حكم على رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود أولمرت اليوم (الاثنين)، بالسجن ثمانية أشهر لقبول مدفوعات بشكل غير مشروع من رجل أعمال أميركي. وعقب إصدار الحكم في محكمة القدس الجزئية، قال يوري كوريف المدعي العام «يُعتبر سلوكه خيانة للثقة التي تضرّ بالشعب وبالأخلاق وثقة الناس بكيفية تصرفه الفاسد». وأدانت المحكمة أولمرت بالتحايل وانتهاك الثقة استنادا إلى شهادة جديدة لمساعد سابق قبل عقد صفقة مع الادعاء. فيما قال محاموه إنهم سيطعنون على الادانة والحكم الجديدين أمام المحكمة العليا. ويواجه أولمرت الآن، عقوبة السجن خمسة أعوام، بعد أن حُكم عليه في مايو (أيار) الماضي بالسجن ستة أعوام لقبوله رشى تبلغ 160 ألف دولار فيما يتصل بصفقة عقارات في القدس حين كان يشغل منصب رئيس بلدية المدينة. واستند حكم اليوم في صدوره إلى حكم في مارس (اذار)، كان خلص إلى أن أولمرت عندما كان يشغل منصب وزير الصناعة والتجارة، قبِل مظاريف مليئة بالاموال من المليونير اليهودي الأميركي موريس تالانسكي، الذي شهد بدوره أمام الشرطة قائلًا «تبرعت بأموال لأولمرت نقدًا وبشيكات وتحويلات بنكية طوال أعوام، وإذا استُخدمت هذه الأموال لغايات غير قانونية، فهذا حصل من دون علمي ولا علاقة لي بذلك». كما شهد أيضًا أن المال قد أنفق في شراء أنواع فاخرة من السيجار وعلى حجوزات في مقاعد الدرجة الأولى بالطائرات والفنادق الفخمة، بيد أنّه أصرّ على أنه لم يتلقَ شيئاً في المقابل. بداية اعتبرت التبرئة من تهم الفساد الخطيرة انتصارا لأولمرت الذي أنكرها مصرًا، إلا أن مديرة مكتبه السابقة وكاتمة أسراره شولا زاكين قدمت مذكراتها وتسجيلات محادثات هاتفية لأولمرت، تثبت تقاضيه أموالا هائلة بشكل غير قانوني، الأمر الذي استوجب إعادة محاكمته. وتظهر التسجيلات طلب أولمرت من زاكين أن لا تدلي بشهادتها في جلسة المحاكمة الأولى كي تحمي ظهره. من جهة أخرى، خلص القضاة إلى أن أولمرت قد أعطاها جزءاً من هذا المال مقابل ضمان ولائها، وأنه استخدم المال لمنفعته الخاصة من دون أن يُخطِر الجهات المسؤولة طبقًا للقانون. يذكر أنّ إيهود أولمرت كان يأمل في أن يقود بلاده إلى اتفاق سلام تاريخي مع الفلسطينيين، فشارك في مؤتمر أنابوليس 2007، ومحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية. وصدر عنه بيان مشترك بين القادة الإسرائيليين والفلسطينيين دعا إلى الانخراط في المفاوضات، يكون هدفها التوصل إلى اتفاق سلام كامل بحلول نهاية 2008. واتفق الطرفان على أن تطبيق بنود السلام ينبغي أن تسبقه إجراءات بناء الثقة المنصوص عليها في خارطة الطريق. إنّما رحيله عن السياسة مهد الطريق لانتخاب رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، فلم تكلّل جهود السلام الذي كان يأمل أن يحققها مع فلسطين بالنجاح. ففي عام 2008 أعلن أولمرت من باريس، إثر لقاء مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بحضور الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، أن الإسرائيليين والفلسطينيين قريبون «أكثر من أي يوم مضى من التوصل إلى اتفاق سلام». مضيفًا «لم نكن يوماً قريبين كما نحن اليوم من إمكانية التوصل إلى اتفاق»؛ لكنها توقفت في العام نفسه مع بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة؛ وأجبر بعدها بسنة على الاستقالة بسبب مزاعم تتعلق بالفساد. وحسبما ذكر موقع «الاندبندنت» البريطاني، فإنّ أولمرت منح الفلسطينيين حوالى 95 في المائة من مساحة الضفة الغربية إضافة إلى تبادل أراضي لتستوفي نسبة الـ 5 في المائة المتبقية، وأيضا إدارة دولية في القدس الشرقية خلال عام من المفاوضات المكثفة قبل الحكم عليه بالسجن. ويطعن أولمرت (69 سنة)، على ادانته أمام المحكمة العليا نافيا ارتكاب أي مخالفة في القضيتين. ولا يزال طليقا لحين الانتهاء من عملية الطعن. وقال محاموه إن من المقرر صدور حكم المحكمة العليا في القضية الاولى خلال الشهرين المقبلين. الجدير ذكره، أنّ أولمرت هو آخر المسؤولين الإسرائيليين رفيعي المستوى الذين أدينوا بالفساد خلال السنوات الماضية، بمن فيهم وزير المالية السابق أفراهام هيرشون الذي حكم عليه بالسجن لخمس سنوات ووزير شؤون مجلس الوزراء الذي حكم عليه بأربع سنوات. كما واجه أفيغور ليبرمان وزير خارجية إسرائيل، تهم فساد أيضا، قبل أن يُبرّأ ويعود لمنصبه عام 2013. وفي نهاية العام الماضي، تورطت 30 شخصية عامة وسياسية مرتبطة بحزبه في قضايا فساد لا تزال محل تحقيق.
مشاركة :