قالت إيران إن سقوط الطائرة الأوكرانية بالعاصمة طهران جاء بسبب خطأ بشري غير متعمد نتيجة اقترابها من أحد المراكز العسكرية الحساسة للحرس الثوري، متوعدةً بمحاسبة المسؤولين عن هذا الحادث، فيما نفت كييف هذه الادعاءات، مؤكدةً أن التحقيق في تحطم الطائرة المنكوبة يتحرى شبهة القتل العمد، وتعالت الدعوات الدولية لفتح تحقيق دولي شامل وشفاف ومستقل ومحاسبة المسؤولين وتعويض ذوي الضحايا وخفض التصعيد في المنطقة. ونقل التلفزيون الحكومي الإيراني عن بيان لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية أنه بعد ساعات من الهجوم الصاروخي الإيراني على القواعد الأميركية في العراق ازداد تحليق المقاتلات الأميركية حول الأراضي ووصلت إلى وحدات الدفاع الجوي عدة أخبار عن مشاهدة أهداف جوية تتجه نحو مراكز استراتيجية في البلاد وظهرت أهداف جوية متعددة على الرادارات وهو ما زاد من حساسية الموضوع لدى الدفاعات الجوية. وأضاف البيان أنه «في مثل هذه الظروف الحساسة والمتأزمة أقلعت الطائرة الأوكرانية من مطار الخميني وخلال استدارتها اقتربت من أحد المراكز العسكرية الحساسة للحرس الثوري وعلى ارتفاع وشكل طيران مشابه تماماً لطائرة معادية وقع خطأ بشري غير متعمد أدى إلى إصابتها». بدوره، قال مكتب النائب العام الأوكراني، أمس، إن التحقيق في تحطم الطائرة المنكوبة يتحرى شبهة القتل العمد وتدمير للطائرة التي أسقطها الحرس الثوري الإيراني. وسبق للخطوط الجوية الأوكرانية، أن نفت أمس، عبر الخرائط رواية إيران بانحراف الطائرة. وقال متحدث باسم الخطوط الأوكرانية في مؤتمر صحفي إن اعتراف إيران بإسقاط الطائرة الأوكرانية يبرئ كييف من أي مسؤولية، مؤكداً أنه كان يجب على إيران إغلاق المطار، وأكد أنه لم تصلهم أي معلومات من كييف أو طهران عن مخاطر في المطار، مشدداً على أنه على إيران تحمل المسؤولية الكاملة عن الحادث. وأعرب الرئيس الإيراني حسن روحاني عن أسفه الشديد لإسقاط بلاده الطائرة، متوعداً بمحاسبة المقصرين عن هذا الحادث. ودعا روحاني إلى محاسبة الجهات التي تسببت بالحادث قائلاً إنه «لا يمكن التغاضي بسهولة عن هذا الحادث الأليم ويجب استكمال التحقيقات لتحديد كافة الأسباب التي أدت إلى وقوعه وملاحقة المتسببين بهذا الخطأ الذي لا يغتفر». واعتُبر الاعتراف الإيراني مطمئناً بعض الشيء إذ أكّد أن طهران لن تخفي السبب المباشر للحادثة وسط دعوات دولية لمحاسبة المسؤولين وتعويض ذوي الضحايا وخفض التصعيد في المنطقة. وتباينت أبرز ردود الفعل الدولية على إقرار إيران بمسؤوليتها عن الكارثة، حيث كتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على صفحته على موقع فيسبوك «ننتظر من إيران إحالة المذنبين إلى القضاء ودفع تعويضات وإعادة جثامين الضحايا». وأضاف «نأمل في استمرار التحقيق بلا تأخير متعمد وبلا عراقيل، خبراؤنا الـ45 يجب أن يتمكنوا من الوصول إلى كل عناصر التحقيق». كما أكد أن الرئيس الإيراني اعتذر باسم بلاده عن إسقاط الطائرة. بدورها، اعتبرت واشنطن أن تصرفات إيران المتهورة تمثل سبب إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية قرب طهران، مشددة على ضرورة تخلي إيران عن طموحاتها. وقال مسؤول رفيع في البيت الأبيض «ما حدث مأساة مرعبة، في نهاية المطاف إيران ارتكبت خطأ هائلاً، من جديد أدت التصرفات الإيرانية المتهورة إلى تداعيات مدمرة». وأضاف المتحدث باسم الإدارة الأميركية: «من بالغ الأهمية الآن، أكثر من أي وقت مضى، أن تتخلى إيران عن طموحاتها الطائشة وأن تبدأ التصرف كدولة طبيعية». وأكد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الذي قضى العديد من مواطنيه في الحادثة، في بيان أن «أولويتنا تبقى إيضاح هذا الملف بشفافية وعدالة»، واعتبر أنها «كارثة وطنية وجميع الكنديين في حداد، سنواصل العمل مع شركائنا حول العالم لنحرص على إجراء تحقيق تام ومعمّق». أما بريطانيا، فقد اعتبر رئيس الوزراء بوريس جونسون أن إقرار إيران بإسقاط الطائرة «خطوة أولى مهمة»، مؤكداً أن بلاده ستعمل من قرب مع كندا وأوكرانيا لضمان إجراء تحقيق دولي شامل وشفاف ومستقل وإعادة جثث القتلى. أما روسيا، فقد اعتبر رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساتشوف أن على إيران أن تستخلص العبر من الكارثة. وفي فرنسا، اعتبرت وزيرة الجيوش فلورانس بارلي أنه «من المهمّ اغتنام هذه اللحظة لإعادة فتح المجال أمام المحادثات والمفاوضات» بشأن الملف النووي الإيراني. بدوره، رأى وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أنه «كان من الضروري أن توضّح إيران هذه المسألة». كما دعا رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفن إلى إدانة هذا العمل وتحمّل إيران كامل المسؤولية عن جميع المتأثرّين بالحادثة. الخطوط الأوكرانية: لن نطير فوق إيران بعد الآن قررت الخطوط الجوية الإيرانية، أمس، إلغاء رحلاتها نحو الدول الأوروبية حتى إشعار لاحق. وأفاد مطار «الإمام الخميني» في بيان بأنه «نظراً لإلغاء الخطوط الجوية الإيرانية رحلاتها إلى أوروبا، يرجى من المسافرين الاتصال للاستعلام عن رحلاتهم قبل توجههم إلى المطار». في المقابل، أعلنت شركة «الخطوط الجوية الدولية» الأوكرانية، أن الشركة قد غيرت مسارات رحلاتها بعد حادث إسقاط الطائرة بالقرب من العاصمة الإيرانية، وأنها لن تحلق بعد الآن فوق إيران. وأضافت الشركة الأوكرانية أن طائرتها المنكوبة لم تتلق أي تحذير من مطار طهران فيما يتعلق بوجود تهديد محتمل قبل إقلاعها. وقال رئيس الشركة ونائبه، إن الخطوط الدولية الأوكرانية نفت أيضاً تلقيها إشارات إلى أن طائرة الركاب انحرفت عن مسارها الطبيعي، وقالت إنه كان ينبغي على السلطات الإيرانية إغلاق المطار. ودعا المسؤولان إيران إلى تحمل كامل المسؤولية عن الحادث الذي راح ضحيته 176 شخصاً، هم كل من كانوا على متن الطائرة.
مشاركة :