بيروت: نذير رضا أعلنت قوات المعارضة السورية، أمس، سيطرتها على مدينة طفس الاستراتيجية في محافظة درعا، جنوب سوريا، مما يتيح لها قطع خطوط الإمداد عن القوات النظامية في جنوب البلاد، بموازاة أنباء متضاربة عن سيطرة مقاتلين أكراد على معبر اليعربية الحدودي مع العراق، شمال شرقي سوريا. وفي حين تصدر الوضع الإنساني في حمص واجهة الأحداث، مع إطلاق سكان بلدة صدد المسيحية التاريخية نداء استغاثة، نفت جبهة النصرة مقتل أميرها أبو محمد الجولاني في اللاذقية، على خلفية إعلان وكالة الأنباء السورية (سانا) مقتله مساء الجمعة. وفي درعا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن مقاتلين معارضين سيطروا على مدينة طفس التي تفصل شرق محافظة درعا عن غربها، «بعد اشتباكات عنيفة مع القوات النظامية استمرت أسابيع»، وقتل خلالها العشرات من الطرفين. وأوضح أن القوات النظامية انسحبت من مواقع مجاورة لطفس، وباتت أقرب نقطة لها على بعد عشرة كيلومترات من المدينة. وجاءت تلك التطورات بعد تسجيل مقاتلي المعارضة خلال الأسابيع الماضية تقدما في عدد من مناطق درعا الحدودية مع الأردن والمتصلة بريف دمشق التي تسيطر المعارضة على أجزاء واسعة منها. ومن شأن هذا التقدم أن يمكن المعارضة من قطع إمدادات القوات الحكومية من دمشق باتجاه مواقعها في جنوب سوريا، وتحديدا في محافظة درعا، كما تمكن قوات المعارضة من إرسال تعزيزات وإمداد المقاتلين المحاصرين في ريف دمشق. وقال عضو المجلس العسكري الثوري في جنوب سوريا، والمتحدث باسم مجلس السويداء، النقيب شفيق عامر لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة طفس «تقع على الأوتوستراد القديم الذي يربط درعا بدمشق، بالتالي فهي المعبر الإلزامي لإمدادات قوات النظام إلى جنوب البلاد»، مشيرا إلى أن القوات النظامية «لا تزال تقاتل للحفاظ على سيطرتها على مدينة درعا البلد وبلدة بصرى الشام اللتين تقعان جنوب طفس، بعد سيطرة المعارضة على أغلب مناطق ريف درعا». وسيطرت المعارضة في السابق على غالبية مناطق ريف درعا، خلال معارك عنيفة مع القوات النظامية، بينها معابر حدودية مع الأردن. وقال عامر إن الجيش النظامي «لا يسيطر الآن إلا على معبر نصيب مع الأردن»، لافتا إلى أن الجيش الحر «لم يفتح معركة بصرى الشام، التي تقطنها أغلبية شيعية موالية للنظام، حفاظا على آثار هذه المدينة التاريخية من التدمير». وتعد محافظة درعا، أكبر قواعد الجيش النظامي العسكرية، كونها تقع على خط المواجهة الأول مع إسرائيل. وكان عديد الجيش النظامي في درعا يقدر بثلث عديد الجيش الإجمالي، وينتشر في مواقع استراتيجية مقابلة لمرتفعات الجولان، قبل أن يبدأ بخسارتها في ظل الاشتباكات مع قوات المعارضة. وعوضا عن المواجهات المباشرة على الأرض، قال النقيب عامر إن الجيش النظامي «يستعين بالقصف المدفعي والصاروخي بعيد المدى، ضد مواقع المعارضة، إلى جانب سلاح الجو، كما يستخدم بعض ألويته في السويداء الموجودة في بعض المواقع، مثل مطار خلخلة، لقصف مواقع المعارضة في درعا». في غضون ذلك، تضاربت الأنباء حول سيطرة وحدات حماية الشعب الكردي على معبر اليعربية الحدودي مع العراق، في محافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا. وفيما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الوحدات الكردية «تمكنت من السيطرة على المعبر عقب اشتباكات مع الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة وكتائب أخرى مقاتلة»، نفى الجيش السوري الحر سيطرتهم على المعبر. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن لواء التوحيد التابع للجيش الحر تأكيده أن المعبر «لا يزال تحت سيطرة الجيش الحر»، مشيرا إلى اشتباكات عنيفة تجري بين الجيش الحر ومقاتلين أكراد بمساندة القوات العراقية. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد باستمرار المعارك داخل بلدة اليعربية رغم سيطرة المقاتلين الأكراد على أجزاء من البلدة عقب اشتباكات مع «داعش» وجبهة النصرة ومقاتلين من فصائل معارضة أخرى. وتمثل بلدة اليعربية الحدودية أهمية للطرفين، إذ تشكل معبرا للمقاتلين والذخيرة. وتتيح هذه البلدة تواصلا للأكراد مع أقرانهم في كردستان العراق، في حين ترى «داعش» فيها نقطة وصل مع غرب العراق حيث يحظى المقاتلون المرتبطون بالقاعدة بنفوذ واسع. وفي ريف حمص، أطلق سكان بلدة صدد المسيحية، ذات الغالبية السريانية، نداء استغاثة، طالبوا فيه الجهات والشخصيات الفاعلة والخيرة العمل على دفع الأطراف المتقاتلة في البلدة لتنفيذ هدنة فورية. وشدد النداء الذي نشرته «الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان»، أمس، على ضرورة «وقف كل العمليات القتالية في البلدة بشكل فوري، ولو لبضع ساعات، لإخلاء القتلى والجرحى من المدنيين، وإيصال الأدوية والماء وبعض المواد الأساسية إلى المواطنين المحاصرين في منازلهم»، منذ فجر الاثنين الماضي. وكان مسلحون تابعون لجبهة النصرة وبعض فصائل الجيش الحر اقتحموا بلدة صدد السريانية (60 كلم جنوب حمص) الاثنين الماضي، مما أدى إلى سيطرتهم على الأحياء الغربية والشمالية من المدينة في محاولة منهم للوصول إلى مستودعات أسلحة جيش النظام في بلدة مهين. كما اقتحم جيش النظام السوري البلدة، ونفذ غارات جوية على المدينة وقصفها بقذائف المدفعية، بحجة تطهيرها من المسلحين، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين، تم خلالها تدمير عدد كبير من المنازل التي سوي بعضها بالأرض، مما أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من سكان البلدة التي يقطنها نحو ستة آلاف نسمة، وسقوط عشرات القتلى والجرحى بين صفوف المدنيين. إلى ذلك، نفت «جبهة النصرة» أمس، مقتل أميرها أبو محمد الجولاني أو إصابته بأي مكروه. وأكدت أنه «بخير». وكان التلفزيون السوري، أعلن مساء الجمعة عن مقتل زعيم جبهة النصرة في ريف اللاذقية. ونقلت قناة الجزيرة عن مصدر مقرب من الجبهة من داخل سوريا قوله إن «الخبر عار عن الصحة بنسبة مائة في المائة»، لافتا إلى أن «الجبهة تحضر لإصدار بيان رسمي خلال ساعات».
مشاركة :