جهود دولية وعربية مكثفة لحل الأزمة الليبية، تتضمن تحركات دبلوماسية مكثفة من قبل عدد من الدول، من بينها مصر وتونس والجزائر وفرنسا وإيطاليا، حيث زار العاصمة الجزائرية اليوم، الخميس، كل من وزير الخارجية المصري، ووزير خارجية إيطاليا، كما زار تونس العاصمة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان. وأمام استمرار تدهور الوضع والدرجة التي تسارعت بها الأحداث في ليبيا، والتي سترمي بتبعاتها حتما على استقرار المنطقة، تعالت الأصوات المطالبة بضرورة إرساء وقف لإطلاق النار وإنهاء المعارك. ومع تواصل التصعيد العسكري حول العاصمة طرابلس، وفي عدد من مدن البلاد واستمرار سقوط الليبيين بين قتلى وجرحى، تلوح في الأفق بوادر أزمة إنسانية في ظل صعوبة توصيل المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها، الذين يزيد عددهم يوما بعد يوم مع استمرار التوتر. وكانت مصر من أولى الدول التي اهتمت بتطورات الأزمة الليبية الأخيرة، حيث عقدت اجتماعًا خماسيًا أمس لبحث أزمة ليبيا والمتوسط، ضم كلا وزراء خارجية كل من فرنسا وإيطاليا واليونان وقبرص، وذلك لبحث مُجمل التطورات المتسارعة على المشهد الليبي مؤخرا. وناقش الاجتماع سبل دفع جهود التوصل إلى تسوية شاملة تتناول كافة أوجه الأزمة الليبية، والتصدي إلى كل ما من شأنه عرقلة تلك الجهود. كما عقدت وزارة الخارجية المصرية اجتماعا، مع سفراء الدول الأوروبية وأمريكا لدى القاهرة لإحاطتهم بالموقف المصري من تطورات الأوضاع على الساحة الليبية. وأبلغت الخارجية المصرية السفراء بموقفها إزاء الخطوة الأخيرة المُتعلقة بالتفويض الذي منحه البرلمان التركي لإرسال قوات تركية إلى ليبيا، حيث أكد السفير مُعتز زهران، مساعد وزير الخارجية، وعدد من المسؤولين المعنيين بالوزارة، أن خطوة البرلمان التركي تمثل انتهاكا لمقررات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن حول ليبيا بشكل صارخ. وأكدت خارجية مصر، أن قرار البرلمان التركي يتعارض مع القرار (1970) لسنة 2011 الذي أنشأ لجنة عقوبات ليبيا وحظر توريد الأسلحة والتعاون العسكري معها إلا بموافقة لجنة العقوبات، فضلاً عن التحذير من تداعيات أي تدخل عسكري تركي في ليبيا على مسار التسوية الشاملة في ليبيا واستقرار منطقة البحر المتوسط.كما توجه وزير الخارجية المصري، سامح شكري، إلى العاصمة الجزائرية، الخميس، لإجراء مشاورات مع دبلوماسيين جزائريين حول تسارع التطورات في ليبيا. وأفاد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد حافظ، بأن شكري من المقرر أن يلتقي خلال الزيارة بالرئيس الجزائري حاملا رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى نظيره الرئيس عبد المجيد تبون. كما يلتقي شكري بنظيره الجزائري، صبري بوقادوم، للتشاور بشأن الأزمة في ليبيا على ضوء المستجدات المتسارعة هناك. وكانت الجزائر من السباقين في المناشدة لما فيه مصلحة الليبيين وسيادة دولتهم ووحدة أراضيهم، ولم تتوان في تكثيف الجهود من أجل تشجيع الليبيين على العودة إلى طاولة الحوار، حيث أكدت منذ البداية على ضرورة أن يكون الحل للأزمة بالبلد الجار، ليبيا-ليبيا، واستقبلت على أرضها من أجل ذلك عدة جولات للحوار بين الشخصيات والأحزاب السياسية الليبية، و هو من بين المسارات التي انبثق عنها الاتفاق السياسي الليبي لسنة 2015 المسطر للخروج من الأزمة. وهذا ما أكدت عليه الجزائر من خلال رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي استقبل الإثنين الماضي رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فائز السراج، حيث أبرز أن موقف الجزائر “تجسد منذ اندلاع الأزمة الليبية، في الدفاع عن الوحدة الترابية الليبية في المحافل الدولية وعلى كل المستويات، وفي تقديم مساعدات للشعب الليبي الشقيق، تعبيرا عن المودة التي يكنها له الشعب الجزائري ويمليها عليه واجب الأخوة والتضامن وحسن الجوار، وأيضا التزاما من الجزائر باحترام مبادئ القانون الدولي”. ودعت الجزائر، خلال هذا اللقاء، المجتمع الدولي وبالخصوص مجلس الأمن الدولي، إلى “تحمل مسؤولياتهم في فرض احترام السلم والأمن في ليبيا”. وكانت المحادثات فرصة أيضا جدد فيها رئيس الجمهورية التذكير بـ”الموقف الثابت للجزائر حيال الأزمة الليبية والذي يستند أساسا إلى مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير”. وأكد وزير الخارجية الجزائرى، رفض بلاده القاطع للتدخل العسكرى فى ليبيا، مشددا على أهمية الحل السياسي فى البلد الشقيق، جاءت تلك التصريحات عقب لقاء نظيره الإيطالى لويجي دي مايو، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام قبل قليل. ووصل وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، مساء أمس الأربعاء، إلى الجزائر في زيارة رسمية، وكان في استقبال وزير الخارجية الإيطالي، الوزير المنتدب المكلف بالجالية في الخارج رشيد بلادهان رفقة السفير الإيطالي، وتدخل هذه الزيارة في إطار سلسلة المشاورات التي تقوم بها الجزائر حول الأزمة الليبية. من جانبه، قال مراسل الغد في تونس، كريم قندولي، إن الجزائر تسعى عبر دبلوماسيتها لوضع حد للأزمة الليبية والوصول إلى حل سياسي يرضي الأطراف ووقف لغة المدفعية. وأشار إلى زيارة وزير الخارجية الإيطالي للتباحث مع نظيره الجزائري حول سبل حل الأزمة وسوف يلتقي بالوزير الأول ثم رئيس الدولة بهذا الصدد، موضحا أن الجزائر تؤكد موقفها الثابت برفضها التدخل في شؤون الدول من قبل أطراف خارجية وتسعى لحل جذري للأزمة. وتابع، كما يزور تونس وزير خارجية مصر كونها دولة جوار مع ليبيا ومن المؤكد أن يكون موقف مصر والجزائر متشابها إلى حد كبير ، كونها يرفضان التدخل التركي وتجنب الصدام المباشر ووقف الحل العسكري وعدم نشوب حرب وأن الحل سيكون بيد الليبين دون تدخل أي دول أخرى في سيادتهم. مراسلة الغد في تونس، نجلاء أبو خريص، قالت إن تونس تستعد لعدة لقاءات تتعلق بمناقشة الأزمة الليبية، علي رأسها لقاء مسؤولون تونسيون بوزير الخارجية الفرنسي، والتأكد من حضور تونس في مؤتمر برلين المتعلق بحلحلة الأزمة الليبية ودور دول الجوار لحل الأزمة. وأوضحت أن الرئاسة التونسية تؤكد أنها تقف على خط الحيادفي الزمة الليبية وتدعو جميع الأطراف إلى العودة للمفاوضات لتحقيق الاستقرار في المشهد الليبي والمنطقة، مشيرة إلى أن المستشارة الألمانية انجيلا ميركل في اتصال هاتفي تحاول إقناع تونس بالحضور في مؤتمر برلين الذي تعول عليه كثير من الدول في إيجاد حل والجلوس للمفاضوات والحوار بين الأطراف الليبية. بدوره، دعا غسان سلامة، جميع الأطراف للاستجابة لدعوات ومبادرات وقف العمليات العسكرية في جميع أنحاء ليبيا من أجل تجنيب البلاد المزيد من إراقة الدماء والمزيد من المعاناة للشعب الليبي الذي عانى الويلات جراء هذه الحرب. كما ناشد غسان سلامة المجتمع الدولي، وخاصة الدول المعنية بالملف الليبي، الاستفادة من الزخم الراهن للدفع قدما بندوة برلين للوصول إلى توافق دولي حول الأزمة الليبية في أقرب وقت ممكن وإيجاد مظلة دولية لدعم وحماية المسارات التي أطلقتها بعثة الأمم المتحدة، والتي تقتصر حصرا على الليبيين، والهادفة إلى معالجة الأزمة الليبية من جميع جوانبها، الاقتصادية والمالية، والعسكرية والأمنية، والسياسية. ويعتزم مجلس السلم والأمن الأفريقي عقد قمة لبحث الوضع في ليبيا بداية شهر فبراير المقبل، وأوضح إسماعيل شرقي، المفوض الأفريقي للسلم والأمن، أن القمة المصغرة حول ليبيا ومنطقة الساحل ستعقد عشية قمة الاتحاد الأفريقي المقررة يومي 8 و9 فبراير بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا. بدوره، قال جان إيف لودريان وزير الخارجية الفرنسي، اليوم الخميس، إن محادثاته مع الرئيس التونسي قيس بن سعيد شملت الوضع في ليبيا، مضيفا إن التصعيد الراهن في ليبيا يهدد بضرب استقرار المنطقة. وأضاف لودريان، خلال كلمته عقب لقائه بالرئيس التونسي، قيس سعيد، “بحثت أيضا مع الرئيس نتائج اجتماع القاهرة وبروكسل مع زملائنا الأوروبيين والمصريين حول التصعيد في ليبيا، الذي يهدد بضرب استقرار المنطقة، في المغرب والساحل”. وأكد أن فرنسا تدعم جهود مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة والتوافق الدولي في مؤتمر برلين، الذي سيعقد في وقت لاحق من أجل التوصل إلى حلول للأزمة. وشدد على أن الخروج من الأزمة يستدعي حوار ليبي-ليبي ومسار سياسي بدعم خاصة من دول الجوار ومن بينهم تونس.
مشاركة :