تمثيل الهامش عقبة أخرى على طريق سلام السودان

  • 1/12/2020
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

طغت الخلافات القبلية والسياسية بين مكونات ولايات الهامش على مفاوضات السلام السودانية في جوبا، ما أدى إلى تعطيل المباحثات الثنائية بين السلطة الانتقالية والحركات المسلحة، وانعكس على تأجيل مساري الشرق ودارفور لمدة ثلاثة أسابيع لحين الانتهاء من التوافق الداخلي على الملفات المطروحة وتسمية المشاركين في المفاوضات. وكان من المقرر عقد مؤتمر تشاوري حول تمثيل النازحين في مسار دارفور بمدينة الفاشر، الجمعة، غير أنه جرى تأجيله لمدة أسبوعين، في ظل صعوبات تواجهها اللجنة المشكلة من قبل الحكومة والجبهة الثورية للاتفاق على مطالب معسكرات النازحين واختيار ممثلين عنهم للمشاركة كمراقبين في مفاوضات جوبا. وقال القيادي بالجبهة الثورية المرضي أبوالقاسم، لـ”العرب”، إن اللجنة المنبثقة عن مفاوضات جوبا لم تصل إلى كافة معسكرات النازحين غرب السودان، تأثّرًا بعدم استقرار الأوضاع الأمنية هناك عقب أحداث الجنينة التي اندلعت مؤخرا، ما أسفر عن إرجائها إلى 23 يناير الجاري كموعد مبدئي قابل للتأجيل. وتسببت الخلافات العميقة بين المكونات القبلية غرب دارفور في تأجيل بدء المفاوضات الثنائية الخاصة بهذا المسار، واضطرت الحكومة إلى توقيع اتفاق استباقي في 24 ديسمبر الماضي، أفرز تكوين لجنة ميدانية مشتركة تضم 8 أعضاء من الحكومة و16 من الحركات المشاركة في المحادثات للإشراف على اختيار الممثلين من داخل معسكرات النازحين وتجمعاتهم في دارفور. واعترف أبوالقاسم -وهو مسؤول التفاوض عن حركة العدل والمساواة في محادثات جوبا- بوجود مشكلات تنظيمية في اختيار الممثلين تسببت في تأجيل المؤتمر بهدف إعطاء المزيد من الوقت للاستقرار على اختيار المشاركين تمهيدا للاتفاق على مجموعة تمثلهم في المفاوضات. ويضم مسار غرب دارفور حركات: تحرير السودان – جناح منى أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة، وتحرير السودان – المجلس الانتقالي، وتجمع قوى تحرير السودان. وحسب الاتفاق الموقع بين الحكومة وهذه الحركات، فإن مؤتمر الفاشر يشهد مشاركة 100 ممثل لقيادات الإدارة الأهلية، و32 ممثلا لمنظمات المجتمع المدني و28 من المهنيين و40 من الرعاة والمزارعين، لاختيار 25 ممثلا لإدارة الأهلية و8 ممثلين للمجتمع المدني و10 للرعاة والمزارعين، كما يختار المشاركون 4 نازحات و4 نازحين كمراقبين في محادثات السلام للدفاع عن قضايا النازحين. ويرى مراقبون أن الخلافات القبلية التي اندلعت في غرب دارفور، وراح ضحيتها أكثر من 50 قتيلا و100 مصاب، عقدت عملية التوافق حول اختيار الممثلين في ظل حالة انعدام الثقة بين الجميع في أجواء ملبدة بنيران الاشتباكات التي لم تخمد. كما أن ملفات التفاوض في هذا المسار قد تشهد تغييرا نتيجة إضفاء المزيد من المطالبات الاقتصادية والإنسانية للنازحين واللاجئين الذين سيكون لديهم حضور قوي في المفاوضات، وسيبحثون عن أدوار سياسية مستقبلية في الولايات التي يتواجدون فيها. ولا تختلف التعقيدات التي يشهدها مسار دارفور عما يجري في مسار الشرق بعد أن توقفت محادثاته منذ حوالي أسبوعين، بغية عقد مؤتمر تشاوري يهدف إلى تمكين الفئات المختلفة في ولايات الشرق من المشاركة بفاعلية في المفاوضات، وتوحيد الرؤى حول المشاركين والممثلين عن هذه المنطقة. ويرعى مجلس السيادة المؤتمر الخاص بهذا المسار، والذي يأخذ أبعادا سياسية ولا يضم حركات مسلحة، ويحوي منظمات سياسية لها شعبية كبيرة بين القبائل هناك على رأسها مؤتمر البجة المعارض المنضوي تحت لواء الجبهة الثورية. وتقرر انعقاد المؤتمر، السبت في الخرطوم، قبل أن يعلن عضو مجلس السيادة السوداني صديق تاور الثلاثاء تأجيله إلى الثلاثاء المقبل بغرض توسيع مشاركة الولايات الشرقية، التي ستكون حاضرة في المؤتمر الذي سيستمر لمدة يومين. وأشار تاور، في تصريحات صحافية الخميس، إلى أن المؤتمر ليس لمناقشة قضايا الشرق، ويعد لقاء تشاوريا للمكونات في شرق السودان التي تشمل الإدارة الأهلية والقوى السياسية والمرأة والشباب، بالإضافة إلى قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية، لتشكيل مظلة للمكونات من سكان شرق البلاد والاتفاق على التفاوض، ونسبة التمثيل على مساره. ويعتقد العديد من الخبراء، أن مفاوضات السلام عادت خطوات إلى الوراء بدلا من مضيها قدما إلى الأمام، في وقت سياسي بالغ الحساسية. وكان هناك تقدير أن الجالسين إلى مائدة التفاوض قيادات أسهمت في صناعة الثورة ومحاصرة وإضعاف نظام الرئيس السابق عمر البشير، ما جعل الأمل معقودا عليها للوصول إلى سلام شامل، غير أن بدء المفاوضات بالتركيز على المناطقية والابتعاد عن القضايا القومية أفرز الوضع القائم حاليا. وأكد الهادي إدريس يحيى رئيس الجبهة الثورية السودانية، لـ”العرب”، أن الاتفاقيات التي يوقعها قادة الحركات المسلحة عن المسارات المختلفة ليست منفصلة عن السلام الشامل الذي سوف يتحقق في المستقبل، وإنما هي مجرد برتوكولات ثنائية تساهم في تسهيل مهمة المفاوضات على المستوى القومي. وأضاف “قمنا بتقسيم المفاوضات إلى مرحلتين لإدراكنا أن كل إقليم له خصوصيته، وتأثيرات التهميش الاقتصادي والتنموي على مسار الشرق تختلف عن الغرب في دارفور مثلا، والهدف معالجة القضايا الخاصة بكل مسار على حدة”. وتابع “وبعدها سيتم تجميع كل البرتوكولات كي تكون ضمن الاتفاق النهائي الذي يشمل القضايا القومية والحريات العامة ونظام الحكم ومشكلة الهوية واستغلال الدين في السياسة والترتيبات الأمنية”. وأشار إدريس إلى أن الرجوع إلى أهالي الهامش مرة أخرى هدفه احتواء المشكلات الاجتماعية والقبلية التي اندلعت مؤخرا، وكان من الممكن أن تؤثر على مسار السلام بشكل عام.

مشاركة :