ترامب مخطئ.. بلاده بحاجة ماسة لنفط المنطقة

  • 1/14/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

•جوليان لي * لا تزال دول الخليج مصدراً لواحد من كل ثمانية براميل من النفط الخام المستورد إلى الولايات المتحدة. جانب الرئيس دونالد ترامب الصواب الأسبوع الماضي عندما قال إن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى نفط الشرق الأوسط. فمصافي التكرير في الولايات المتحدة بحاجة إلى خام الشرق الأوسط الذي تكرره لتوفير المنتجات التي يطلبها عملاؤها. إلا أن الأهم من ذلك أن سائقي السيارات والشاحنات في أمريكا بحاجة ماسة لاستمرار تدفق ذلك الخام كي لا يواجهوا قفزات في أسعار البنزين والديزل. وقد جاء تأكيد ترامب خلال خطاب ألقاه في البيت الأبيض بعد أن أطلقت إيران الصواريخ على قاعدتين عسكريتين في العراق تستخدمهما القوات الأمريكية، ووسط مخاوف من تصاعد الهجمات على البنية التحتية النفطية الرئيسية في المنطقة، بما في ذلك احتمال وقف تدفق النفط عبر مضيق هرمز الذي يربط الدول المنتجة ببحار العالم المفتوحة. من المؤكد أن القليل من النفط الخام المنتج في منطقة الخليج يجد طريقه الآن إلى مصافي التكرير في الولايات المتحدة- أقل من 5٪ من 16.5 مليون برميل يومياً من النفط الخام التي تدفقت عبر مضيق هرمز في عام 2019 - ذهب إلى المصافي الأمريكية، وفقاً لبيانات جمعتها بلومبيرج. من جهة أخرى اشترت أربع دول آسيوية - الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية - ثلثي إجمالي النفط الخام والمتكثفات من دول المنطقة. وإذا أضيفت إليها مشتريات باقي دول آسيا، يرتفع هذا الرقم إلى أكثر من 80 ٪. وهكذا يكفي لتبرير دعوة ترامب تلك الدول إلى الاضطلاع بدور أكبر في حماية تدفقات النفط عبر المضيق. لكن الولايات المتحدة لا يمكنها الاستغناء عن نفط الخليج بهذه السهولة. فمن جهة تعد الولايات المتحدة خامس أكبر مشتر للخام الشرق أوسطي. صحيح أن وارداتها من المنطقة تراجعت مع ارتفاع إنتاج النفط المحلي ومع طفرات الصخر الزيتي، ولكن لا تزال دول الخليج مصدراً لواحد من كل ثمانية براميل من النفط الخام المستورد إلى الولايات المتحدة. قبل أن تبدأ طفرة الزيت الصخري، استثمرت مصافي ساحل الخليج الأمريكي ملايين الدولارات في تجديد مصافيها لمعالجة الخام الثقيل الرخيص نسبياً من الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية لتوفير المنتجات منخفضة الكبريت التي يطلبها المستهلكون الأمريكيون. ومنذ عام 2012، أعادوا تجهيز منشآتهم مرة أخرى لمعالجة نسب أعلى من أصناف الزيت الخفيف الذي يحتوي على القليل من الكبريت أو بدونه، والذي يتم استخراجه من المكامن الصخرية. وسجلت الولايات المتحدة إنجازاً لافتاً على صعيد الاكتفاء الذاتي لأول مرة منذ إنشاء سجل معلومات الطاقة عام 1949، وذلك مرتين خلال عام 2019 واحدة في أكتوبر والأخرى في نوفمبر. لكن لا ينبغي لأحد أن يغفل حقيقة أن هذا الوضع الجديد نتج عن شحنات المنتجات المكررة التي تواصل الولايات المتحدة استيرادها. ولا تزال تستورد كميات من النفط تفوق صادراتها منه وهو وضع لا يمكن فصله عن مجريات سوق النفط العالمي. ومع اشتداد التوتر مع إيران حالياً، تتراجع مصادر استيراد الخام الثقيل الحامض التي تعتمد عليها مصافي الساحل الأمريكي، خاصة بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات على صادرات النفط الفنزويلية في يناير 2019، بينما تواجه المكسيك وكولومبيا انخفاضاً في الإنتاج نتيجة لنقص الاستثمارات الجديدة. و بينما لا تزال كندا هي أكبر مورد للولايات المتحدة، فإن الشرق الأوسط يبقى المصدر الثاني الأهم لواردات واشنطن. وهذا يكشف السبب الثاني الذي يجبر الولايات المتحدة على عدم الاستغناء عن نفط الشرق الأوسط، ألا وهو الأسعار. بغض النظر عن البلد الذي يصدر نفط الشرق الأوسط، فإن الكميات التي تصدرها المنطقة لا تزال لها آثار مباشرة وقوية على أسعار النفط الخام، وكذلك أسعار البنزين والديزل. وتمتاز الولايات المتحدة بانخفاض نسب الضرائب على الوقود ما يجعل أسعاره أشد حساسية لحركة أسعار الخام العالمية. فقد قفز متوسط سعر البنزين الخالي من الرصاص بمقدار 10 سنتات للجالون - وهي أكبر زيادة لمدة يومين منذ أكثر من عامين - بعد هجمات سبتمبر على منشآت النفط السعودية، على الرغم من مسارعة المملكة إلى طمأنة الأسواق بأنه لن يكون هناك انقطاع في الإمدادات. ورغم وفاء المملكة بوعدها، وبعد مرور ثلاثة أشهر لم تعد أسعار البنزين إلى مستوى ما قبل الهجوم. هذا يدل على مدى أهمية تدفق النفط الخام من الشرق الأوسط بالنسبة للأمريكيين - ورئيسهم. إذا كان مجرد احتمال حدوث انقطاع في تدفقات النفط من منطقة الخليج يمكن أن يؤدي إلى تحليق أسعار البنزين في الولايات المتحدة، فما الذي يمكن أن يحدثه أي تعطيل حقيقي، إن لم نقل التوقف الكلي عن التصدير. المؤكد أن أي رئيس سيحاول تجنب هذا الخطر خلال سنة انتخابية، وشاغل البيت الأبيض الحالي لا يختلف عن سابقيه. * بلومبيرج

مشاركة :