الجانب المفيد في الحكم على ميشال سماحة | مقالات

  • 5/27/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

لا يزال لبنان يقاوم. يقاوم ما تسعى «المقاومة» التابعة لإيران إلى فرضه عليه. في الواقع، تعمل إيران على تحميل لبنان ما لا يستطيع تحمّله، بما في ذلك العمل من أجل صدور حكم مخفّف في حق الوزير السابق ميشال سماحة الذي اعترف بالصوت والصورة بنقله أسلحة ومتفجرات لتنفيذ عمليات ذات طابع إرهابي. تفعل إيران ذلك استرضاء للنظام السوري الذي بات يعتمد عليها كليا داخل سورية نفسها وفي لبنان. لا يهمّ إيران ما يفكّر فيه الشعب اللبناني الذي يرفض الحكم المخفّف رفضاً قاطعاً ويصرّ على تغييره ممارساً فعل مقاومة يومي... لو كان النظام السوري قادراً على حلّ أيّ مشكلة من مشاكله، من دون إيران، لما ورّط نفسه في قضية علي المملوك ـ ميشال سماحة التي لا بدّ أن يأتي يوم يدفع ثمنها غالياً. لن يفيده في شيء ممارسة ضغوط من أجل تخفيف الحكم على ميشال سماحة بهدف توفير فرصة أخرى له، أو تجديد رخصة حمل متفجرات، من أجل ارتكاب ما كان يفترض به ارتكابه من أعمال إجرامية. ولكن يبقى جانب مفيد في الحكم المخفّف في حقّ ميشال سماحة. كشف الحكم النظام السوري في مجالين. الأوّل أنّه نظام لا يمكن أن يتغيّر نظراً إلى أنّه لا يعرف غير القتل وممارسة الإرهاب، والآخر تحوّله إلى نظام لا يستطيع العيش ولو لأيّام من دون الدعم الإيراني. في آخر المطاف، ليس ميشال سماحة سوى أداة من أدوات النظام السوري الذي يرفض أخذ العلم بأنّه أداة عند إيران في لبنان وسورية في آن. لولا إيران، لما كان في استطاعة هذا النظام أن يهبّ لنجدة ميشال سماحة الذي اعترف صراحة بما كان يريد عمله بالأسلحة والمتفجرات التي جاء بها من عند علي المملوك بمباركة من بشّار الأسد. كلّما مرّ يوم، يتبيّن أن النظام السوري أسير أساليبه التي تقوم على نشر الخوف والرعب، أكان ذلك في سورية أو لبنان. هل تعميم الخوف يمكن أن يفيده في شيء؟ الجواب لا كبيرة. ما لم يستوعبه النظام السوري أن اللبنانيين كسروا حاجز الخوف قبل السوريين. عندما انتفض لبنان في الرابع عشر من مارس 2005، كان ذلك دليلا على أن لبنان لا يمكن أن يقبل بالوصاية السورية إلى ما لانهاية. ردّ لبنان، وقتذاك، على اغتيال رفيق الحريري ورفاقه بالنزول إلى الشارع وإخراج القوات السورية من لبنان. صحيح أن الإيراني ملأ، عبر «حزب الله، الفراغ العسكري والأمني الناجم عن الانسحاب السوري. لكنّ الصحيح أيضا أن اللبنانيين اثبتوا أنّه لا يمكن إلّا أن يتخلصوا من الوصاية الأجنبية مهما طال الزمن. سيتخلّص اللبنانيون من الوصاية أكانت سورية أو إيرانية... جُدّدت رخصة ممارسة القتل ونقل المتفجرات لميشال سماحة وأمثاله أم لم تجدّد». يهرب النظام السوري من واقع جديد في سورية نفسها. يهرب من واقع كسر السوريين لحاجز الخوف. في درعا، كسر السوريون، قبل ما يزيد على أربع سنوات، حاجز الخوف. بدأ ذلك في درعا التي كتب أطفالها على جدران المدرسة عبارات من نوع «الشعب يريد إسقاط النظام». فتحت درعا صفحة جديدة من التاريخ السوري. تغيّرت سورية ولم يتغيّر النظام الذي رفض أن يتعلّم شيئا من التجربة التي مرّ بها في لبنان. لعلّ أوّل ما رفض أن يتعلّمه أن لا فائدة من الإرهاب في التعاطي مع اللبنانيين. بعد التخلّص من رفيق الحريري، اغتيل الأخ والصديق سمير قصير وحصلت بعد ذلك سلسلة من الجرائم وصولا إلى اغتيال رجل الحوار والتواضع والعلم والمنطق السليم الذي اسمه محمد شطح. خسر لبنان خيرة أبنائه من جورج حاوي وجبران تويني إلى وليد عيدو وانطوان غانم وبيار أمين الجميّل ووسام عيد ووسام الحسن. هل أدّت أي جريمة من هذه الجرائم إلى جعل اللبنانيين يخافون النظام السوري ويعيدون النظر في رأيهم فيه؟ كلّ ما في الأمر أن كلّ لبناني يعرف ما هي الوظيفة الحقيقية لميشال سماحة وأمثاله، كما يعرف وظيفة كلّ مسيحي من نوع ميشال عون يقبل تغطية مثل هذه الارتكابات التي هي جرائم في حق كلّ مواطن لبناني يمتلك حدّا أدنى من الكرامة أوّلا. كشف الحكم الذي صدر في حقّ ميشال سماحة حجم التحديات التي يتعرّض لها لبنان. كشف قبل كلّ شيء أن إعطاء فرصة ثانية لـ«أبو الميش» كي يمارس هوايته المفضلة في توزيع المتفجرات السورية في المناطق اللبنانية المختلفة صارت لعبة مكشوفة، بل مكشوفة أكثر من اللزوم. صارت لعبة مكشوفة، تماما مثل لعبة الانتصارات الوهمية لـ«حزب الله» في القلمون وغير القلمون. ليس معروفا بعد كيف يمكن لحزب مثل «حزب الله» الانتصار على الشعب السوري الذي يقاتل أوّلاً دفاعاً عن أرضه، تماما مثلما كان الحزب يقاتل في جنوب لبنان إبان الاحتلال الإسرائيلي. يمكن للحزب المساهمة في عملية الذبح والإبادة بالبراميل المتفجّرة التي يتعرّض لها الشعب السوري من منطلق مذهبي بحت إرضاء لإيران قبل أيّ شيء آخر. ولكن يظلّ السؤال المطروح في نهاية المطاف: ما أفق هذه اللعبة؟ هل يمكن لهذه اللعبة إنقاذ النظام السوري؟ لو كان ذلك ممكنا، لكان التنكيل باطفال درعا في مارس من العام 2011 أنقذ النظام وأعاد عقارب الساعة إلى خلف. لو كان ذلك ممكنا، لكانت الثورة توقّفت في درعا ولم تتوسع لتشمل كلّ سورية وصولا إلى دمشق نفسها وحمص وحماة وحلب وادلب...وستصل قريبا إلى الساحل السوري. يعرف اللبنانيون قبل السوريين أنّ اللعبة انتهت. يعرفون خصوصا أنّ النظام السوري لا يؤمن، هو ومن معه، في حقيقة الأمر سوى بشعار واحد. هذا الشعار هو أن الانتصار على لبنان وسورية وعلى اللبنانيين والسوريين بديل من الانتصار على إسرائيل... يغطي النظام السوري شعاره الحقيقي، الذي لا يؤمن بغيره، بشعارات «المقاومة» و«الممانعة» وبميشال سماحة أو ميشال آخر. لا فارق بين ميشال وآخر، ما دام المطلوب تغطية جرائم في حجم تلك التي كان الوزير اللبناني السابق على استعداد لارتكابها لأسباب مرتبطة أساساً بأنّه رجل مريض نفسياً قبل أي شيء آخر!

مشاركة :