إن المحبة في الله من أعظم القيم الإنسانية وأسماها، يعظمها ديننا الحنيف، ويحث عليها ومن أعظم طرق المحبة أن يسير الإنسان على نهج الله عز وجل ويتبع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم في أوامره ونواهيه، وعدم الابتداع في دينه يقول تعالى (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، كما أن من عرى الأيمان الحب في الله والبغض في الله يقول صلى الله عليه وسلم (من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل عرى الإيمان)؛ فالإنسان في تعامله الإنساني يجب أن يستشعر هذه القيم الإيمانية فيعامله بحسن الظن والرحمة ليسود الود في المجتمع، وأن لا يكره الإنسان أخاه المسلم لمجرد شكله أو قبيلته أو لونه أو اختلافه مع الآخرين في الرأي المشروع فإن ذلك من العصبية المبغوضة التي لا يحبها الله وهي مخالفة لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) فالتفاضل عند الله بالتقوى. فإذا حقق الإنسان كمال الإيمان في قلبه، واستقام على ذلك فسيتذوق حلاوة الإيمان وفي الحديث (ثلاث من كنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)، وبهذه المعاني يعيش الإنسان معاني الإنسانية الحقيقية، ولذا علينا أن نعيش ونتعايش بهذه المعاني والقيم مع من حولنا فالإنسان لا يعيش إلا بالاجتماع والألفة والرحمة في مجتمعه ووطنه وهو كما يقولون بطبعه مدنيا متعايشًا بالحب من أجل تقوية نسيج المجتمع بإزالة الفوارق العرقية والمادية، وإعلاء قيم الإيثار والمحبة، ولنكن بين الناس كما جاء في الحديث (إن من عبًاد الله لأناسًا ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى. قالوا: يا رسول اللهِ، تخبرنا من هم، قال: هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم على نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس. وقرأ هذه الآية: “أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّـهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” وفي حديث آخر قال النبي صلى الله عليه وسلم (إنَّ اللَّهَ يقولُ يومَ القيامةِ: أينَ المُتحابُّونَ بجلالي؟ اليومَ أظلُّهم في ظلِّي، يومَ لا ظلَّ إلَّا ظلِّي)، وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله ذكر منهم: (ورجلان تحابّا في اللهِ ، اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه)، وهذه الإخوة مستمرة إلى يوم الدين يقول تعالى: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ). إن إشاعة المحبة بين الناس وبخاصة بين اصحاب المهنة الواحدة ولا سيما في مهنة الصحافة والإعلام من الأمور التي تسهم في تطوير العمل، والإبداع في مخرجاته ولو نشرنا ثقافة التكامل لزالت المعاني التي تحث على البغض والحسد ولم يتمنى أحدنا للآخر الشر بل يكون له عضدًا وعونًا ليكون شريك النجاح ويدعوا له بالتوفيق والسداد باعتبار أنه شريك النجاح لذا علينا أن نبعد أنفسنا الحقد والشك ونتغافل عن الأخطاء والزلات غير المقصودة ونتواضع لبعضنا البعض ولا ينبغي لنا أن ننظر إلى المسائل الخلافية نظرة أكبر من حجمها فنفسد ما بيننا من ود فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، فإذا فهذه هي ثقافة ومهارة الأنفس العظيمة، فعلينا أن نلتمس الأعذار لمن حولنا وبخاصة زملائنا في العمل، علينا أن نوزع الإبتسامة فيما بيننا، وننشر ثقافة التسامح كزملاء مهنة واحدة، ما أجمل أن نزرع بذور الجمال بدواخلنا وحولنا ونحصد الحب والسلام الداخلي ونراه من حولنا ونعزز هذه القيم لا بد أن نكون متصالحين مع أنفسنا أولًا ثم المجتمع من حولنا، لنكون دعاة سلام ومحبة فالدنيا فانية ولن يبقى للإنسان من أثر بعد موته إلا العمل الصالحة والكلمة الطيبة.
مشاركة :