تزخر التمرة بكمية لا يستهان بها من العناصر الغذائية، بحيث تكون غذاء كاملا عند تدعيمها ببعض المكملات الغذائية، فهي غنية بعناصر الطاقة المتمثلة في سكر الفركتوز والجلوكوز اللذين يتميزان بسهولة التمثيل الغذائي. يقول لـ «اليوم» المهندس عبدالمحسن فهد الشعوان ضمن الملف الشهري التاسع «قطاع التمور.. رافد اقتصادي مهمش»: إن ثمرة التمر منجم لكثير من المعادن التي يحتاجها الجسم، مثل الكالسيوم الذي يصل إلى 74 مليجراما لكل 100جرام، والبوتاسيوم حيث يصل إلى1000 مل جرام/100جرام، والمغنيزيوم والحديد والزنك والنحاس والفوسفور والصوديوم وكمية عالية من الألياف ذات الأهمية في عملية الهضم والإخراج، إضافة إلى ذلك تميزها بالمذاق الطيب والطعم الحلو الذي يغني عن إضافة أي مادة سكرية في كثير من الحالات، إلا أن محتواها من البروتين لا يصل إلى 3 % في الوزن الجاف، كما أن محتواها من الدهون والفيتامينات في مرحلة التمر تقل عن الاحتياجات الجسمية للإنسان، إلا أن الفيتامينات ترتفع نسبتها كثيرا في مرحلة البسر والرطب والخلال عنها في التمر. وأضاف الشعوان: استخدم التمر كمكون أساسي في صناعة بعض الأغذية وتحويل التمر من شكله الثمري إلى صور يمكّن من استخدامه في منتجات غذائية تكون لها فوائد جمة، أولها فتح منافذ عدة لسوق التمر، وثانيها رفع القيمة الغذائية للمنتجات الداخل فيها التمر، مبينا أن هذا الأسلوب هو ما يعرف بالصناعات التحويلية للتمور، وطرح العديد من الأمثلة عن الصناعات التحويلية للتمور منها على سبيل المثال عجينة التمر، والتي يتم إنتاجها آليا وذلك بتعريض التمور بعد فرزها من الشوائب وغسلها إلى تيار من بخار الماء ليتم تطريتها ليسهل نزع النواة منها بواسطة آلة مصممة لهذا الغرض، بعدها يتم فرم المنتج ويعبأ في عبوات تجارية، معبرا أن أول إنتاج لعجينة التمر وعلى مستوى تجاري في المملكة كان في مصنع تمور الشركة الوطنية للتنمية الزراعية (نادك) بالأحساء، وكان في عام 1984م حيث دخلت العجينة في صناعة المعمول بهدف تطوير صناعة البسكويت، لرفع قيمته الغذائية بحشوه بالتمر، مضيفا: إن سوق العجينة الآن تصل الطلبيات عليه إلى عشرات آلاف من الأطنان فقط لهذا الغرض لمصانع البسكويت والمخابز، كما أن إحدى الشركات العالمية لأغذية الأطفال تمكنت من رفع القيمة الغذائية بإضافة منتجات التمر لأحد منتجاتها من أغذية الأطفال. وبين العشوان أن المركز الإقليمي لأبحاث الزراعة والمياه بالرياض التابع لوزارة الزراعة بالمملكة قد أعد دراسة مستفيضة عن التمور السعودية للدكتور وجيه صوايا عام 1986، شملت تجارب لإنتاج بعض الأغذية مثل أصابع التمر التي يدخل التمر بـ 70 % من مكونها هذا المنتج مدعم بالبروتين من الحليب المجفف أو البروتين المنتج من فول الصويا، أو إضافة بعض المكسرات والخمائر وحيدة الخلية بخيارات عدّة، كما أنتج مجموعة من المربيات أساسها عجينة التمر، ولم يقتصر البحث على عجينة التمر، بل تعدّاه إلى عجينة البسر والتي أنتج منها ما يعرف بـ «شاتني التمر» الذي يستخدم كمطيب أو صلصة أو منكّهة لبعض الأطعمة. إن عجينة البسر تعتبر أعلى محتوى فيتاميني من عجينة التمر، كما أنه يمكن إدخال العجينة في صناعة الكاتشب بإحلالها محل السكر أو جزء منه ورفع القيمة الغذائية له، كما تم إدخالها في صناعة الخبز وتطوير الخبز البلدي المعروف بالخبز الأحمر، وإدخالها في صناعة رقائق الحبوب مثل الكورن فلكس. إن معالجة العجينة بالحرارة والبرودة تمكننا من إنتاج أنواع شتى من الحلويات المحببة والمفيدة غذائيا لدى الأطفال وكذلك الكبار، فالمجال واسع لاستخدامها في مجالات شتى لصناعة الأغذية. ومن الصناعات الغذائية أيضا دبس التمر، حيث يعتبر الدبس الخلاصة السائلة المركزة للتمر يحتوي جل أو معظم المواد السائلة والذائبة لمكونات التمر، وينتج بأسلوبين الأول هو اسلوب الكبس، وذلك بجمع التمر في أوعية خاصة لهذا الغرض ثم ترص على بعضها بعد وضعها في أماكن خاصة ووضع أثقال فوقها، بحيث ينزل منها الدبس إذا كان الطقس دافئا، وهذا هو الأسلوب التقليدي البلدي ويتميز الدبس بأنه ممثل فعلي للتمر المنتج منه بكل ما تعنيه الكلمة، لذلك فإن مواصفاته غير ثابتة، مما يعيق استخدامه في صناعة الأغذية ذات المواصفات الثابتة، والتي تحتاج إلى مكونات ذات مواصفات ثابتة مثل العصائر والمشروبات المعلّبة، إلا أنه يعد خيارا مثاليا لربات البيوت لاستخدامه في الوصفات المطبخية، حيث لا لزوم لثبات المواصفات. وأضاف الشعوان: الأسلوب الثاني لإنتاج الدبس هو أسلوب تقني صناعي يحوّل فيه التمر إلى عصير بعد طحنه ومزجه بالماء ثم فصل النوى وفلترته من الشوائب والألياف غير الذائبة إلى أن ينتج عصيرا رائقا تكون نسبة المواد الصلبة الذائبة فيه لا تقل عن 20 % ثم يعمد إلى تركيزه وذلك بطرد الماء منه بأسلوب التفريغ الهوائي ورفع درجة حرارة العصير إلى 45 درجة مئوية، ويجب ألا تزيد عن ذلك لكي لا يتكرمل بعض محتواه من السكر، ويجب ألا يقل تركيز المنتج بعد التركيز عن 70 % (نسبة المواد الصلبة الذائبة)، حيث إن هذا التركيز فما فوقه لا يسمح بنمو الكائنات الدقيقة فيه، والتي تتسبب في تغيير خواصه أو تلفه ثم يعمل له بسترة، لكي لا تتبلور بعض سكريات هذا الدبس، وبهذه الطريقة يمكن إنتاج وجبة كاملة بخواص ثابتة ويمكن تكرارها حسب الطلبية، ويمكن تغيير المواصفات بتغيير نوع التمر أو بمزج أكثر من نوع بنسب ثابتة لمواصفة معينة. وأكمل العشوان شرحه بقوله: إن هذا الدبس يعتبر من الصناعات التحويلية للتمر لإمكانية استغلاله كمكون أساسي لبعض المنتجات الغذائية، كإحلاله محل السكر في صناعة الحلاوة الطحينية وفي شيرة البانكيك أو في أغذية الأطفال، مثلما استخدمته إحدى الشركات العالمية المتخصصة في أغذية الأطفال، ويستخدم في صناعة منتجات الألبان مثل الزبادي المحلى، ويمكن استخدامه كبديل للسكر في إنتاج المشروبات الغازية والعصائر لرفع قيمتها الغذائية، إضافة لتحليتها، كما يمكن استخدامه في إنتاج مشروب غازي صحي بعد إضافة المنكهات الطبيعية المناسبة. أما الخل الطبيعي فأشار الشعوان إلى أنه يعتبر منتجا تحويليا من تمور الدرجة الثالثة والتمور المهشمة، وذلك بتحويلها إلى عصير كما في الدبس، ثم تُجرى له عملية تخمير تحت ظروف جوية مناسبة لإنتاج نبيذ التمر الذي يعرض جزء منه لتيار من الهواء الجوي للحصول على الخل الأحمر، أما الجزء الآخر فيقطر للحصول على الكحول الذي يتحول بعد حله بالماء وتعريضه لتيار من الهواء إلى خل ابيض. مضيفا: كما هو معروف أن الخل يدخل في كثير من الصناعات الغذائية مثل صناعة مختلف أنواع الشطة والكاتشب والمايونيز وفي صناعة المخللات، وعدا الصناعات الغذائية فإنه يستخدم في أمور صناعية مثل الأصباغ والمنظفات وقيل انه يستخدم في صناعة البلاستيك. أما عن المنتجات الجانبية للصناعات التحويلية للتمور، فبين العشوان أنه عند تصنيع منتجات تحويلية للتمور فإنه يتخلّف عنها منتجات ذات قيمة نقدية ترفع من دخل المنشأة إذا أحسن استغلالها، ومن هذه المنتجات النوى المتخلف من صناعة العجينة والدبس والخل حيث يشكل النوى 10% من كمية التمور المستخدمة في تصنيع العجينة والدبس والخل، يحتوي النوى على نسبة من البروتين تصل إلى 6,5% في بعض الأنواع من التمور وتحتوي على ما يزيد على 60% كربوهيدرات و22 % الياف و10,4 % دهون ويمكن إضافتها كنسبة في أعلاف الحيوانات بعد تيسيرها للاستهلاك الحيواني بالطحن وتحويلها إلى مسحوق إضافة إلى استخدامات النوى بتحويلها إلى فحم نشط ومن المعروف الاستخدامات العديدة التي تبدأ من تصفية المياه وفلترة وترويق العصائر وفلترة الهواء. وأوضح العشوان أنه يمكن الاستفادة من الألياف الناتجة من ترويق العصير المستخدم في إنتاج الدبس والخل في إنتاج الأدوية الخاصة بأمراض الجهاز الهضمي لمعالجة عسر الهضم، كما يمكن أن تضاف كمكمل غذائي لسد نقص الألياف، أما خميرة البيرة والمعروفة بمحتواها العالي من مجموعة فيتامينات (ب) هذه الخميرة يمكن استخلاصها من عملية تخمير العصير في صناعة الخل. والتمر يمكن الاستفادة منه في مراحل نموه المختلفة، فيكون في مرحلة الخلال، فأثناء نمو الثمرة وقبل ان تتحول من اللون الأخضر فإنه يمكن قطف الثمار وتثقيبها أو تقطيعها إلى حلقات ثم تخليلها باستخدام الملح او الخل الطبيعي بعد أن تزال النواة وتطريتها بالبخار لمدة دقيقتين ثم تخزينها لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ثم تسويقها كمخلل. أما مرحلة البسر فكان البسر قبل ستة عقود في الأحساء والقطيف يستغل تجاريا في إنتاج ما يعرف بالسلوق، وهو سلق الثمار في مرحلة البسر في الماء المغلي لفترة زمنية محددة ثم تجفيفه في الشمس، فكان يصدر للهند وجنوب شرق آسيا، كما توجد أبحاث على طرق إنتاج السلوق في المركز الوطني لأبحاث النخيل والتمور مقرّه الأحساء، ويشكل البسر نسبة عالية جدا في إنتاج النخلة في المراحل الأولى من عمرها حتى السنة العاشرة في كثير من الأنواع، وعلى رأسها الخلاص حيث لا يتحول جزء كبير من ثمرها إلى رطب ثم إلى تمر، مما يلزم الاستفادة من هذه الثمار خلال هذه الفترة والتي ليست بالقصيرة، مؤكدا على ضرورة العمل على فتح تلك الأسواق وغيرها مرة أخرى والعمل على تطوير صناعة السلوق فنيا وتقنيا، مشيرا إلى أنه من الممكن بل والمتيسر تحويل السلوق إلى مسحوق يعرف بمسحوق التمر والذي يكثر عليه الطلب من قبل مصانع الأغذية العالمية. وأبان العشوان أنه المنتج المعروف بالشتني والذي ينتج من الفواكه الحلوة مثل المانجو والخوخ والتفاح كذلك يمكن إنتاجه من التمر والبسر كل على حدة، وذلك بخلط عجينة البسر أو عجينة التمر مع الجزر المبشور أو المهروس وإضافة الأعشاب العطرية مثل الزعتر والكزبرة ثم التوابل والملح والنكهات الطبيعية الأخرى وطبخه ثم تعبئته تحت ظروف معقمة وتسويقه. هذا المنتج يعتبر من المنتجات فاتحة الشهية ومن المطيّبات للطعام وقلّما تدخل أي مركز للتّسوق إلا وتجده على رفوفه أو تدخل لأي مطعم من المطاعم المشهورة أو السريعة إلا وتجده على طاولاتها. ولنجاح تسويق التمور والمنتجات التحويلية للتمر هناك عدة شروط أبانها العشوان بشروط حقلية، وهذه الشروط من المفروض أن كل مزارع ملتزم بها وعلى رأسها نظافة الحقل من الحشائش والمخلفات الحقلية والحيوانية، وخلوه من الحشرات والآفات الزراعية والقوارض واستخدام المبيدات تحت إشراف ومعرفة الأخصائيين وبأقل قدر وكمية ممكنة، والحرص الشديد على الخدمات الزراعية الأخرى من تسميد وري وتقليم، واتباع الطرق السليمة والنظيفة في عمليات الجني والتبكير بها قدر الإمكان لعدم إتاحة الفرصة للإصابة بالحشرات. كل هذه الأمور في مجملها سوف ترتقي بجودة المحصول وقبوله لدى المستهلك أو صاحب المنشأة الصناعية، والذي يجب عليه ألا يستلم إلا تمورا خالية بالذات من الإصابة الحشرية حتى ولو كانت ميتة خصوصا وإن كانت ستحول إلى عجينة او دبس. ويلي الشرط الأول الشروط المصنعية فالمباني لا بد أن تحتوي على مخازن تبريد لتخزين التمور الخام وأخرى للمنتج النهائي وان يستخدم في بناء المباني مواد سهلة التنظيف والتعقيم بالمطهرات والبخار وعدم وجود زوايا تختبئ فيها الميكروبات، وغيرها، وأن تشتمل المنشأة على مختبر لضبط الجودة والتلوث. وأن تكون الآلات والمعدات مصنعة من مواد صالحة لصناعة الأغذية مثل استانلس ستيل في الحديد، وان تكون خالية قدر الإمكان من الزوايا والثنيات ليسهل تنظيفها وتعقيمها وألا تكون مخبأ للميكروبات. أما عن المواد المستخدمة في التصنيع فبين العشوان ان المياه لا بد ان تكون من مصدر نظيف وخال من الملوثات، كما يجب أن تحتوي المنشأة على وحدة لمعالجة المياه وتكون تحت مراقبة المختبر باستمرار، وان تكون مواد التعبئة والتغليف من مصادر موثوقة، والأهم القوة البشرية العاملة وهي ذات أهمية قصوى، فلا بد وان تكون لائقة صحيا، وان تكون على مستوى عال من الخبرة والتدريب حسب مواقعها وملتزمة بالنظافة ولبس الألبسة الخاصة بالصناعات الغذائية. المنتجات التحويلية من التمور صناعة ذات قيمة مضافة أصابع التمر تحوي فوائد صحية عديدة
مشاركة :