قال الدكتور محمد الشطي: عادت السوق النفطية إلى وضعها الطبيعي كما كانت قبل التصعيد الأخير بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، وذلك بعد مصرع قاسم سليماني وردة فعل إيران التي تمثلت في محاولات تصعيد بإطلاق صواريخ نحو الأراضي العراقية دون إصابات، وبالتالي بقاء الأمور على ما هي، حيث عادت أسعار نفط خام برنت إلى 65 دولاراً للبرميل؛ لأن أساسيات النفط لا زالت ضعيفة نسبياً وسط مؤشرات تدل على بناء المخزون النفطي بالرغم من سحوبات المخزون الأميركي لأسابيع مضت فقد أظهرت البيانات ارتفاعاً في المخزون الأميركي من النفط الخام والمنتجات البترولية خلاف التوقعات، بالإضافة إلى مؤشرات ضعف في أسواق المنتجات البترولية، وطبعاً تبقى التطورات الجيوسياسية في منطقه الخليج العربي محط أنظار السوق رغم التهدئة المؤقتة، وهي المحرك والمؤثر الرئيس في مسار السوق وسط تغريدات أميركية إيرانية وتنافس بينهما للتأثير على الأسواق ووسط هذه التطورات تذكر التقارير أن شركة أرامكو تدرس تحويل مسار الناقلات المحملة بمنتجاتها لتفادي مضيق هرمز، كما أن التطورات في ليبيا ومناطق الإنتاج الأخرى كفنزويلا تعزز مستويات الأسعار حيث يتأثر الإنتاج فيها مما يقيد المعروض بالرغم من تراجع الأسعار حالياً، وقد عادت بوصلة السوق من جديد لتكون مجال تركيزها على أساسيات السوق النفطية والتي هي حسب توقعات الصناعة لا زالت توضح حجم الاختلال حيث يفوق المعروض النفطي بالأسواق المطلوب ومن أجل ذلك جاء اتفاق OPEC+ بتعميق الخفض بإضافة 500 ألف برميل يومياً للتقييد السابق خلال الربع الأول من العام 2020، وتعهد السعودية بخفض إضافي مقداره 400 ألف برميل يوميا في حالة التزام باقي الدول بالحصص المقررة لها وفق اتفاق خفض الإنتاج. وذكر الشطي أن المؤشرات التي تجعل الصورة غير واضحة أيضاً قيام البنك الدولي بخفض توقعاته للنمو العالمي قليلا في 2019 و2020 نظراً لحدوث تعافي أبطأ من المتوقع في التجارة والاستثمار رغم انحسار توترات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، حيث خفض البنك الدولي تقديرات النمو العالمي للعامين إلى 2.4 بالمئة في 2019 و2.5 بالمئة في2020 وتأخذ تلك التوقعات في الحسبان ما يسمى باتفاق تجارة المرحلة الأولى الذي أعلنته الولايات المتحدة والصين، والذي علق فرض رسوم جمركية أميركية جديدة على السلع الاستهلاكية الصينية كانت ستدخل حيز النفاذ في 15 ديسمبر كانون الأول بالإضافة إلى تقليص الرسوم على بعض السلع الأخرى. وأضاف قائلاً: من المستجدات التي تتابعها السوق النفطية الإنتاج المتوقع من النفط في المنطقة المقسومة في ظل التوافق بين الشقيقتين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت حول بدء الإنتاج منها وحسب التصريحات الرسمية من قادة البلدين كذلك من شركة شيفرون الأميركية فإن إنتاج المنطقة المقسومة سوف يعود بشكل تدريجي ويحتاج إلى اثني عشر شهراً من أجل عودة الإنتاج إلى مستوياته السابقة خصوصاً في ظل خفض الإنتاج من قبل أوبك والمنتجين الآخرين من خارجها ومن المتوقع أن يصل الإنتاج إلى 500 ألف برميل يومياً إما بعيد منتصف 2020 أو بداية 2021 يحكم ذلك احترام الالتزام بالحصص المقررة لاتفاق OPEC+، حيث إن الإنتاج قد يعود لطبيعته في النصف الثاني حين تدل التوقعات على وجود سحوبات كبيرة من المخزون النفطي في العالم والعودة للتوازن، وبالتالي التوقيت لا يؤثر في أساسيات السوق بل يخدمها ويعزز عودة الأسواق نحو التوازن، وكما هو معلوم فإن غالب الإنتاج هو من النفط الثقيل الخفجي أو العربي الثقيل وهي نوعية تنقص في السوق، وهناك حاجة ماسة لها وبالتالي يدعم الطلب عليها في السوق النفطية خصوصا في ظل أجواء توقعات بزيادة الطلب على النفط وتحسن الاقتصاد العالمي عقب الاتفاق ما بين الولايات المتحدة والصين فيما يخصّ الحرب التجارية، وفي ظل هذه التطورات لا زالت التوقعات على أساس حركة أسعار نفط خام برنت بين 60 - 70 دولاراً للبرميل في غياب تطورات جيوسياسية تقطع المعروض في أسواق النفط لفترة أطول، وقد سجلت مخزونات الجملة في الولايات المتحدة قراءة أضعف من التقديرات الأولية في نوفمبر 2019 في ظل أكبر زيادة للمبيعات في 8 أشهر، مما يوحي أن استثمارات المخزونات قد تؤثر سلبا على النمو الاقتصادي للولايات المتحدة الأميركية في الربع الرابع، كما تباطأ نمو الوظائف الأميركية بأكثر من المتوقع في ديسمبر 2019 لكن وتيرة التوظيف لا تزال كافية وزيادة للبقاء على الطريق الصحيح صوب أطول نمو اقتصادي في التاريخ بالرغم من زيادة التراجع في قطاع الصناعات التحويلية الذي تضرر بفعل خلافات التجارة، وأظهر التقرير الشهري لوزارة العمل الأميركية الذي يحظى بمتابعة وثيقة أيضا استقرار معدل البطالة قرب أدنى مستوى في خمسين عاماً عند 3.5 % وانخفض مقياس أوسع نطاقاً للبطالة إلى مستوى منخفض قياسي عند 6.7 % الشهر الماضي، وذلك بالرغم من تراجع الزيادات في الأجور.
مشاركة :