أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جملة من التهديدات ضدّ المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي، في إطار تعليقه على رفض الأخير التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في موسكو مع حكومة الوفاق المدعومة من تركيا، لاشتراطه خروج القوات التركية ونزع سلاح الميليشيات والمتطرفين. وتوعد الرئيس التركي بمزيد التدخل في الشان الليبي في صورة مواصلة الجيش الليبي معركة تحرير طرابلس من الميليشيات المسلحة. وتعكس تهديدات أردوغان خيبة أمل أنقرة من إمكانية توقيع اتفاق وقف إطلاق النار لربح مزيد من الوقت ولقطع الطريق على نجاحات الجيش الليبي التي حققها على أكثر من محور في معركة تحرير طرابلس. وينذر تهديد أردوغان بتصعيد النزاع الدائر في هذا البلد، وسط تحذيرات دولية من عواقب التدخل العسكري التركي في ليبيا. وكان حفتر غادر موسكو دون أن يوقع اتفاقا لوقف إطلاق النار قبل به خصمه فايز السراج رئيس حكومة الوفاق، فيما أكد اردوغان أنه سيواصل مشاركته في مؤتمر السلام في ليبيا المقرر عقده الأحد في برلين. وقال الرئيس التركي "سنناقش هذه القضية الأحد في مؤتمر برلين الذي ستشارك فيه إلى جانب تركيا، المانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا وايطاليا ومصر والجزائر والإمارات العربية المتحدة". وأشار الرئيس التركي في الكلمة التي ألقاها أمام كتلة حزبه النيابية في البرلمان، إلى أنّ حكومة طرابلس المعترف بها دوليا، تبنت موقفا بناء وتصالحيا في محادثات موسكو. ويحذر المراقبون من تحول ليبيا وتحديدا العاصمة طرابلس والمناطق القريبة منها إلى بؤر للمجموعات المتطرفة ما من شأنه أن يعمق الفوضى العاصفة بالبلاد منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي. ويستغل أردوغان الاتفاق مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج لإضفاء الشرعية على تدخله في ليبيا، حيث تقول السلطات التركية إنّها تتحرك استناداً إلى طلب دعم تلقته من حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، متجاهلا اعتراف العالم أيضا بمجلس النواب كجهة شرعية أيضا كما أن اتفاق الصخيرات الذي انبثقت عنه حكومة السراج ينص على ضرورة مصادقة البرلمان على الاتفاقيات. وتسعى أنقرة الى تعزيز نفوذها السياسي في ليبيا من خلال حكومة السراج. ومن شأن مشاركة قوات تركية في المعارك تصعيد النزاعات التي تعانيها هذه الدولة منذ سقوط نظام معمّر القذافي في 2011. ويندرج الدعم التركي لحكومة السراج ايضا في سياق سعي أنقرة لتعزيز نفوذها في شرق المتوسط حيث يدور سباق للتنقيب عن موارد الطاقة واستغلالها وسط تسجيل اكتشافات ضخمة في السنوات الأخيرة. وكان البرلمان التركي وافق على إرسال قوات تركية إلى ليبيا في وقت سابق. ويرى مراقبون أن التصدي لأطماع أردوغان في ليبيا يبدأ بسحب الشرعية الدولية عن حكومة الوفاق ومجلسها الرئاسي اللذين تحولا إلى واجهة سياسية لخدمة تيار الإسلام السياسي لاسيما بعد انسحاب أغلب أعضاء المجلس احتجاجا على هيمنة الإسلاميين على القرار. غير أن أردوغان يحاول إخفاء طموحاته التوسعية وأطماعه الاستعمارية التي باتت مكشوفة للعلن، زاعما على أنّ بلاده لا تسعى للمغامرة في سوريا وليبيا والبحر المتوسط، مبررا بأنه "ليست لدينا طموحات إمبريالية على الإطلاق.. عيوننا ليست معصوبة من جشع النفط والمال، هدفنا الوحيد هو حماية حقوقنا وضمان مستقبلنا ومستقبل أشقائنا". وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف صرّح في وقت سابق الثلاثاء بأن محادثات موسكو "لم تصل إلى نتيجة نهائية"، ولكنه قال إن روسيا وتركيا تعتزمان مواصلة المساعي في هذا الاتجاه. من جهتها، تسعى ألمانيا إلى جمع الدول المعنية بالشأن الليبي، في مؤتمر بالعاصمة برلين في 19 يناير الجاري، في محاولة للتوصل إلى حل سياسي للنزاع. ووجهت برلين دعوات إلى 11 دولة للمشاركة في المؤتمر، وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وتركيا وإيطاليا ومصر والإمارات والجزائر.
مشاركة :