لا تترك نوال الصوفي ابدا هاتفها النقال بعد ان صار رقمها هو اول ما يتصل به عدد كبير من اللاجئين السوريين التائهين في البحر طلبا للنجدة والاغاثة.تلقت نوال اول اتصال من شخص مذعور صباح احد ايام صيف 2013. كان مئات السوريين تائهين في البحر المتوسط على مركب مهدد بالغرق بعد ان بدأت تتسرب إليه المياه. فوجئت نوال الصوفي بالاتصال لكنها عمدت فوراً إلى ابلاغ خفر السواحل الايطاليين الذين شرحوا لها كيف يمكنها مساعدة المهاجرين على معرفة احداثيات موقعهم باستخدام نظام جي.بي.اس في هاتف متصل بالاقمار الصناعية، لتوجيه فرق الاغاثة للعثور عليهم. بعد ساعات صمت طويلة، تنفست أخيراً الصعداء. كانوا جميعا سالمين. ومنذ ذلك الحين، تكرر هذا السيناريو مئات المرات. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قالت هذه الشابة يمكن أن أتلقى اتصالا في أي وقت. المهاجرون في البحر يصرخون: نحن 500 في المركب، نفدت المياه، نحن في البحر منذ 10 أيام.... كان القدر المميز لهذه الشابة موضوع كتاب بعنوان نوال، ملاك اللاجئين صدر الأسبوع الماضي في ايطاليا. اضطرت نوال الصوفي في إحدى ليالي مايو/أيار الحالي إلى بذل جهود استمرت خمس ساعات لتهدئة محدثها والحصول على إحداثيات موقع المركب عبر نظام جي.بي.اس. وهي المعلومة الوحيدة المهمة التي مكنت اخيرا من انقاذ 345 مهاجراً ثلثهم من الاطفال. وقالت نظام إيواء اللاجئين ضعيف في ايطاليا، لكن لديها واحدة من افضل أنظمة الاغاثة في أوروبا. ولدت نوال الصوفي في المغرب ووصلت إلى كاتانيا ع11 ى سفح جبل اتنا عندما كانت في الاسبوع الثالث من العمر. اهتمت بالثورة السورية ابتداء من ربيع 2011، وامضت ليالي طويلة على شبكات التواصل الاجتماعي مع ناشطين يعارضون النظام السوري برئاسة بشار الاسد. وفي مارس 2013، رافقت سيارة إسعاف تحمل أدوية إلى حلب، ووزعت رقم هاتفها على المشاركين في كل لقاء عقدته. وبات هذا الرقم يتنقل بين الراغبين في المغادرة، وحتى لو ان نوال وضعت رقم خفر السواحل في مكان بارز على صفحتها في فيسبوك، فان هاتفها لا يتوقف عن الرنين. وعلى هذه الصفحة باللغة العربية، تنشر باستمرار التسجيلات الصوتية لمحادثاتها، وتتلقى غالباً تعليقات تعبر عن الأسى، لأن من يتصلون بها لا يصلون دائماً إلى ايطاليا. وقالت اشعر بفراغ، لدى حصول كل مأساة، فراغ لا معنى له. كيف لا يزال يمكن التفكير في 2015 أن الحل يكمن في ترحيل الناس على مثل هذه السفن. مساء 20 ابريل/نيسان، كانت على رصيف كاتانيا وسط عشرات الصحفيين الذين توافدوا لنقل وقائع وصول 28 شخصاً نجوا من حادثة غرق اسفرت عن مصرع نحو 800 شخص قبل يومين. وطلبت بعصبية آنذاك ارقاماً على هاتفها القديم الذي تفضله على سواه بسبب حياة بطاريته المديدة. لم يكن لديها الوقت لكي تحزن، فقد تلقت اتصالا آخر لطلب المساعدة. وعندما لا ترد على الهاتف، تتابع نوال الصوفي في كاتانيا دروسا في العلوم السياسية وتعمل في الوقت نفسه بدوام جزئي مترجمة في محاكم صقلية. وتمضي ايضا وقتا طويلا في محطة قطار كاتانيا حيث يسعى عدد من المهاجرين الذين وصلوا حديثا إلى متابعة رحلتهم إلى شمال اوروبا، على رغم القوانين الأوروبية. وقالت عملي هو عرقلة عمل المهربين عبر الحدود البرية وان اشرح للاجئين بأنهم يستطيعون تبديل دولاراتهم في المصرف او ركوب القطار إلى ميلانو من دون الاستعانة بوسطاء محتالين. تبتسم نوال عندما تسأل عن تهمة تقديم المساعدة إلى الهجرة السرية. ففي المحطة، توزع نصائحها على مسمع ومرأى من رجال الشرطة المرتاحين لقدرتها على ابعاد المحتالين الذين يحومون حول المهاجرين. (ا ف ب)
مشاركة :