مصدر الصورةGetty Images تناول عدد من الكُتاب العرب مآل المفاوضات الجارية بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا حول سد النهضة الإثيوبي، خاصة في ظل البيان الأخير الذي اتهمت فيه وزارة الخارجية المصرية إثيوبيا بتضليل الرأي العام وتزييف الحقائق من خلال تصريحات ادعت بأن القاهرة طالبت بملء السدّ خلال 21 عاما وهو ما نفته القاهرة. وتستضيف العاصمة الأمريكية واشنطن حاليا وزراء الخارجية والري للدول الثلاث من أجل مباحثات يحضرها ممثلون للبنك الدولي ووزارة الخزانة الأمريكية بهدف الوصول إلى اتفاق حول قواعد ملء وتشغيل السد. وشاركت كل من مصر وإثيوبيا في مفاوضات ومناقشات على مدار تسع سنوات منذ إعلان أديس أبابا عن بناء السد عام 2011. وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها من مياه نهر النيل الذي يُعد المصدر الأساسي للمياه في مصر، بينما ترى إثيوبيا أن بناء السد ضروري من أجل تحقيق التنمية على أراضيها.سد النهضة: هل ينجح رهان السيسي على ترامب لحل الأزمة؟سد النهضة: اتفاق مصر وإثيوبيا والسودان على التوصل لحل للأزمة قبل منتصف يناير"الكثير من الشك" يقول محمد بركات في جريدة الأخبار المصرية: "ليس لديّ توقعات متفائلة بخصوص المفاوضات الجارية حاليا فى العاصمة الأمريكية واشنطن، بين مصر والسودان وإثيوبيا، على مستوى وزراء الخارجية والري فى الدول الثلاث، وبحضور ومشاركة وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولى." ويضيف بركات: "بل العكس هو القائم، حيث يراودنى الكثير من الشك فى الموقف الإثيوبى، بعد أن خيبت أديس أبابا كل ظنوننا الحسنة فيها وأحبطت نوايانا الطيبة تجاهها، ومارست كل صنوف التعنّت خلال الجلسات التفاوضية الأربع الأخيرة وما سبقها أيضا من مفاوضات طوال الأعوام الماضية". ويتابع: "وفى ظل السلوكيات المتعمَّدة من الجانب الإثيوبى، ورفضه المستمر لكافة الأطروحات والمقترحات المصرية لحل الخلافات، بات واضحا سعيه الدائم للمراوغة وإضاعة الوقت، حتى يتم الانتهاء من بناء السد، تمهيدا لفرض الأمر الواقع على بقية الأطراف وخاصة مصر". وفي السياق ذاته، يقول عماد الدين حسين في جريدة الشروق المصرية: "الملفت أنه كلما طالبت مصر بالاتفاق على خطوات فعّالة للتعامل مع سنوات الجفاف، تلوّح إثيوبيا باستعدادها لملء السد بشكل أحادي، وهو ما يخالف القانون الدولي وإعلان المبادئ فى 2015" ويضيف حسين: "الخطير أن إثيوبيا تصدّر صورة مغلوطة جدا لمواطنيها وللرأي العام مفادها أن مصر تحاول الاستئثار بمياه النيل!" ويأمل الكاتب "أن تتمكن الولايات المتحدة من إقناع إثيوبيا، بأن التعنّت وعدم الوصول إلى اتفاق لن يكون فى صالحها، أو فى صالح المنطقة بأكملها والاستقرار فيها، ونأمل أن يكون الموقف الأمريكى موضوعيا ومتفهما وليس تكريسا لوضع، يحاول أن يفرض على مصر شراء ما تحتاج إليه من مياه من إثيوبيا، كما يروّج البعض". وأخيرا يرى حسين أن "الدرس المستفاد من هذه المباحثات هو وجوب إظهار العين الحمرا لإثيوبيا من الآن فصاعدا، حتى تصل لها رسالة حاسمة أن مصر لن تتنازل عن حقوقها المائية"."المنطقة ليست في حاجة للمزيد من الأزمات"مصدر الصورةGetty Images أما جلال عارف فيقول في جريدة البيان الإماراتية: "وفي أزمة سد النهضة.. لم تطلب مصر إلا احترام حقوقها والالتزام بالمواثيق وقواعد القانون الدولي، اعترفت بحق الجميع في التنمية، وفتحت الأبواب أمام تعاون يصبّ في مصلحة كل شركاء التاريخ والمصير على نهر النيل. أصرّت على التفاوض -وما زالت- سبيلاً للوصول إلى تفاهمات تحقق مصالح كل الأطراف. طالبت -منذ البداية- بوجود أطراف دولية مستقلة في المفاوضات لتكون قواعد القانون الدولي هي الحاكمة، ولتنهي لعبة إضاعة الوقت أو محاولات فرض الأمر الواقع التي لا يمكن أن تجدي في قضايا تمسّ حياة الشعوب. فلنأمل أن تنتصر الحكمة، فالمنطقة ليست في حاجة للمزيد من الأزمات."!! وفي جريدة الرأي اليوم اللندنية يرى عبدالباري عطوان العديد من أوجه التشابه بين استراتيحية إثيوبيا في التعامل مع هذه الملف واستراتيجية إسرائيل في التفاوض مع الفلسطينيين. ويقول عطوان إن "استراتيجيّة رئيس وزراء إثيوبيا الثّعلب الدّاهية آبي أحمد، هي إطالة أمد المفاوضات إلى أقصى قدر ممكن، وحتى يكتمل بناء سد النهضة في عام 2023، ودون تقديم أيّ تنازلات عن مواقفه المتصلبة لمصر تحديدًا، وبما يمكّنه من فرض أمر الواقع تحت عنوان السيادة". ويضيف عطوان: "هذه الاستراتيجية تذكرنا بنظريتها التي اتبعتها دولة الاحتلال الإسرائيلي في مفاوضات أوسلو مع الفلسطينيين التي امتدت لحوالي 25 عاما، واستولت خلالها الدولة العبرية على معظم الضفة الغربية ومياهها، وأرضها وتجارتها، وهي الآن بصدد ضمّها وبدعم أمريكي، وتحولت السلطة الفلسطينية إلى غيتو في رام الله تطارِدها اللعنات، وطار حلّ الدولتين في المجهول". وينصح عطوان مصر بتغيير استراتيجيتها ويقول: "مصر تحتاج إلى قرارات حاسمة، فتخلّي أمريكا عنها، وتفضيل إثيوبيا عليها، وإدارة ظهرها لأزمة سد النّهضة، والوقوف في الخندق الإسرائيلي يجب أن يدفع مصر لإلقاء كل ثقلها في المعسكر المقابل لأمريكا وإسرائيل، واستعادة دورها القيادي والريادي كأحد الخيارات، الأمر الذي سيقلب كل المعادلات في المنطقة.. فهل تفعل؟ لسنا من يملك الجواب؟"
مشاركة :