وضعت إيران نفسها في ورطة جديدة بعد إسقاط الطائرة الأوكرانية، واعترافها بإستهداف الطائرة عن طريق الخطأ، والتسبب في مقتل 176 شخصاً من عدة دول، وذلك بعد أيام من الإنكار ورفضها تسليم الصندوق الأسود للطائرة.وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم، إن بلاده تتوقع تحقيقاً كاملاً، وقبولاً كاملاً بالذنب، وتعويضاً من إيران، في حين أكد الرئيس الكندي جاستن ترودو، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، على أن "المساءلة التحقيق ضرورية بعد اعتراف إيران بإسقاط الطائرة، ولكن في جو من الشفافية والعدالة.عقوبات وتعويضات باهظةوقال الخبير بالشأن الآسيوي إسلام المنسي: إن "إيران حاولت في البداية التهرب من المسئولية عن الحادث وإلصاق التهمة بشركة بوينج الأمريكية، باعتبار أن طراز الطائرة قديم وبه العديد من المشاكل الفنية، ولكن بعد تداول صور تؤكد على وجود بقايا صواريخ وشظايا في مكان تحطم الطائرة لم تجد طهران مفر من المماطلة واعترفت بالأمر".وأضاف المنسي: إن "الاعتراف له تبعات كثيرة، ومنها توقيع عقوبات شديدة علي إيران من منظمة الطيران المدني وحرمانها من الدخول لأجواء دول عديدة كالاتحاد الأوروبي، وفي النهاية ستضطر لدفع تعويضات بمليارات الدولارات للضحايا سواء الإيرانيين أو غيرهم من الجنسيات الأخرى، وتحمل ضريبة المماطلة في الاعتراف بإسقاط الطائرة".ونوه المنسي، إلى أن أوكرانيا معنية بالتحقيق في الأمر وإرغام نظام الملالي على دفع تعويضات باهظة، ولن تستطع إيران دفعها نظراً لأزمتها الاقتصادية التي تمر بها، لافتاً إلى أن "كل الدول التي قُتل مواطنوها في الحادث سيتخذوا إجراءات ضد إيران، ومنها ألمانيا وكندا والسويد، كما أن أمريكا أيضا معنية بالأمر، لأن النفقات كانت ستتحملها شركة بوينج الأمريكية، التي أنتجت الطائرة.خسارة موجعة للسياحة والطيران الإيرانيوحول الأمر، قال مدير المرصد الأحوازي لحقوق الإنسان على قاطع الأحوازي: إن "سقوط الطائرة المدنية التابعة للطيران الأوكراني، والتي كان على متنها اكثر من 176 مسافراً من مختلف البلدان، ثم اعتراف قوات حرس الثورة بضربها وإسقاطها من باب الخطأ يضع إيران في موضع حرج جدًا، أدى في البداية لإعتذار سفرائها والكثير من قادتها الذين ادلوا بمعلومات مغلوطة قبل الاعتراف الرسمي، كما أن الأمر دفع الكثير من الدول لمنع طيرانها من الدخول للأجواء الإيرانية والعبور من خلالها".وأضاف الأحوازي، أن سقوط الطائرة الأوكرانية سيتسبب في عدد من الأضرار أهمها امتناع عدد كبير من الدول من الاستفادة من الأجواء الإيرانية، وفقدان ثقة شركات السياحية العالمية وبالنتيجة انخفاض حاد في صناعة السياحة، التي كانت ايران تعول عليها كثيرًا في الأشهر الماضية.كما أوضح أن عدم الاستفادة من الأجواء الإيرانية سيتسبب بخسائر مادية مهمة لظام الملالي، بالإضافة إلى تأثيره على صناعة الطيران والسياحة الإيرانية، التي تلعب حاليًا دور مهم للدخل القومي الايراني في ظل العقوبات الدولية، التي فرضت على نطاق واسع من الصناعات الإيرانية، لافتاً إلى أن كل طائرة تعبر الأجواء الإيرانية تدفع 60 دولاراً، بإزاء كل 160 كم مسافة تقطعها في الأجواء الإيرانية، وفقا لتقرير "خانه ملت" الصادر من البرلمان الإيراني.وأشار إلى أن الحادث تسببت بتزايد سخط المجتمع في ايران على السلطة ودفعه بين الحين والآخر؛ لإشعال تظاهرات ضخمة تسبب الكثير من الخسائر لايران وتفضح السلطة دوليًا اكثر وأكثر.فرصة لواشنطن وخلل عسكريوفي ذات السياق، شدد الكاتب الصحفي المختص بالشأن الإيراني أسامة الهتمي، على أن إيران في وضع لا تحسد عليه، فالحادثة بمثابة نكبة شديدة، وستدفع طهران بكل تأكيد إلى أن توجه كل طاقاتها الدبلوماسية إلى محاولة التقليل من تداعياتها الدولية.وأشار الهتمي، إلى أن تداعيات حادث إسقاط الطائرة قد تكون سياسية وقانونية ومالية، فعلى المستوى السياسي لن تتوانى واشنطن وحلفاؤها في استغلال هذه الحادثة كورقة ضغط على إيران؛ حيث ستتجاهل واشنطن حديث إيران عن أن الضربة جاءت عن طريق الخطأ، وستسعى للترويج بأن إيران دولة إرهابية لا تتردد في توجيه صواريخها إلى طائرة مدنية، رغم أنه بالضرورة لدى وزارة الطيران المدني الإيراني إحداثيات عن حركة الطائرة الأوكرانية.وتابع حديثه لـ"الفجر"، قائلا: "على المستوى القانوني فإن كلا من أوكرانيا، فضلًا عن الدول الأخرى التي يحمل الضحايا جنسياتها سيشددون على مواصلة التحقيق لكشف ملابسات الحادث، ومن ثم التأكيد على تقديم المسؤولين عن إطلاق الصاروخ إلى المحاكمة، ومحاسبتهم على ما اقترفوه، وهو المسار الذي من المؤكد على أنه سيودي بالعديد من القيادات الإيرانية إلى السجون".وأوضح الكاتب الصحفي المختص بالشأن الإيراني، أن الحادث أظهر كذب المسؤولين الذين أصروا منذ اللحظة الأولى على فرضية غير منطقية لسقوط الطائرة، وأن لديهم الأدلة على صدق ما يقولون به، كما كشفت حجم التباين ما بين ما تصدره إيران عن نفسها وقدراتها العسكرية والأمنية، مؤكداً على أن إسقاط طائرة بالخطأ يؤكد عدم وجود تنسيق جيد بين المؤسسات العسكرية والمدنية في البلاد.
مشاركة :