اعتبر وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، أمس، أن الجيش العراقي لم «يبدِ إرادة بالقتال» في مدينة الرمادي غرب العراق التي سقطت قبل أسبوع بأيدي تنظيم داعش. وقال الوزير الأميركي في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»: «ما حصل على ما يبدو أن القوات العراقية لم تبدِ إرادة بالقتال (..) لدينا مشكلة مع إرادة العراقيين في قتال تنظيم داعش وفي الدفاع عن أنفسهم». وأضاف الوزير الأميركي، أن الجنود العراقيين «لم يعانوا من نقص في العدد، بل كانوا أكثر عددا بكثير من القوات المقابلة، إلا أنهم انسحبوا من المنطقة». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن كارتر قوله أيضا: «نستطيع أن نقدم لهم التدريب والتجهيزات، إلا أننا بالتأكيد لا نستطيع أن نقدم لهم إرادة القتال». وتابع الوزير الأميركي: «أما وقد قدمنا لهم التدريب والتجهيزات والمساعدات، آمل بأن يبدوا إرادة بالقتال، لأنهم لن يتمكنوا من هزيمة تنظيم داعش ما لم يقاتلونه». واعتبر آشتون كارتر أن القصف الجوي الذي تقوم به قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة «فعّال، إلا أنه لا يمكن أن يحل مكان إرادة القوات العراقية بالقتال». من ناحية ثانية، نفت عشائر البو فهد في محافظة الأنبار وقوفها على الحياد في مقاتلة تنظيم داعش، لكنها عبرت عن خيبة أملها حيال الموقف السلبي من الحكومة العراقية منها. وقال شيخ عشائر البو فهد، رافع عبد الكريم الفهداوي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا صحة لما أشيع بشأن وقوفنا على الحياد في مقاتلة تنظيم داعش لأننا نعتبره عدونا الرئيسي، وقد بقينا صامدين في مواقعنا القتالية منذ أكثر من سنة ونصف السنة، لكننا في الوقت نفسه لا ننفي شعورنا بالخذلان من موقف الحكومة تجاهنا، حيث لم تتولَّ تسليحنا وإمدادنا بعناصر القوة التي تساعدنا على الثبات». وفي حين لا تزال الأنباء متضاربة بشأن الكيفية التي تم بموجبها الانسحاب من الرمادي من قبل القطعات العسكرية التي كانت تواجه تنظيم داعش بين أن يكون انسحابا تكتيكيا أو غير مبرر طبقا لوصف وزير الدفاع، فقد رسم الشيخ الفهداوي صورة واضحة لطريقة الانسحاب التي نفذها قائد عمليات الأنبار، والتي وصفها بأنها «تفتقر لأبسط أساليب التكتيك العسكري من قبل ضابط كبير يحمل شارة الأركان». وقال الفهداوي، إن «هناك على ما يبدو لعبة قذرة رافقت عملية الانسحاب الذي لو كان تكتيكيا بالفعل لما اتجه بالخطأ، بينما كان بالإمكان تغيير مسار القطعات بما يؤدي إلى تقوية المناطق التي تقاتل (داعش)، وذلك بالقرب من قاعدة الحبانية، وذلك بالاتجاه نحو شرق الرمادي، والذي كان بإمكانه الوصول إليه بسرعة والعمل على تكوين جبهة مقاتلة قوية ضد التنظيم»، مبينا أن «الذي حصل كان عكس المتوقع، إذ جاءت الأوامر بانسحاب القطعات غربا باتجاه ناحية النخيب بعد أن فقد هذا القائد الذي أعطى أوامر الانسحاب بهذه الطريقة الخاطئة وغير المسؤولة نحو 100 قتيل». وأوضح الفهداوي أن «قائد الفرقة الذهبية انسحب هو الآخر بطريقة غير مسؤولة، حيث لم ينسحب إلى منطقة آمنة لكي نقول إن انسحابه كان تكتيكيا، حيث انسحب إلى منطقة بعيدة تاركا فوجا، وحين هجم (داعش) انسحب الفوج تاركا أبناء العشائر وحدهم، وبالتالي جعل خط الصد يفقد طاقة بشرية كان يمكنها الصمود». وكان وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي الذي دافع أول الأمر عن نظرية الانسحاب التكتيكي تعهد أول من أمس بمحاسبة المقصرين، عادا ما حصل من انسحاب في الرمادي بأنه غير مبرر. وقال العبيدي في حديث، إنه «سيتم إعلان نتائج التحقيق في سقوط مدينة الرمادي بيد تنظيم داعش قريبا». وأضاف أن «قواتنا المسلحة تبذل جهودًا كبيرة وتقدم تضحيات عالية من أجل العراق»، مبينا أن «أكبر جيوش العالم لا تستطيع أن تعيش نفس ظروف قواتنا في جبهات القتال». وأضاف العبيدي أن «الوزارة لن تسمح لأي متخاذل بالبقاء في الجيش وسنحاسب بقوة كل من لم يدافع عن الأرض العراقية»، كما وعد وسائل الإعلام بـ«إعلان نتائج التحقيق في ما حصل في الرمادي قريبا». من جانبه، أكد الخبير الأمني هشام الهاشمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «انسحاب قائد العمليات تجاه الكيلو 35 أوقعه في فخ هاونات (داعش) وعبواته على جانبي الطريق بالإضافة إلى القنص، إذ تمكن تنظيم داعش من إحراز تقدم كبير على جبهات القتال هناك، فالمعارك امتدت من منطقة (السجارية) إلى منطقة (الكيلو 35) بالرمادي، وقد تمكن مقاتلو (داعش) خلالها من إحكام سيطرتهم على أربع مناطق جديدة هي مقر قيادة العمليات، والملعب، ومقر اللواء الثامن، وزنكورة، واغتنام آليات عسكرية كانت موجودة في مقر اللواء الثامن، بعد الهجوم عليه، في حين فرّ عناصر الفرقة الذهبية باتجاه الخالدية». ويؤيد الهاشمي ما ذهب إليه الشيخ رافع الفهداوي بوقوع خسائر كبيرة نتيجة هذا الانسحاب، مشيرا إلى أن «العشرات من جنود عمليات الأنبار وأبناء العشائر ومقاتلي الفرقة الذهبية قتلوا في هذه المعارك، كما أن الكثير من الجثث والجرحى تركوا هناك ولم ينقلوا إلى المستشفيات».
مشاركة :