تعنت إثيوبيا يبدد فرص نجاح مفاوضات سد النهضة

  • 1/9/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تختتم، الخميس، في أديس أبابا الجولة الرابعة والأخيرة من اجتماعات وزراء الري لكل من إثيوبيا ومصر والسودان، وممثلين عن الولايات المتحدة والبنك الدولي، لبحث إمكانية الوصول إلى توافق بشأن أزمة سد النهضة. وتسود حالة من الترقب لما ستؤول إليه المفاوضات، ورغم التصريحات التي تبدو إيجابية إلا أن المسار الجديد الذي تم الخوض فيه برعاية أميركية، لم يحقق حتى اللحظة الهدف المنشود. وأوضح وزير الري المصري، محمد عبدالعاطي، الأربعاء، أنه “تم تحديد المكونات الأساسية في الاجتماعات الثلاثة السابقة التي عقدت في أديس أبابا والقاهرة والخرطوم، وتتضمن مرحلة ملء سد النهضة، بما يمكّن إثيوبيا من توليد الطاقة الكهرومائية وتحقيق التنمية، واتخاذ تدابير تخفيف الجفاف الذي قد يتزامن مع فترة ملء السد، والقواعد التشغيلية العادلة والمتوازنة”. وقال إن هناك فرصة لتحقيق تقدم في اجتماع أديس أبابا الحالي للتغلب على الاختلافات، ملمحا إلى أمله في الخروج بمسودة اتفاق لملء وتشغيل السد، وأن مسؤولي الدول الثلاث جاؤوا لتبادل بعض الأفكار والمفاهيم التي تسهم في التوصل إلى اتفاق شامل وتعاوني. وتسعى إثيوبيا إلى تمرير وثيقة أو اتفاق يجنبها الدخول في حلقة جديدة من المحادثات الصعبة، يشارك فيها طرف رابع للمساعدة في تفنيد المشكلات وتقريب وجهات النظر الفنية، ولذلك تبدي في هذه الجولة قدرا من المرونة المحسوبة لتبتعد عن الوصول إلى هذا الخيار. ورغم حُسن النوايا الظاهر على مواقف الأطراف الثلاثة، باتت هناك صعوبة في تجاوز فكرة الطرف الرابع، منذ أن أعلنت الولايات المتحدة مشاركتها في رعاية المفاوضات في 6 نوفمبر الماضي، وسط غياب توافق واضح على النقاط الخلافية، وهي مسألة من المنتظر البت في تفاصيلها خلال اجتماع واشنطن المقرر في 13 يناير. وتخلل الاجتماعات الثلاثة السابقة، لقاء تشاوري في واشنطن عقد في 9 ديسمبر، حضره وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين، ورئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، بمشاركة مسؤولي الدول الثلاث، للاطلاع على سير المفاوضات، لكن جميع اللقاءات في واشنطن أو غيرها لم تسفر عن نتائج حاسمة في القضايا العالقة، خاصة مسألتي آلية ملء سد النهضة وتشغيله. وتداولت وسائل إعلام إثيوبية، الثلاثاء، صورا جديدة نشرتها جهات رسمية للأعمال الإنشائية في سد النهضة، مؤكدة استمرار البناء بوتيرة سريعة، ومن دون تغيير في الأولويات أو التوجهات، بما يوحي بأن الموقف الإثيوبي لن يتغير، و”العمل يدار على قدم وساق لسرعة إنجاز المشروع التنموي لخدمة الشعب الإثيوبي ويقول مراقبون، إن الحكومة الإثيوبية تحاول بهذه الرسالة طمأنة الرأي العام الداخلي واحتواء المخاوف المترتبة عن فشل المفاوضات واللجوء لتفعيل المادة العاشرة من اتفاق الخرطوم في مارس 2015 بالاستعانة بطرف من الخارج، وهي من وجهة النظر الإثيوبية تمثل انتصارا لرؤية القاهرة. وقال الكاتب الأميركي، من أصول إثيوبية والمقيم في أديس أبابا، تاي سيلاسي، لـ”العرب”، “إثيوبيا لا تريد طرفا جديدا في مفاوضات سد النهضة، وكانت مرغمة على دخول الولايات المتحدة والبنك الدولي على خط المفاوضات، وتبحث عن وسيلة لتجاوز هذه العقبة”. وأضاف “دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب على خط الأزمة يصب سياسيا في مصلحة مصر التي سعت إلى تسييس قضية سد النهضة، وقامت بدور دبلوماسي ذكي بعد أن دوّلت الأزمة، وذهبت بها إلى موسكو على هامش القمة الروسية الأفريقية في أكتوبر الماضي، ثم طالبت بتدخل طرف رابع أثناء اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي”. ورأى أن “صراع النفوذ بين روسيا والولايات المتحدة، دفع الثانية إلى اقتحام ملف السد تنفيذا لرغبة مصر، وانجرّت إثيوبيا وراء ذلك بعد أن بدا الرفض بمثابة تعنت غير مبرر”. وتسعى أديس أبابا منذ انطلاق المفاوضات مع القاهرة والخرطوم إلى التأكيد على عدم وجود ضرر على دولتي المصب، وتدفق كميات المياه التي تصل إليهما لن تنقص بشكل كبير، وترفض تحديد كمية مُلزمة. وتشعر الحكومة الإثيوبية بأن انجراف المسألة نحو دخول أطراف أخرى يعني تعرضها لمزيد من الضغوط وانتهاك حقوقها في إدارة المياه داخل أراضيها، وذلك لن يفيد في حل الأزمة، لأنها لن تتنازل عن مشروعها التنموي العملاق، أو تغير كثيرا في خططها الفنية. وعكست تقديرات أخيرة لمسؤولين مصريين رغبة في التهدئة وعدم الانجرار خلف الانتقادات والتصريحات العدائية أو المراوغة، وبدت متفائلة أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يلفت إلى عدم القلق في ظل وجود جدول زمني محدد يقطع الطريق على أي محاولة للمماطلة. ويبقى الموقف السوداني الأكثر تفاؤلا مع تصريحات لوزير المياه السوداني ياسر عباس، بوجود بوادر تشير إلى اتفاق قريب وتجنب سيناريو التصعيد. وأوضح أستاذ القانون الدولي السوداني، محمد مفرح، أن الخرطوم موقفها ثابت ولم يتغير، هي مع التنمية في إثيوبيا وضمان سلامة أمنها المائي، ولا يزال المفاوض السوداني يعتقد أن هناك فوائد من وراء بناء السد أكثر من الأضرار. وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “هناك تغيير طفيف في نبرة الحكومة تجاه سد النهضة بعد أن تعالت أصوات البعض بضرورة التأكد من وجود ضمانات للسلامة لقربه من الحدود السودانية، ولطبيعة كميات المياه المتدفقة إلى البلاد، لأن السد سيوقف فيضان النيل”. وتابع “أكثر ما يهم السودان في المفاوضات الحالية هو حسم مسألة التعامل مع سنوات الجفاف، على عكس مصر التي تهتم بمسألة إدارة السد والربط بالسد العالي في جنوبها، وقضايا فرعية أخرى تراها مهمة لأمنها المائي”.

مشاركة :