حولت مدرسة مصرية متخصصة في صناعة الحليّ باحتها إلى متحف مفتوح للسيارات الملكية والرئاسية النادرة لاستقطاب أعين الطلاب، وتجاورت رغم اختلاف الحقب الزمنية سيارات زعماء عرب في مكان واحد. والتصقت في فناء مدرسة “إيجيبت غولد” بشمال القاهرة، سيارات خاصة بملك الأردن الراحل حسين بن طلال، والملك الليبي السابق إدريس السنوسي، والرئيس المصري الراحل أنور السادات، والمشير الراحل عبدالحكيم عامر. وبدا الموروث النادر تحفة نادرة معروضة أمام تلاميذ مدرسة ثانوية. وفسر المدير التنفيذي خالد حسن أسباب وضع مقتنيات ثمينة في فناء مدرسة حكومية، وهو أمر غير شائع، بالرغبة في تعميق شعور القيمة والجمال لدى الطلاب ممن يدرسون التعامل مع الذهب والمجوهرات. وقال حسن لـ”العرب” “عندما يلتفت الطلاب فيجدون كل ما حولهم ثمينا يدركون القيم الجمالية في الذهب لا المادية، وتتجذر لديهم قيم الإبداع وصفة الأمانة”. وقطعت كل سيارة رحلة طويلة قبل أن تكون معروضة أمام الطلاب، فسيارة الملك حسين، وهي من طراز “رولز رويس”، يتقدمها التاج الملكي، أجزاء كبيرة منها مصنوعة يدويا من خشب الأبنوس. وكان الملك الراحل يستخدمها خلال فترة دراسته في جامعة فيكتوريا بالإسكندرية، وقبل مغادرته أهداها إلى سيدة، ثم اشتراها رئيس مجلس إدارة شركة “إيجيبت غولد” ومقتني السيارات مصطفى نصار، ورفض الكشف عن هوية السيدة. وهناك سيارة أخرى نادرة من نوع “مرسيدس 300”، امتلكها الملك الليبي الراحل إدريس السنوسي، الذي قضى سنواته الأخيرة في القاهرة، بعدما أطاح بحكمه العقيد الراحل معمر القذافي. وبعد وفاته في العام 2006، باع ورثته هذه السيارة التي حظي بها نصار أيضا، الذي يهوى اقتناء السيارات القديمة ذات القيمة، ولديه منها 31 سيارة أخرى. وأشار رئيس مجلس إدارة شركة إيجيبت غولد والمدرسة التي انبثقت عنها، لـ”العرب”، إلى أن السيارة الثالثة “مرسيدس موديل 36 -170”، خاصة بالرئيس الراحل أنور السادات، والأخيرة كان يملكها المشير عبدالحكيم عامر الذي اشترى نفس موديل السيارة، واقتنى السيارتين بعدما اشتراهما من ورثتهما. وحاول نصار، لشدة ولعه بشراء السيارات والمباني القديمة والانتيكات، خلق حالة خاصة في المدرسة لربط الطلاب بقيم ممتدة عبر التاريخ. ويرتبط الطلاب على نحو خاص بالسيارات ويحرصون على التقاط الصور التذكارية معها ويتبادلون حولها القصص. ويعتقد محمد عبدالله، أحد الطلاب، أن السيارات ملك لجد نصار، ويقاطعه آخر بأن أحدها ملك للفنان الراحل إسماعيل ياسين، ويشير ثالث إلى الفنان فريد الأطرش، لكنهم يجمعون على عراقتها والشعور المختلف الذي يخلقه تواجدها في فناء المدرسة، وعبر عنه أحدهم “نشعر أننا نتلقى العلم في متحف”. ولا تشكل السيارات اللافتة الوحيدة في الفضاء الذي يعد أول مدرسة فنية لتعليم صناعة الحُلي في مصر، بل ويعتبر تصميم المكان كله فريدا، فهو يجمع تحفا فنية من عصور عدة، بما في ذلك المنافذ والأبواب التي جُمعت من أخشاب ثمينة. ونقلت المدرسة الفلكلور المصري إليها، وضمت عددا من المظاهر الاحتفالية في الموالد والأعياد الشعبية، مثل الأرجوحات والعربات الجوالة لبيع الحلوى، وكلها من القطع الأصلية وجُمعت من أماكن عدة. وأكد نصار لـ”العرب” أن أحدث قطعة في ديكور المدرسة لا يقل عمرها عن مئة عام، كما استنسخت المدرسة طرازا لشارع المعز في منطقة خان الخليلي بوسط القاهرة، الشهيرة ببيع الذهب والمعروفة بـ”الصاغة”. وتأسست المدرسة وفق بروتوكول تعاون بين وزارة التربية والتعليم المصرية وشركة إيجيبت غولد، وتُغطي 40 بالمئة من إنتاج السوق المحلي للحلي. وتسعى المدرسة إلى تخريج حرفيين للعمل في سوق صناعة الحُلي الذي تنقصه الأيدي العاملة المدربة، واختير طلاب المدرسة وعددهم 200 طالب وفق اختبارات مسبقة للقدرات، ويتلقى هؤلاء تدريبا في مصانع الشركة، كما يحصلون على مكافآت شهرية خلال فترة الدراسة. وترتفع نسبة الفتيات عن الشباب في المدرسة، نظرا لارتباط الأنثى بالحلي واهتمامها بالقيم الجمالية، وحرص كثيرات على إتقان هذه الحرفة بالدراسة. وأوضحت ندى، وهي إحدى الطالبات بالمدرسة، لـ”العرب” أن عائلتها لم يسبق لها العمل في هذا المجال، غير أنها انجذبت للمدرسة لعشقها للحلي والواقع الذي فاق خيالها مع هذه الأجواء المثيرة.
مشاركة :