واحد يساوي حوالي 667 مترا مربعا) من حقول الفواكه العالية الجودة بحجم إنتاج سنوي يبلغ 6.2 مليار كيلوغرام. وقد صدرت المحافظة في الفصول الثلاثة الأولى من العام الماضي 183 مليون كيلوغرام من الفواكه إلى الخارج، وفقا لبيانات رسمية.
مشاركة :