ألمانيا تركز على بيتهوفن الإنسان وليس الأسطورة في الاحتفال بميلاد الموسيقار العالمي الـ250

  • 1/15/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

حصل لودفيج فان بيتهوفن على عمل مربح يدر دخلا كبيرا وهو في عمر الـ13 في مايو 1784، حيث عمل عازف أرغن ثان في بلاط أمير مستشارية مدينة بون الألمانية، بعد ذلك بـ8 سنوات أرسل الشاب اليافع للدراسة في فيينا، تحولت هذه السفرية إلى إقامة دائمة، فيما أصبح بيتهوفن (1770 - 1827) أشهر مؤلف موسيقي في العالم. وبمناسبة الاحتفال بمرور 250 عاما على ميلاده، قررت المدينة التي شهدت مسقط رأسه تخصيص معرض له. وقد قرر متحف الفنون والمعارض (Bundeskunsthalle) بهذه المناسبة عدم التركيز على الجانب الأسطوري من شخصية بيتهوفن. تقول منظمتا المعرض جوليا رونج وانيزكا لولينشكا، "بيتهوفن الإنسان كانت لديه مشاعره الخاصة واحتياجاته، عيوبه ونقاط ضعفه، بالإضافة إلى الكثير من الجوانب المحببة في شخصيته". يشار إلى أن المعرض الذي سيقام تحت عنوان "بيتهوفن: عالم الإنسان والموسيقى" أو (Beethoven - Welt.Bürger.Musik)، ستكون زيارته متاحة للجمهور اعتبارا من 26 أبريل 2020، وتعد هذه الفعالية افتتاحية عام بيتهوفن، والذي سيستمر حتى 17 ديسمبر (تاريخ مرور 250 عاما على ميلاد المؤلف الموسيقي الشهير). وسيكون بوسع الزائرين أن يشاهدوا ضمن المعروضات مخطوطات ثمينة باهظة الثمن، استعيرت من جميع أنحاء متاحف أوروبا لكي تعرض في إضاءة خافتة، وأبرزها نوتات "نشيد السعادة"، إحدى مقطوعات السيمفونية التاسعة، فضلا عن مخطوطة الناسخ للسيمفونية الثالثة "البطولية" أو (Heroica)، ومع ذلك فإن كثيرا من المعروضات لم يضطر المنظمون للذهاب بعيدا للحصول عليها، نظرا لأن متحف منزل بيتهوفن يضم أكبر مجموعة مقتنيات في العالم عن المؤلف الموسيقي الشهير، ويقع على مقربة من مقر متحف الفنون والمعارض. ترسم المقتنيات التي تضم لوحات زيتية وتماثيل نصفية وآلات موسيقية ومخطوطات كتبت برسم يده ذات الشخصية الحيوية المتميزة، لوحة للموسيقي العبقري الذي يعد من القلائل الذين احتفت بهم أوروبا في حياتهم. وليس من المقرر أن تضم المعروضات هذه المرة أعمالا تتناول العلاقات العاطفية للفنان الذي عاش أعزبا طيلة عمره. يعيد المعرض تقديم نمط حياته اليومي المنتظم، ووثائق ومستندات عن أصدقائه، وإهداءات أعماله، أرباحه ومصروفاته، وعدد من الأطباء الذين أشرفوا على علاجه، بالإضافة إلى الأمراض التي أصيب بها، ومأساة إصابته بالصمم، والتي ألمت به قبل إتمامه العقد الثالث من عمره. وصف الأطباء المعالجون للموسيقي المريض زيتا نقاطا للأذن من زيت اللوز أو الفجل الحار. كما كان يعاني من ارتجاع في الأمعاء. قال بيتهوفن ذات مرة "أنا مريض ... معظم الوقت". يخلص الزائر من التعرف على كل هذه المعلومات التي تركز بشكل كبير على الجانب الإنساني من شخصية بيتهوفن وتفاصيل كثيرة من مراحل حياته، لماذا حقق المؤلف الموسيقي الألماني كل هذه الشهرة العالمية؟ ولماذا ما تزال موسيقاه تسمع حتى الآن في كل مكان؟. كما سيتاح للزوار التعرف على أفكاره ومدوناته حول عمله الأوبرالي الوحيد "فيدليو"، وذلك من خلال إعادة بناء آلة (فورتبيانو) وهي آلة موسيقية قديمة تجمع بين خصائص الكلافيكورد والبيانو، ستوضع بمنتصف المعرض لإعادة تقديم موسيقى العصر نفسه بالخصائص نفسها خلال الحفلات التي ستنظم طوال فترة المعرض. يذكر أن أعمال بيتهوفن حظيت خلال حياته برعاة. وعلى الرغم من أفكاره الجمهورية، إلا أنه سعى للتقرب من طبقة النبلاء، لكي يضمن مع هذه الطبقة بقاء خزائنه ممتلئة، وهو أمر كان يحتاجه بصورة عاجلة بحكم وضعه كفنان مستقل. ومع ذلك لم يكن يتورع عن التعبير عن رأيه علنا مهما كانت حدته "أنت أمير، وهذا حدث بالصدفة وبالميلاد فصرت ما أنت عليه، أما ما أنا فيه وما صرت عليه فقد وصلت إليه أنا بنفسي"، كانت هذه الكلمات هي ما قذف به بسخط في وجه راعيه كارل فون ليتشنوفسكي. كان بيتهوفن يحصل من ثلاثة رعاة آخرين على مخصصات مالية شهرية، مقابل شرط وحيد هو أن يبقى المؤلف الموسيقي الشهير في فيينا. اعتنق بيتهوفن فكرا سياسيا أكثر حداثة، وبالتالي كان يعتمد على أشخاص محل ثقة يستطيع تبادل وجهات النظر معهم، في العاصمة النمساوية نفسها التي كانت تتسم في ذلك الوقت بالطابع المحافظ. تعد من أثمن مقتنيات المعرض، رسالة قصيرة تعرض للمرة الأولى، موجهة لأحد أصدقائه، الدبلوماسي هاينرش فون شتروفي، اكتشفت الرسالة في 2012، وتحمل طابعا سياسيا، ويبدو من قصرها وصغر حجمها بأنها كانت رسالة سرية. وإلى جانب الفن كان بيتهوفن يتمتع بخبرة كبيرة في مجال الأعمال، فقد كان بوسعه تحديد أجره والترويج لأعماله بنفسه وقبض مقدمات عن مقطوعات موسيقية تأخر كثيرا في إنجازها لمن طلبوها، على العكس من ذلك، كان شديد التردد ويكاد يكون فاقد الثقة في الخدم، مثلما يتضح من تدويناته في مفكرات يومياته بشأن الحسابات وأسعار المشتريات من لحوم وسكر وقديد. أنهى بيتهوفن تأليف أشهر أعماله الموسيقية السيمفونية التاسعة عام 1824، عندما فقد حاسة السمع تماما، وتعد اليوم رمزا للتفاهم بين الشعوب، كما اتخذت السلام الوطني للاتحاد الأوروبي، ومع ذلك لم يكن بيتهوفن محل تقدير من جانب معاصريه، قال عنه عازف الفيولين لويس شبوهر منتقدا "يفتقر بيتهوفن للتربية الجمالية ولأي حس بالجمال". قبل وفاته بوقت قصير شرع بيتهوفن في كتابة سيمفونيته العاشرة، ولكن لا يوجد الآن سوى بضعة نوتات منها، بفضل الذكاء الاصطناعي سيكون استكمالها ممكنا هذا العام بمناسبة الاحتفال بعيد ميلاده. يوضح ديرك كيفطان، رئيس أوركسترا بيتهوفن، "نحن الموسيقيون نشعر بالتردد إلى حد ما حيال ذلك"، مشيرا إلى أنه على أي حال أنهم كفنانين ينبغي ألا يتبنوا مواقف جامدة في مواجهة التطور، وأضاف "نحن بصدد مجال مجهول تماما بالنسبة لنا، ومع ذلك فإن الفرقة سوف تؤدي العشرين دقيقة من المقطوعة غير المكتملة في 28 أبريل المقبل.

مشاركة :