يبذل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مساعي بلورة حل للخروج من الأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد منذ نحو عام وذلك بفتح سلسلة مشاورات سياسية غير معلنة مع رموز المعارضة السياسية، حيث التقى بالدبلوماسي ووزير الاتصال الأسبق المعارض عبدالعزيز رحابي. ويعتبر هذا اللقاء الثاني من نوعه، بعد استقبال تبون لرئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور عشية الإعلان عن التشكيل الحكومي الجديد، ومن المنتظر أن يلتقي خلال الأيام القليلة المقبلة بالعديد من الشخصيات السياسية الحزبية والمستقلة، في إطار التشاور حول حلول للوضع السياسي السائد في البلاد. وذكر بيان الرئاسة بأن تبون شرح في اللقاء مع رحابي “الخطوات السياسية الجارية والقادمة لبناء الثقة التي تعزز التواصل والحوار، قصد إقامة جبهة داخلية قوية ومتماسكة، واستدراك الوقت الضائع لتشييد دولة المؤسسات التي تكرس فيها الديمقراطية التي تجنب البلاد أي انحراف استبدادي في المستقبل”. ولا يزال الغموض يكتنف مسار الحل السياسي في الجزائر، بسبب محدودية الخطوات المتخذة من طرف السلطة تجاه الاحتجاجات السياسية المستمرة على مدار 47 أسبوعا، فالإطلاق الجزئي لسراح معتقلي الرأي، لا يزال تقابله حملة توقيفات ومحاكمات تشمل العشرات من الناشطين والمعارضين، إلى جانب استمرار الإجراءات القمعية تجاه المتظاهرين والصحافيين والمدونين، حيث تم الجمعة، وهي الجمعة السابعة والأربعون من عمر الحراك الشعبي، اعتقال عدد من المتظاهرين والصحافيين. كما أن ترحيب قطاع من الطبقة الحزبية والأهلية بمبادرة تعديل الدستور المعلن عنها مؤخرا من طرف رئيس الجمهورية، لا يعكس الموقف السائد في البلاد، إذ يصر المحتجون في المسيرات الشعبية الأسبوعية، على رفض عروض السلطة، ويعتبرونها شكلا من أشكال الالتفاف والمناورات لإنهاء الحراك الشعبي. ولا يزال مطلب رحيل السلطة وتحقيق تغيير سياسي شامل في البلاد عبر مرحلة انتقالية، صلب الأجندة التي يتمسك بها المحتجون في مختلف المظاهرات والمسيرات الشعبية في أنحاء البلاد، التي لا تزال تعبر عن عدم اعترافها بتبون رئيسا للبلاد، وتعتبره واجهة مدنية للسلطة العسكرية. وأوضح رحابي، في تصريح لوسائل إعلام حكومية عقب لقائه بتبون، أنه “اجتمع مع رئيس الجمهورية بدعوة منه لتبادل الآراء والاستماع إلى تقييمه للوضع الحالي وتصوره للمستقبل”. وأضاف “لقد نقل إلي انشغاله حول فقدان الثقة بين الشعب والنظام السياسي بحكم التجارب السابقة، وسجل ضرورة السعي إلى التوصل إلى اتفاق وطني موسع للخروج من الوضع الحالي مما يخدم كذلك الجبهة الداخلية في ظل المخاطر الأمنية في جوار الجزائر”. ولفت إلى أنه عبر للرئيس عن قناعته بأن “اتخاذ بعض القرارات في إطار صلاحياته الدستورية، قد يساهم في إرساء الثقة والتهدئة”. وأشار إلى “إطلاق سراح كل معتقلي الرأي ورفع كل أشكال الوصاية عن الإعلام، والحد من التضييق على العمل الحزبي الممارس ضد القوى السياسية التي تخالف سياسة السلطة”. وتابع “دعوت إلى حماية الحراك الوطني المبارك من محاولات إضعافه وتجريمه، واعتباره فرصة تاريخية لدخول الجزائر عهد الحريات الفردية والجماعية، ومواكبة الأنظمة المتقدمة في العالم، وإلى فتح قنوات التواصل على مستوى مسؤول، دون إقصاء لأي طرف، للوصول إلى أكبر قدر ممكن من الإجماع الوطني للخروج من الانسداد الحالي، والتفرغ إلى القضايا الاقتصادية والاجتماعية، التي تمثل الانشغال اليومي للجزائري
مشاركة :