عززّ الرئيس دونالد ترامب تفوقه على منافسيه الديموقراطيين، في السياسة الخارجية، واضاف ذلك إلى تقدمه عليهم، في عيون الناخبين الاميركيين، في شؤون الاقتصاد، ليرفع من حظوظ فوزه بولاية رئاسية ثانية، في الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل. وأظهرت نتائج «مجموعة نقاش»، عقدتها مؤسسة «انجاجيوس - اف بي جي»، ان «غالبية الناخبين المتأرجحين في ولاية بنسلفانيا يساندون قرار ترامب بتوجيه الضربة» التي أدت الى مصرع قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني، اثناء وجود الاخير في العاصمة العراقية بغداد.واللافت في نتائج الاستطلاع انها سبقت الرد على مقتل سليماني، وهو الرد الذي جاء على شكل عدد من الصواريخ اطلقتها إيران من اراضيها واستهدفت فيها قاعدة عين الأسد في الانبار، غرب العراق، وقاعدة حرير في كردستان، اللتين تستضيفان قوات أميركية. وحاول معارضو ترامب من الحزب الديموقراطي، خصوصاً اثناء الفترة التي تلت مقتل سليماني وسبقت الرد الايراني عليه، الى التهويل على الاميركيين بالقول ان تهور الرئيس وغياب اي استراتيجية له تجاه ايران، بما في ذلك استهدافه قائد «فيلق القدس»، من شأنه ان يؤدي الى تصعيد عسكري، وان يورط الولايات المتحدة في حرب شرق اوسطية جديدة ستكون مكلفة بشرياً ومالياً. على ان الرد المحدود ساهم في تقوية موقف ترامب، واضعاف موقف الديموقراطيين. وتبين في ما بعد، ان مديرة وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي اي) جينا هاسبل، كانت أبلغت ترامب ان رد ايران على مقتل سليماني هو اقل خطرا على حياة الجنود الاميركيين من بقاء سليماني حياً. وتوقعت ان يكون الرد هجمات صاروخية من الاراضي الايرانية فقط، من دون ان تتطور المواجهة الى مواجهة عسكرية اوسع بين الطرفين، وهو ما حصل فعلا، واظهر ان في ادارة ترامب محترفون، وان الحزب الديموقراطي عديم المعرفة في الشؤون الخارجية.ويضاف تفوق ترامب على الديموقراطيين في السياسة الخارجية، في عيون الناخبين في ولاية بنسلفانيا، الى تفوقه على كل مرشحيهم في الولاية نفسها، حسب استطلاع سابق للرأي اجرته، الشهر الماضي، مؤسسة «اوبتيمس»، المحسوبة على الجمهوريين.وبنسلفانيا كانت إحدى مفاجآت الانتخابات الرئاسية في العام 2016، اذ هي كانت محسوبة من الولايات الزرقاء التي تؤيد الديموقراطيين منذ العام 1992، لتنقلب وتصوّت لمصلحة ترامب، بفارق بسيط عن منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون، ومثلها فعلت ولايتا ميتشيغن وويسكونسن، المحسوبتان عادة على الحزب الديموقراطي. ويعتقد الخبراء، ان في انتخابات هذا العام، من شبه المستحيل ان يستعيد الديموقراطيون البيت الابيض من دون استعادتهم هذه الولايات، وفي طليعتها بنسلفانيا.وبسبب أهمية بنسلفانيا، قام المرشح الديموقراطي للرئاسة، ونائب الرئيس السابق جو بايدن، باتخاذها مقراً رئيسياً لحملته الانتخابية، على الرغم ان بايدن أمضى أربعة عقود في مجلس الشيوخ ممثلا لولاية ديلاوير المجاورة. وراح بايدن يروي كيف ولد في بنسلفانيا، وكيف انتقل ابواه في طفولته الى ديلاوير.وأظهر استطلاع «اوبتيمس» تقدم ترامب في بنسلفانيا على المرشحين الديموقراطيين للرئاسة: مايكل بلومبيرغ بأربع نقاط مئوية، وبايدن بخمس نقاط، وبيت بوتجاج بست، واليزابيث وارن بسبع، وبيرني ساندرز بعشر نقاط. كما اظهر الاستطلاع تقدم ترامب على كل المرشحين الديموقراطيين في ويسكونسن، بفارق أكثر من عشر نقاط مئوية، باستثناء بايدن، الذي أظهر الاستطلاع تأخره عن الرئيس بتسع نقاط مئوية في الولاية المذكورة.وجاء تقدم ترامب على المرشحين الديموقراطيين في الولايات الثلاثة المحسوبة عليهم حتى قبل مقتل سليماني، وهي العملية التي عارضها الديموقراطيون، فظهروا بمثابة المدافعين عن اعداء الولايات المتحدة، وظهر ترامب بمثابة الرئيس الحاسم وصاحب الرؤية الاستراتيجية. وان حافظ المقترعون المتأرجحون على ميلهم لانتخاب ترامب، بسبب سياسته الخارجية، هذا يعني أن أزمة الديموقراطيين ستزداد عمقاً، وان حظوظهم في استعادة البيت الابيض شبه منعدمة، في حال «جرت الانتخابات غداً»، حسب التعبير الاميركي.كما جاء تقدم ترامب على الديموقراطيين في وقت تظهر استطلاعات رأي الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديموقراطي تقدم ساندرز على منافسيه، وخصوصا بايدن، وهو ما يعني اندفاع الحزب بعيدا عن يسار الوسط ونحو اليسار المتطرف، وهو ما يجعل من الاصعب على الحزب انتزاع الوسطيين والمتأرجحين من قبضة ترامب.هكذا، ساهم مقتل سليماني في تعزيز وضع ترامب الانتخابي لولاية ثانية، وهو ما يعني ان إيران، التي تراهن على انتظار خروجه من البيت الابيض، حسب نصيحة وزير الخارجية السابق جون كيري الى وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، ستجد نفسها في ورطة، اذ سيكون من الاصعب عليها الاستمرار في ظل العقوبات الاميركية القاسية، والاستمرار في الوقت نفسه في رفض الانخراط في محادثات غير مشروطة مع الرئيس الأميركي، اذ تشترط طهران رفع العقوبات عليها قبل عودتها إلى أي مفاوضات.
مشاركة :