تصاعدت ضغوط الشارع الإيراني المنتفض على النظام الإيراني بدعم من وسائل إعلام إيرانية دعت صراحة بضرورة استقالة كل المسؤولين بصفة مباشرة وغير مباشرة عن حادثة الطائرة الأوكرانية. من جانبها، عززت السلطات من إجراءاتها الأمنية في العاصمة طهران من خلال نشر شرطة مكافحة الشغب في الشوارع الرئيسية لمنع وصول المتظاهرين. وأطلقت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع على آلاف الإيرانيين الذين خرجوا إلى الشوارع في وقت متأخر من مساء أمس السبت في العاصمة ومدن أخرى، فيما ردد الكثيرون منهم شعار "الموت للديكتاتور" موجهين غضبهم إلى الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي. ونشرت وكالات أنباء مرتبطة بالدولة تقارير عن الاحتجاجات بينما جرى تداول مقاطع مصورة للمظاهرات على مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت صحيفة اعتماد الإيرانية المعتدلة في عنوان رئيسي الأحد، موجهة انتقاداتها إلى النظام الإيراني، "اعتذروا واستقيلوا"، مضيفة أن "مطلب الشعب" هو استقالة من هم وراء سوء إدارة أزمة الطائرة. ولقي 176 شخصا كانوا على متن الطائرة حتفهم، ومن بينهم عدد كبير من الإيرانيين الذين يحملون جنسية مزدوجة. وتفجرت الاحتجاجات في أعقاب الإقرار بأن الحرس الثوري أسقط الطائرة التابعة للخطوط الجوية الدولية الأوكرانية بطريق الخطأ بعد دقائق من إقلاعها، أثناء حالة استنفار للقوات الإيرانية تحسبا لرد أميركي على ضربات طهران الانتقامية. وأعرب المحتجون عن غضبهم من فشل كارثي للدولة حيال طريقة التعامل مع أزمة الطائرة المنكوبة، حيث ظل المسؤولون الإيرانيون لأيام ينفون بشدة مسؤولية البلاد عن إسقاط الطائرة، حتى بعدما قالت كندا، التي فقدت 57 من مواطنيها في التحطم، والولايات المتحدة إن معلومات استخباراتية لديهما تشير إلى أن صاروخا إيرانيا، ربما أُطلق عن طريق الخطأ، هو ما أسقط الطائرة. وتفاقم الغضب الشعبي من السلطات الإيرانية مع تزايد التساؤلات بشأن تحطم الطائرة. فقد تساءل إيرانيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن سبب انشغال المسؤولين بدفع اتهامات الخارج بدل إبداء التعاطف مع عائلات الضحايا الحزينة. وتساءل آخرون عن سبب السماح للطائرة بالإقلاع في وقت يشهد توترا شديدا. النظام فشل في التعامل مع الحادثة وقال الرئيس حسن روحاني إنه "خطأ كارثي" واعتذر، وذكر قائد كبير بالحرس الثوري أنه أبلغ السلطات بأن صاروخا أصاب الطائرة يوم تحطمها، مما زاد من حالة الغضب في البلاد من التأخر في الإقرار بالمسؤولية. وتزيد هجمات الصحف والاحتجاجات من التحديات الماثلة أمام المؤسسة الحاكمة التي واجهت في نوفمبر الماضي أسوأ اضطرابات تشهدها البلاد وأكثرها دموية منذ الثورة الإسلامية في عام 1979. ومع اتساع نطاق الاحتجاجات في أنحاء إيران، بما في ذلك مدن كبرى مثل شيراز وأصفهان وهمدان وأروميه، أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن دعمه للتحركات السلمية المناوئة للنظام الإيراني. وتأتي الاحتجاجات في إيران بعد تصاعد التوتر بينها وبين واشنطن على خلفية تصفية القوات الأميركية لقائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني وقائد من الحشد الشعبي. يذكر أن الولايات المتحدة كثفت من ضغوطها على إيران عبر فرض عقوبات اقتصادية، وذلك بعد انسحابها عام 2018 من الاتفاق النووي الموقع بين طهران وست قوى عالمية.
مشاركة :