عرضت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة أهم إصداراتها والتي تؤرِّخ وتوثِّق العلاقات السعودية اليابانية، عبر كتاب للرحالة والباحث الياباني تاكيشي سوزوكي، والذي دخل الإسلام وحمل اسم: «الحاج محمد صالح»، وهو واحد من هؤلاء اليابانيين الذين زاروا المملكة العربية السعودية، وعاد إلى بلده ليسجِّل خواطره وذكرياته الجميلة في المملكة، ولقائه مع الملك عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله.وقد ألَّف سوزوكي كتابه «ياباني في مكة» وهو يندرج تحت أدب الرحلات الياباني، وقد اعتنق الإسلام بعد أن عاش بين المسلمين في جزر إندونيسيا عدَّة سنوات، وقد أدَّى مناسك الحج ثلاث مرات ما بين 1353-1356 هـ الموافق 1935-1938م وألَّف كتابه بعد رحلة الحج الثالثة وأصدره باليابانية في العام 1361هـ / 1943م بعنوان: «الحج إلى مكة المكرمة»، وقد عاش أغلب حياته بإندونيسيا؛ حيث قاد حركة الاستقلال الإسلامية في إندونيسيا ضد بلاده اليابان.يتضمن كتاب تاكيشي سوزوكي جملةً من الثقافات والمعارف التي تصوِّر كثيرًا من العادات والتقاليد الاجتماعية وقت زيارته المملكة العربية السعودية؛ حيث بيَّن فئات المجتمع السعودي وطبقاته وقتها، ووضع الرجال والنساء في المجتمع، ولم تخلُ رحلته من ذكر رجال الدولة والعلماء وعلى رأسهم مؤسِّس المملكة العربية السعودية الحديثة الملك عبدالعزيز، طيَّب الله ثراه.ويصف الباحث الياباني رحلة الحج، ورسم صورة للملك عبدالعزيز الذي شاهده عن قُرْب والتقى به، وقد خصَّه الملك دون غيره من الحجاج باللقاء أطول وقتٍ ممكنٍ، فرسم للملك صورة دقيقة الملامح، جميلة القسمات خطها بأصدق الكلمات، وقد كتب عن حياة الملك عبدالعزيز الأولى، وعن كفاحه حتى استرد ملك آبائه وتمكن من توحيد أجزاء البلاد، وتأسيس المملكة العربية السعودية الحديثة .ومن بين وصفه للقاء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود مع حجاج بيت الله المعمور يصف تاكيشي سوزوكي اللقاء بالقول: «جاء الناس للقاء الملك ابن سعود والسلام عليه، كان كانوا جميعًا في ملابس جميلة، وهم يمثِّلون مختلف بلاد العالم، كانت ملابسهم وأزياؤهم المختلفة الأشكال والألوان عجيبة جدًا بالنسبة لنا، لكن يبدو أنَّها غالية جدًّا، وتنوَّعت هذه الأزياء: الأزياء الإفريقية والأزياء الهندية، والأزياء الإندونيسية، والأزياء الأفغانية، وغيرها أكثر من أربعة وعشرين وفدًا يمثلون أكثر من أربع وعشرين دولة، يقف هؤلاء الآن في أزيائهم القومية كما لو كنا في معرض للقوميات والأزياء أيضًا» .ويصف سوزوكي الخيمة التي جرى فيها اللقاء وأنها تتضمن مائة مقعد «ولا يمكن أن أتصور جمال السجادة الحمراء المفروشة على الرمال داخل هذه الخيمة، كان لون السجادة يتماشى تمامًا ويتناسب مع قماش الخيمة الأخضر من فوقنا». كما وصف الباحث الياباني أزياء الجنود وملابسهم النجدية العسرية التقليدية، فيما وصف لقاءه بالملك عبدالعزيز بقوله: «الملك العظيم الذي أنجبته جزيرة العرب.. الآن يمكن أن أشعر بحرارة يد هذا الإنسان العظيم.. حين صافحته انهمرت الدموع من عيني، غلبت مشاعري عليَّ، لم أتمالك نفسي، لم أستطع أن أدقق في وجه الملك، فقد غطت الدموع وجهي بما في ذلك عيني».ويواصل سوزوكي وصف لقائه بالملك المؤسسة، رحمه الله: «سحب الملك يده بهدوء وأمر الحارس الذي يقف بجواره أن يبتعد قليلًا وأوقفنا بجواره عل يساره، ومن هذا المكان وعلى هذا الوضع كنا نشاهد الضيوف الذين قدموا للسلام على الملك».ويصف الباحث الياباني شخصية الملك عبدالعزيز آل سعود مبينًا أهمَّ هذه الشخصية التي أسست وطنًا وصنعت كياناً له حضوره ومكانته الشامخة: «يمكن أن أقول بكل ثقة: إنَّ هذا الإنسان بطل منذ أن كان صغيرًا، عاش حياة كلها كفاح مستمر ونضال لم يتوقف، حتى وأنا أكتب هذه الجملة أريد أن أتطلع إلى يدي اليمنى التي لمست يده وصافحته لا يمكن أن أتمالك نفسي عن التفكير في تلك اللحظات، كانت يده قدر يدي مرتين، كانت آثار وعلامات الكفاح والنضال ماتزال واضحة للعيان على أصابع كفيه وأتخيل أيضًا قمته الفارهة، كان عليّ أن أرفع رأسي وأشدّ قامتي إلى أعلى حتى أشاهد وجهه». أشار الباحث الياباني في كتابه القيِّم إلى توحيد المملكة العربية السعودية، وهو يبين ذلك في عنوان عريض بالكتاب بعنوان: «الملك ابن سعود» ومما جاء في وصف ذلك: «إنه الرجل الذي وحد الجزيرة العربية في ظل حكومة مركزية، وأسس المملكة العربية السعودية وهو يلقى احترامًا وتبجيلًا من جميع العرب الذي يضعون ثقتهم فيه».ويقولون: إنَّ الملك ابن سعود له شخصية تتمتع بمبادئ سامية، وتحمل بداخلها عوامل الانتصار على الأداء، ويسميه الناس: «ملك المملكة العربية السعودية» ويطلقون عليه أيضًا: «البطل الذي لا يُقهر» وهو ليس فقط بطلًا عسكريًا عظيمًا، لكنَّه أيضًا سياسي بارع أكسبته مصاعب الصحراء حنكةً، وشكلت شخصيته القديرة مما مكنه من توحيد مناطق صحراوية شاسعة كان من الصعب توحيدها.وبعد عدة صفحات مطوَّلة عن حياة الملك المؤسس وجهوده في تأسيس المملكة منذ دخول الرياض في العام 1902 حتى إعلان المملكة العربية السعودية في 23 سبتمبر 1932م يلخص سوزوكي القول: « لو لم يظهر ابن سعود إلى عالم الوجود لما تحققت وحدة الجزيرة العربية حتى اليوم، مازلت أتذكر ابن سعود بجسمه القوي وقامته الفارعة والتعبير الحار الذي يملأ قسمات وجهه ومازلت أتذكر سنوات حياته التي تشبه المصباح الياباني الملون الذي يدور مع هبوب الرياح فيكشف عن العديد من الألوان والأشكال... والمملكة العربية السعودية بلد مهم جدًا لجميع البلدان الإسلامية جغرافيًا ودينيًا، ويحتلّ الملك ابن سعود مكانةً طيبة في قلوب أربعمائة مليون مسلم، لا يمكن أن أنسى ما حييت أسعدَ اللحظات التي شاهدت فيها الملك ابن سعود فهو يمثِّل عظمة التاريخ».
مشاركة :