عندما نقف على واقع الملتقى ندرك حجم النقلة النوعية التي قام بها الأديب عبدالله بن محمد أبابطين، والتي أسست لنهج حضاري جديد على قواعد منهجية وموضوعية، قدّم فيه الملتقى كنافذة ثقافية ومنصة إشعاع حضاري نقلته إلى فضاء ثقافي ومجتمعي واسع.. في الأيام السابقة زرت ملتقى عبدالله بن محمد أبابطين الثقافي بمدينة روضة سدير، كانت زيارة ثقافية وقفت فيها على مفاصل الملتقى والتي تتكون من مكتبة سدير الوثائقية ومتحف أبابطين التراثي ومعرض الوثائق والمناسبات والصور ومعرض الصحف والمجلات السعودية ومعرض النخلة ومنتجاتها والتي جاءت في صورة بناء ثقافي متكامل ومتماسك يستجيب للاحتياجات الثقافية والحضارية. ولذلك قد لا يكون كافيًا أن نقول إن ملتقى عبدالله بن محمد أبابطين الثقافي حفظ جزءاً كبيراً من تراث إقليم سدير وجعله متاحًا للآخرين فالاحتفاء بالتراث دائمًا يدل على توجه مستقبلي، ولكن ينبغي أن نضيف إلى ذلك أن الملتقى يمثل مصدر وعي حضاري ورمزًا ثقافيًا، فالملتقى حاضر في المشهد الثقافي على خارطة إقليم سدير. والملتقى ليس وليد اليوم أو الأمس القريب كما يتبادر إلى الأذهان، بل يعود إلى أكثر من ربع قرن، ولذلك فإن تحديد اللحظة الزمنية التي ينطلق فيها الفعل الثقافي عند بناء المؤسسات الثقافية ليس دقيقًا، بل إن التجربة الثقافية تسبق الكيانات المؤسسية بسنوات بعيدة. ولذلك فإن مبادرة الأديب عبدالله بن محمد أبابطين الثقافية بدأت مع عبدالله أبابطين نفسه قبل تشكل الكيان المؤسسي بسنوات بعيدة والتي أحالها اليوم إلى كيان مؤسسي، ملتقى عبدالله بن محمد أبابطين الثقافي وهذا يضعنا وجهًا لوجه أمام حقيقة أن الثقافة كانت قضيته الكبرى ومصدر إلهامه، ويمكننا القول إنه اختار الهدف الصحيح. فالملتقى من حيث البنية الثقافية يقوم بشكل أساسي على مفردات التراث لذلك لا غرابة أن نجد كثيرًا من الدارسين والباحثين يرونه أحد أهم مصادر الثقافة في إقليم سدير. ومن هذا السياق كان التوافق على أن الملتقى يمثل حركة ثقافية ديناميكية ويؤدي دورًا فاعلًا في حفظ التراث. إذًا فحينما يكون الملتقى تعبيرًا عن مبادرات ثقافية فليس من البالغة أن ينظر له الآخرون باعتباره ذا تأثير مباشر على مجمل الحركة الثقافية في إقليم سدير ومن هنا تأتي ميزته الجوهرية وقيمته التراثية. فعندما نقف على واقع الملتقى ندرك حجم النقلة النوعية التي قام بها الأديب عبدالله بن محمد أبابطين والتي أسست لنهج حضاري جديد على قواعد منهجية وموضوعية قدم فيه الملتقى كنافذة ثقافية ومنصة إشعاع حضاري نقلته إلى فضاء ثقافي ومجتمعي واسع. إذ لم تكن أهداف الملتقى ذات بعد واحد بل كانت تغطي مساحات واسعة من النواحي العلمية والثقافية والفكرية والتي طبعت الحياة في إقليم سدير بالطابع الثقافي والحضاري. فقد تنبه الأديب عبدالله بن محمد أبابطين في وقت مبكر إلى حاجة الإقليم إلى مركز حضاري فانطلق بشكل فردي فوضع ثقله في إنجاز هذا الملتقى فقد كان مؤمنًا بالفكرة سباقًا إلى تنفيذها فقد كان نموذجًا فريدًا للشخصية الواعية البصيرة بما يقدمه لمجتمعه ولا شك أن وراء هذا القرار حكمة ونظرة واسعة وبعد نظر تضع الاعتبارات الكبرى للثقافة وهذا في حد ذاته موقف يستحق أن يقابل بأكثر من الاحترام. فالوعي الذي طبع مجمل حياته انعكس بصورة إيجابية على مختلف أدواره ومبادراته، ومكنه من أداء دور الشخصية الفاعلة ومن هنا كان حضوره وتأثيره فإحدى مكونات نجاحه قدرته على ملازمة هدفه ولقد كانت الثقافة أكثر الأهداف إلهامًا له والتي أحدثت فارقًا نوعيًا في حياته. جملة من المبادرات الثقافية والاجتماعية والإنسانية التي اضطلع بها الملتقى وبإلقاء نظرة سريعة عليها نجد أنها تتنوع ما بين الثقافي والعلمي والاجتماعي والأكاديمي. فقد أنشأ الملتقى علاقات أكاديمية مع مؤسسات وهيئات أكاديمية وعلمية وتبنى معظم فعاليات المؤسسات العلمية والتربوية وقدم برامج ودورات تدريبية على مستوى الإقليم واستضاف شخصيات ثقافية عربية وعالمية وكرس مبدأ علاقات الصداقة مع المؤسسات العلمية والتربوية وقدم برامج التوعية الشاملة بالبيئة والمشكلات الصحية. وقام بتمويل الأبحاث وبرامج التربية الخاصة بالموهوبين والتربية الخاصة وبرامج المحاضرات وبرامج الندوات والملتقيات الثقافية كبرنامج ندوة رابطة سدير الخضراء وبرامج تكريم شخصيات المجتمع وبرامج المخطوطات والخرائط التاريخية وبرامج زيارات الرحالة الأجانب وزيارات طلاب المدارس وبرنامج طباعة الكتب التاريخية. وقد خصص الملتقى مقرًا للباحثين والدارسين في مكتبة سدير الوثائقية ومقرات لمشروعات ثقافية صدر منها كتاب وثائق من سدير وأعلام سدير وحفلات التكريم كالحفل التكريمي لأعضاء هيئة التدريس بكلية العلوم والدراسات الإنسانية بحوطة سدير كما تبنى برامج ودراسات بيئية وتبنى الأبحاث العلمية حول إقليم سدير. ومن بين أنشطة الملتقى جائزة ملتقى عبدالله بن محمد أبابطين الثقافية لتكريم الطلاب المميزين والاحتفال باليوم العالمي للمتاحف وللملتقى مشاركات في المناسبات الاجتماعية والثقافية واحتفاله كل عام باليوم الوطني. وعلى إثر ذلك حصل ملتقى عبدالله بن محمد أبابطين الثقافي على وسام الامتياز من مجلس التعاون لدول الخليج العربي وقد تسلم الوسام محمد بن عبدالله أبابطين في حفل ثقافي أقيم في مسقط بعمان على شرف سمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد مستشار جلالة السلطان قابوس وبحضور عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي وشخصيات ثقافية وأكاديمية وعلمية. ويعد وسام التميز اعترافًا علميًا وعمليًا بتميز ملتقى عبدالله بن محمد أبابطين الثقافي ويأتي هذا اللقب الشرفي تقديرًا لإسهامات الملتقى الرامية إلى تعزيز دور الثقافة في المجتمع.
مشاركة :