ألكسندر أرنولد... الجوهرة التي تتلألأ في صفوف ليفربول

  • 1/13/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

على مدار تاريخها الذي يصل إلى 46 عاماً، مُنحت جائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز، المقدمة من رابطة اللاعبين المحترفين إلى 41 لاعباً يمثلون 15 نادياً و12 دولة، بدءاً من إنجلترا ووصولاً إلى مصر. وكان بعض الفائزين بهذه الجائزة من اللاعبين الشباب، وبعضهم من اللاعبين المخضرمين، وبعضهم من طوال القامة، وآخرون من قصار القامة؛ لكن كان هناك قاسم مشترك بينهم جميعاً، وهو أنه لم يكن من بينهم أي لاعب يلعب في مركز الظهير! ورغم أن الموسم الحالي للدوري الإنجليزي الممتاز لا يزال طويلاً، فيبدو أن ليفربول قد حسم اللقب؛ نظراً لأنه يغرد منفرداً في صدارة الترتيب بفارق كبير عن أقرب منافسيه. وعلى الرغم من أنه سيتم طرح أسماء كثير من لاعبي ليفربول فيما يتعلق بالجوائز الفردية لأفضل اللاعبين في الموسم، فإنني أعتقد أن الظهير الأيمن للريدز، ترينت ألكسندر أرنولد، يأتي في صدارة هذه الأسماء، بناء على الأداء القوي الذي يقدمه في الدوري الإنجليزي الممتاز حتى الآن. وفي الحقيقة، أنا معجبة للغاية بأداء هذا اللاعب الشاب، على كثير من المستويات، إذ إن الأمر لا يقتصر على إسهاماته الكبيرة مع الفريق؛ لكنه يمتد أيضاً إلى ما يمثله هذا اللاعب لكرة القدم الإنجليزية بشكل كلي، بصفته لاعباً محلياً من الطراز العالمي، ولاعباً صاعداً من صفوف الناشئين بنادي ليفربول الذي انتظر 30 عاماً كاملة من أجل الحصول على لقب الدوري. ويواصل المدافع الهولندي العملاق فيرجيل فان دايك تقديم المستوى القوي نفسه الذي أهَّله للحصول على جائزة رابطة اللاعبين المحترفين لأفضل لاعب خلال الموسم الماضي، كما يقدم النجم السنغالي ساديو ماني مستويات استثنائية إلى جانب المهاجم البرازيلي المحبوب فيرمينيو. وأعتقد أن اللاعب المصري محمد صلاح عاد لتقديم مستويات قريبة من المستوى المذهل الذي قدمه قبل عامين، والذي جعله يحصل على الجائزة قبل عامين. وبالتالي، أعتقد أن هذه الأسماء من ليفربول ستكون مرشحة للحصول على جائزة أفضل لاعب في الموسم. ومن المؤكد أن مجرد الحديث عن ترشيح لاعب شاب يبلغ من العمر 21 عاماً يلعب كظهير، لجائزة أفضل لاعب في الموسم، يعكس المستوى الرائع الذي يقدمه هذا اللاعب. ويتحدث الجميع الآن عن كيف تمكن هذا اللاعب الشاب من تغيير المفاهيم المتعلقة بالمركز الذي يلعب به، ومن الواضح أنه يفعل شيئاً لم يقم به اللاعبون الذين كانوا يلعبون في مركز الظهير الأيمن في السابق. ومن المؤكد أيضاً أن الرؤية والقوة البدنية والمهارات، وعدد التمريرات الحاسمة التي صنعها هذا اللاعب خلال الموسمين الماضيين، قد رفعت المعايير المتعلقة باللاعبين الذين يلعبون في هذا المركز. وسيكون الأسبوع المقبل هو الذكرى الثانوية الثالثة لأول مباراة كاملة لعبها ألكسندر أرنولد مع ليفربول، في الدوري الإنجليزي الممتاز، والتي كانت أمام مانشستر يونايتد، على ملعب «أولد ترافورد»، وانتهت بالتعادل بهدف لكل فريق. وخلال معظم فترات موسم 2017 – 2018، كان ألكسندر أرنولد بديلاً لجو غوميز؛ لكنه أصبح الظهير الأيمن الأساسي لليفربول الموسم الماضي، واحتل المركز الثالث بين جميع لاعبي المسابقة، من حيث صناعة الأهداف. وخلال الموسم الجاري، يأتي في المركز الثاني في قائمة صناع الأهداف، خلف النجم البلجيكي كيفين دي بروين، وهو أمر رائع بالنسبة لمدافع. وعلى المستوى الدفاعي أيضاً، يؤدي ألكسندر أرنولد واجبه على أكمل وجه، كما يمتاز بدقة التمرير، والقدرة على تغيير اللعب بشكل رائع، وإرسال الكرات العرضية المتقنة، بالإضافة إلى أن مستواه ثابت ولا يتأثر من مباراة لأخرى، وهو الأمر الذي يجعله لاعباً متكاملاً في حقيقة الأمر. وعندما كان ألكسندر أرنولد طفلاً، كان مثله الأعلى هو نجم ليفربول ستيفن جيرارد، وكان يسعى إلى أن يصبح مثله، وهو الأمر الذي كان يبدو صعب المنال في ذلك الوقت. وفي بعض الأحيان نكبر ونحن نرغب في أن نصل لمكانة مثلنا الأعلى؛ لكننا في الحقيقة يمكن أن نصل إلى مكانة أعلى. إن ما قدمه جيرارد في خط وسط ليفربول كان استثنائياً؛ لكن ألكسندر أرنولد قد تخطى ما توقعه لنفسه، ووظف قدرات لاعب خط الوسط في مركز الظهير الأيمن. لقد تحدث ألكسندر أرنولد عن أشقائه الذين ضحوا بطموحاتهم في عالم كرة القدم لكي يسمحوا له بتحقيق حلمه. وكان أول موقف يتذكره في كرة القدم عندما كان في السادسة من عمره، عندما شاهد الحافلة المكشوفة التي كانت تقل لاعبي نادي ليفربول المتوج بلقب دوري أبطال أوروبا عام 2005، وكان ألكسندر أرنولد يتسلل إلى مركز تدريب ليفربول في ميلوود لكي يرى لاعبي الفريق عبر البوابات، وهو ما يعني أنه سيظل دائماً يحصل على الإلهام اللازم داخل غرفة خلع الملابس. ومن المؤكد أن هذا الحلم الجميل سيكتمل عندما يرفع درع الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن ليفربول لمدة 30 عاماً كاملة. قد يكون المدير الفني الألماني لنادي ليفربول، يورغن كلوب، بارعاً في تحفيز لاعبيه؛ لكن إحدى مهاراته العظيمة تتمثل في قدرته على اكتشاف المواهب الشابة، ومنحها الفرصة لاكتساب الخبرات اللازمة لكي تصل إلى المكانة التي وصل إليها ألكسندر أرنولد في الوقت الحالي، في الوقت الذي قد يكتفي فيه مديرون فنيون آخرون بإنفاق مبالغ مالية هائلة على التعاقد مع لاعب صاحب خبرات كبيرة، للعب في مركز الظهير الأيمن، من دون أن يكون هذا اللاعب قريباً بأي شكل من الأشكال من مستوى لاعب مثل ألكسندر أرنولد. وقد يكون من الصعب على بعض المديرين الفنيين أن يكتشفوا القدرات الحقيقية للاعبين الموجودين في أنديتهم، ولا يعتمدون عليهم بشكل كامل، بينما يتألق هؤلاء اللاعبون بمجرد انتقالهم إلى أندية أخرى، وخير مثال على ذلك النجم البلجيكي كيفين دي بروين الذي لم يقدم أداء مقنعاً في تشيلسي تحت قيادة المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو؛ لكنه يقدم الآن مستويات مذهلة مع مانشستر سيتي، تحت قيادة المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا. وتركز خطة اللعب التي يعتمد عليها ليفربول على ظهيري الجنب بشكل كبير، من خلال فتح الملعب، وتغيير اللعب من اليمين إلى اليسار والعكس، وإرسال الكرات العرضية داخل منطقة جزاء الفرق المنافسة. ويقدم الظهير الأيسر الاسكوتلندي أندي روبرتسون أداء استثنائياً ناحية اليسار؛ لكنه لا يحصل على القدر المناسب من الأضواء، بسبب ما يقدمه ألكسندر أرنولد على الجهة اليمنى، والذي يجعله يسرق الأضواء من الجميع. ولا يتعلق الأمر فقط بالكرات العرضية المتقنة التي يرسلها ألكسندر أرنولد من الناحية اليمنى؛ لكن هذا اللاعب الرائع يتميز أيضاً بقدرته على الدخول لعمق الملعب بكل سلاسة، وتمرير الكرات البينية الرائعة، والتسديد من خارج منطقة الجزاء، وتنفيذ الكرات الثابتة، وتقديم الدعم الهجومي اللازم للخط الأمامي بكل سرعة ودقة. وخلال المباراة التي سحق فيها ليفربول ليستر سيتي برباعية نظيفة، تحرك فيرمينيو في الهدف الثالث بمجرد أن وصلت الكرة إلى ألكسندر أرنولد على الناحية اليمنى، وكأنه يعرف تماماً أين ستصله الكرة، وبالفعل وصلته الكرة في المكان الذي يوجد فيه بشكل مثالي. وما زال الجميع يتذكر ركلة الزاوية التي نفذها بشكل رائع أمام برشلونة، في دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، بشكل يعكس قوة شخصيته ورؤيته الثاقبة ومهاراته الفذة؛ لكنه لم يكتفِ بذلك، وواصل التألق بشكل يجعل هذه الأشياء الاستثنائية تبدو عادية تماماً بالنسبة له. من المؤكد أن هذه ليست المرة الأولى التي نرى فيها ظهيراً يقدم واجباته الهجومية بشكل رائع؛ لكن ما لم نشاهده حقاً هو هذا المستوى من المهارة والفعالية وثبات المستوى. وربما يكون اللاعب الوحيد الذي أعتقد أنه يقدم هذا الأداء الهجومي الرائع نفسه رغم أنه يلعب ظهيراً، هو الظهير الأيسر لريال مدريد مارسيلو، رغم أن اللاعب البرازيلي يبلغ من العمر الآن 31 عاماً، ولم يصنع أكثر من عشرة أهداف سوى في موسم واحد، بينما ألكسندر أرنولد في طريقه لتحقيق هذا الأمر للمرة الثانية، رغم أنه لا يزال في الحادية والعشرين من عمره. وقد تفوق مارسيلو على غيره من ظهيري الجنب؛ لأنه يجيد التوغل في عمق الملعب، والتقدم إلى جانب المهاجمين وإحراز الأهداف؛ لكن يمكن القول بكل ثقة، إن ألكسندر أرنولد هو أفضل ظهير في العالم في الوقت الحالي. وربما ما يجعل ألكسندر أرنولد لاعباً استثنائياً هو أنه لاعب محلي يتميز بالتواضع الجم والخجل الشديد، رغم أنه لاعب بارز، وفي طريقه لأن يصل لمكانة لم يصل إليها كثيرون من قبله. ويلعب ليفربول أمام توتنهام هوتسبير، قبل أن يواجه مانشستر يونايتد الذي يعد الفريق الوحيد الذي حصل على نقاط من ليفربول هذا الموسم، ويقدم مستويات جيدة أمام الفرق الكبرى، قبل أن يخوض ليفربول عدداً من المواجهات السهلة التي يتوقع أن يحقق الفوز فيها. وإذا تمكن ليفربول من تحقيق الفوز في هذه المباريات، وواصل أداءه القوي، فإنه سيكون قريباً للغاية من الحصول على اللقب. وإذا فاز ليفربول على مانشستر يونايتد، فإن فرصته ستكون كبيرة للغاية في إنهاء الموسم من دون خسارة. ويقدم ليفربول مستويات رائعة وثابتة خلال الموسم الحالي، ويبدو دائماً متعطشاً لتحقيق الفوز ومواصلة الانتصارات، وهو الأمر الذي يجعله قريباً للغاية من حصد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز لأول مرة منذ 30 عاماً. وإذا نجح الفريق في حصد اللقب، فمن المؤكد أن ألكسندر أرنولد سيكون له دور كبير في ذلك.

مشاركة :