قال المطران جوزيف جبارة رئيس أساقفة بترا وفيلادلفيا وسائر شرق الأردن للروم الكاثوليك: ليس من السهل أن يقف المرء في هذا المكان الذي وقف فيه السيّد منذ أكثر من ألفيّ سنة وأن يخاطب الجموع، لكن السيّد المسيح منذ أكثر من ألفيّ سنة وقف صامتًا في هذا المكان وقَبِلَ المعمودية من يوحنّا المعمدان. وأضاف "جبارة"، خلال الكلمة التي ألقاها في حفل إحياء الكنائس الكاثوليكية في المملكة الأردنية الهاشيمية، بيوم الحج الوطني والمسيحي العشرين إلى موقع معمودية السيد المسيح (المغطس)، بالطبع، نحن جميعًا نتساءل لماذا يحتاج السيد أن يعتمد وهو المنزه عن كل خطيئة، هذا الذي لم يعرف الخطيئة في حياته هل كان بحاجة أن يقبل معمودية التوبة التي جاء بها يوحنّا المعمدان والتي كان الشعب اليهودي يُقبِل إليه في هذه الأماكن ويعتمد لمغفرة الخطايا؟ واستطرد "جبارة": بالطبع، السيد المسيح لم يكن بحاجة إلى هذه المعمودية ولكنّه حملَ خطيئة البشر، حمل خطيئة كل واحد منا إلى مُنتهى الدهر. وفي إنجيل القديس يوحنا، وقف يوحنا المعمدان وقال: "هذا هو حمل الله الرّافع خطيئة العالم"(يو1: 29) ولأجل ذلك جاء السيّد واعتمد في نهر الأردن. فحدث معمودية السيّد المسيح هو الأكثر تاريخية في الكتاب المقدَّس. وفي العهد الجديد إذ يصمت الإنجيليين مرقس ويوحنا عن ميلاد المسيح فإن الأربع إنجيليين متى ومرقس ولوقا ويوحنا يتكلمون عن معمودية السيد. وتابع "جبارة": إن حدث المعمودية هو حدث تأسيسي في المسيحية لهذا لا يمكننا نحن كمسيحيين أن ندخل في المسيحية إلا إذا عبرنا من هذا الباب، باب المعمودية. فلكي نستطيع قبول بقية الأسرار، لنصبح أعضاء في جسد المسيح السرِّي، لكي نستطيع أن نتقبل الحياة المسيحية، ولننمو في المسيح ينبغي أن نعبر من باب المعمودية. فالمعمودية هي التي تؤهلنا لكي نقبل بقية الأسرار في حياتنا. وأشار "جيارة "، بان المعمودية هي ولادة جديدة. فقد خاطب السيد المسيح نيقوديموس وقال له: "إن لم تولد من الماء والرُّوح لا يمكن أن تدخل ملكوت السماوات" (يو 3: 5). فكما وُلد كلّ واحدٍ منا من أم وأب بحسب الطبيعة، نحن نولد روحيًّا من أُمّنا التي هي الكنيسة. أيها الأحباء، الكنيسة ليست فقط معلّمة، الكنيسة أُم ونحنُ أولادها فكلُّ واحدٍ منا في يوم معموديته أصبح ابنًا لله وابنًا للكنيسة وينبغي علينا أن نحافظ جيدًا على هذه المعمودية التي نقبلها مرّة واحدة وإلى الأبد. ولا تقبلوا إلا معموديتكم التي نلتموها من رحم أمّنا الكنيسة (في قانون الإيمان: نعترف بمعمودية واحدة). وتابع: المعمودية أيضًا هي اشتراك في موت المسيح وقيامته، وكما يقول بولس الرسول في رسالته إلى رومية: " فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ، بِمَجْدِ الآبِ، هكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضًا فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ" (رو٦: ٤). فكلنا يعرف أن الماء ليس فقط عنصر الحياة بل هو أيضًا عنصر الموت، الماء في المعمودية يميت الخطيئة، فيُدفن الإنسان القديم لكي يحيا الإنسان الجديد. واختتم جبارة كلمته قائلًا: اليوم ونحنُ على ضفاف نهر الأردنّ، نريد سويًا مع السادة الأساقفة والآباء أن نجدّد مواعيد معموديتنا، دعونا في هذه اللحظة نتذكر آبائنا وأجدادنا الذين أحضرونا إلى جرن المعمودية لننال هذا السر العظيم ولنصلي من أجلهم، وأيضًا نشكر الله على نعمة المعمودية التي لا يساويها أي شيء في هذه الحياة مهما كان. المعمودية هي أغلى وأقدس عطية ينالها المسيحي ويجب أن تعطوها لأولادكم وأن تنشئوهم تنشئة مسيحية، تنشئة أساسها حُبّ الكنيسة وحب هذا البلد "الأردنّ" الذي اختاره السيد -له المجد- واعتمد في حوض نهره."
مشاركة :