ماكرون يلتمس دعما أميركيا أوسع لمكافحة الإرهاب في الساحل الأفريقي

  • 1/15/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بعد فشله في إقناع دونالد ترامب بالالتزام باتفاق باريس للمناخ، وعدم التخلي عن الصفقة النووية الإيرانية، يحاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذه الأيام إقناع نظيره الأميركي بعدم التراجع عن وجود القوات الأميركية في أفريقيا. وقال ماكرون، في مؤتمر صحافي عقب قمة في بو بجنوب غرب فرنسا مع رؤساء الدول الأفريقية الخمس التي تشكل منطقة الساحل وهي بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر، إنه “إذا قرّرت الولايات المتحدة الانسحاب من أفريقيا، فسيكون ذلك خبراً سيئاً لنا”. وأضاف في محاولة للضغط على نظيره الأميركي “أود أن أكون قادرًا على إقناع الرئيس ترامب بأن الحرب ضد الإرهاب التي التزم بها التزاما راسخا هي في هذه المنطقة أيضا”. وجاءت تصريحات ماكرون بعد أن أشار كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين إلى أن واشنطن تفكر في خفض وجودها العسكري في أفريقيا. وقال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارك ميلي لدى وصوله إلى مقر الناتو ببروكسل، “إن الحضور الأميركي يمكن تقليصه هناك ونقله لزيادة موارد الدفاع في الولايات المتحدة أو نقله إلى المحيط الهادي”. ويستنتج المراقبون أن ماكرون يشعر بالحرج بعد فشله في محاولات سابقة في إقناع ترامب بتغيير موقفه من سلسلة من الملفات. ويلفت هؤلاء إلى أن ترامب لم يتراجع عن قراراته المتعلقة بالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ والصفقة النووية مع إيران على الرغم من محاولات سيد الإليزيه الضغط على الرئيس الأميركي. ويضاف إلى ذلك أن انتقادات فرنسا لقرار ترامب بسحب القوات الأميركية من سوريا لم يبدل كثيرا من موقف واشنطن التي تكتفي حاليا بقوة عسكرية أميركية محدودة شرق سوريا. وترى مصادر دبلوماسية أن الغرض من الاجتماع في بو، هو التأكيد على الحاجة الملحة لمواجهة الأخطار المتزايدة في منطقة الساحل الأفريقي. ويقود الجيش الفرنسي منذ فترة طويلة الجهود الغربية لمكافحة الإرهاب، ومع ذلك فإن الوضع لم يستقر هناك وسط انتعاش لحركة الجماعات الإرهابية. وفي أحد الأمثلة على تصاعد العنف، أدى هجوم شنه الأسبوع الماضي مسلحون جهاديون في النيجر إلى مقتل 89 جنديًا. وقد تم نشر حوالي 4500 جندي فرنسي في المنطقة منذ عام 2014، عندما طلبت مالي المساعدة. فيما أعلن ماكرون، مساء الاثنين، أنه سينشر 220 جنديًا إضافيًا في المنطقة. وقالت مصادر سياسية فرنسية إنه على الرغم من أن الالتزام العسكري الأميركي تجاه المنطقة صغير نسبيًا، إلا أن المساهمة العسكرية الأميركية ما تزال مطلوبة وضرورية بالنظر إلى الوضع الميداني الذي ما زال مضطربا في المنطقة. ولدى الولايات المتحدة في المنطقة 7000 من القوات الخاصة بالتناوب، إضافة إلى 2000 جندي يشاركون في مهام التدريب. كما أن لديها قاعدة رئيسية للطائرات دون طيار في النيجر توفر قدرات استخباراتية مهمة. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن ماكرون يعتبر أن فرنسا تقدم الكثير من أجل المنطقة، مذكرا بأن “الأفريكوم” (قيادة الولايات المتحدة في أفريقيا) لا تمثل مواردها العسكرية إلا 1 بالمئة من موارد الولايات المتحدة العسكرية في الخارج. بينما لم يتخذ المسؤولون الأميركيون قرارًا نهائيًا بشأن نشر القوات في أفريقيا، اختار ماكرون الاثنين، تسليط الضوء على تغريدة مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، والتي نُشرت أثناء القمة في بو، معربًا عن دعمه القوي للجهود المبذولة في منطقة الساحل. وكان ماكرون قد دعا إلى عقد قمة هذا الأسبوع في نهاية اجتماع للناتو الشهر الماضي في لندن، بعد مقتل 13 جنديًا فرنسيًا في مالي، وبعد أن أدلى بعض المسؤولين في مالي وبوركينا فاسو بتصريحات ضد وجود بلاده في المنطقة. وكانت الولايات المتحدة غائبة بشكل ملحوظ عن مواكبة هذا الاجتماع، والذي تخللته فعاليات عمل موسعة حضرها رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل، ورئيس السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي. ونقل عن مصادر في الاتحاد الأوروبي أن ميشيل كان يخطط لاقتراح اجتماع قمة خاص به مع زعماء مجموعة الخمس وجميع رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي الـ27 على أن يعقد قبل قمة المجلس الأوروبي العادية القادمة في بروكسل في أواخر مارس. وكان الاتحاد الأوروبي قد أرسل بعثة تدريب إلى مالي في 2013 لتعزيز القوات المسلحة في هذا البلد. وتشمل البعثة حوالي 600 جندي من 25 دولة أوروبية. ويقول خبراء إن ماكرون قد نجح في الرهان على الاجتماع الذي دعا إليه في بو. فقد أراد ماكرون أن ينال من زعماء المنطقة تغطية سياسية كاملة للوجود العسكري الفرنسي هناك بعد أن تكاثرت الانتقادات المحلية ضد هذا الوجود. وقد لمّح ماكرون قبل عقد هذا الاجتماع بأنه يفكر في سحب القوات الفرنسية من منطقة الساحل. وقد التقى الرئيس الفرنسي الزعماء الأفارقة الخمسة، وصدر في نهاية اجتماعهم بيان عن كرّروا فيه “تصميمهم المشترك على محاربة الجماعات الإرهابية”. كما أعرب القادة الأفارقة الخمسة عن “رغبتهم في استمرار التدخل العسكري الفرنسي في الساحل، ودعوا إلى تعزيز الوجود الدولي إلى جانبهم”. وخلال المؤتمر الصحافي الختامي لهذه القمة، سعى ماكرون إلى نفي ما ساقته بعض مواقع التواصل الاجتماعي من أن القوات الفرنسية قد تم نشرها في المنطقة لتأمين مناجم اليورانيوم فقط، ملمحًا إلى أن روسيا أو الصين ربما تكونان وراء هذه الشائعات.

مشاركة :