بدأ الانتعاش يدب في أوصال قطاع المستهلك الأميركي الذي يشكل ما يزيد على 65% من الناتج الاقتصادي في البلاد، مع نهاية عام 2019. ويقف وراء هذا الانتعاش، ارتفاع دخل الفرد الأميركي والنظرة المستقبلية المتفائلة للاقتصاد. وارتفع مستوى الإنفاق الأسري بنسبة قدرها 0,4% في نوفمبر الماضي، مقارنة مع أكتوبر، وبنسبة سنوية 2,4%، متزامناً مع زيادة بنحو 0,5% في دخل الفرد، بحسب صحيفة «وول ستريت جورنال». كما حققت أسواق المال، ارتفاعات جديدة، مدفوعة ببوادر تدل على قوة الاقتصاد، الذي يدعمه إنفاق المستهلك للمحافظة على قوة نموه للعام الـ 11 حتى الآن. ووفقاً لمسح أجرته جامعة «ميتشجان»، ساور المستهلك، شعور بتحسن الاقتصاد، حيث بلغ مؤشر شعور المستهلك في ديسمبر 99,3%، من واقع 96,8% نهاية نوفمبر، ليسجل بذلك أعلى مستوى له منذ شهر مايو الماضي. وقال سكوت براون، كبير الخبراء الاقتصاديين في مؤسسة «ريموند جيمس» المالية الاستثمارية، «يبدو أن قطاع المستهلك في أفضل حالاته في الوقت الحاضر، مع إشارات تدل على استمرارية ذلك خلال عام 2020». وبحسب وزارة التجارة الأميركية، أسهم الإنفاق على السيارات، بقوة في زيادة الإنفاق على السلع المعمرة بنسبة وصلت لنحو 1%، بينما ارتفع الإنفاق على الخدمات، بنحو 0,4% في نوفمبر بالمقارنة مع أكتوبر، بفضل المساهمة الكبيرة من قبل قطاع الرعاية الصحية. وصاحب الزيادة في الدخل الأسري، ارتفاع موسمي معدل في الأجور والرواتب بنحو 0,4%، في الوقت الذي تراجع فيه معدل البطالة، لمستوى لم تشهده أميركا منذ 50 عاماً، العوامل التي دفعت بعجلة إنفاق المستهلك. وأعلنت وزارة التجارة، عن نمو موسمي للاقتصاد بنسبة 2,1%، في حين ظلت نسبة التضخم السنوي المعدلة في الربع الثالث، عند نفس التقييم السابق. لكن ومع ذلك، يعتبر نمو الاقتصاد الأميركي بطيئاً مقارنة مع بداية العام، إلا أنه من المرجح استمراره بوتيرة ثابتة. ويتوقع الخبراء الاقتصاديون، نموا متواضعا خلال الربع الأخير، عند نسبة قدرها 1,8%. وتشير بيانات نوفمبر المتعلقة بمبيعات التجزئة، لبداية بطيئة لموسم التسوق الحالي، بيد أن مؤشرات أخرى تؤكد رغبة المستهلكين في الإنفاق، حيث زاد إنفاق الأميركيين على التسوق 16% في الفترة بين عيد الشكر واثنين الإنترنت وهو يوم الاثنين الذي يلي عيد الشكر مباشرة، بالمقارنة مع السنة الماضية، وفقاً للاتحاد الوطني لقطاع التجزئة. وقال مات بليوناس، المدير المالي لمؤسسة بيست باي «لا نزال نشعر بقوة المستهلك وبما تحمله المؤشرات الاقتصادية من دلالات مبشرة. ورغم التراجع الطفيف في ثقة المستهلك، لكننا ما زلنا نعول على المستهلك». ونظراً لتقارب الفترة الزمنية بين عيد الشكر والكريسماس هذه السنة بنحو 6 أيام مقارنة مع سنة 2018، قصر موسم التسوق وبالتالي فرصة محلات التجزئة في جذب المتسوقين. في غضون ذلك، ارتفع مؤشر السعر لمصروفات الاستهلاك الشخصي، وهو المؤشر الذي يفضله الاحتياطي الفيدرالي، بنسبة قدرها 1,5% في شهر نوفمبر، بالمقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية، مقابل ارتفاع سنوي في أكتوبر بنحو 1,4%. يُذكر، أن مؤشر مصروفات استهلاك الفرد، غالباً ما يقوم باستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة، نظراً لعدم استقرارها. على الصعيد نفسه، كان العجز التجاري الأميركي تراجع إلى أدنى مستوى له في نوفمبر أيضا، مع استمرار هبوط الواردات، متأثرة على الأرجح بحرب التجارة التي تشنها إدارة ترامب على الصين، في حين انتعشت الصادرات، ما ينبئ أن الاقتصاد قد ختم 2019 على قدم راسخة. وقالت وزارة التجارة الأميركية أمس الأول، إن العجز التجاري تقلص 8.2% إلى 43.1 مليار دولار، مسجلاً أدنى مستوياته منذ أكتوبر 2016. والنسبة المئوية للتراجع هي الأكبر منذ يناير. وجرى تعديل بيانات أكتوبر لتظهر تراجع الفجوة التجارية إلى 46.9 مليار دولار بدلاً من 47.2 مليار في القراءة السابقة. وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا تراجع العجز إلى 43.8 مليار دولار في نوفمبر. وهوى عجز تجارة السلع مع الصين، محور تركيز سياسة «أميركا أولاً» التي ينتهجها البيت الأبيض، 15.7% إلى 26.4 مليار دولار، في حين انخفضت الواردات 9.2% وقفزت الصادرات 13.7%. وتراجع عجز تجارة السلع مع الاتحاد الأوروبي 20.2% إلى 13.1 مليار دولار.
مشاركة :