رأت صحيفة (فاينانشيال تايمز) البريطانية، أن النظام الحاكم في إيران أصبح مُحاصرا بين تزايد السخط الشعبي تجاهه من جهة وبين العقوبات الأمريكية المفروضة عليه من جهة أخرى.وذكرت الصحيفة - في تقرير لها نشرته على موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء - أن غضب الشعب الإيراني تحول بين عشية وضحاها من الولايات المتحدة إلى قادة البلاد، فقبل أسبوع واحد أعلن الملايين من الإيرانيين الحداد على قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الذي قُتل بغارة جوية أمريكية لطائرة بدون طيار أثناء تواجده بالعراق وهو ما وحد الإيرانيين خلف قيادتهم. وأضافت : "أنه وفي الأيام الأخيرة وبعد اعتراف طهران بأن صواريخها أسقطت بطريق الخطأ طائرة ركاب أوكرانية وقتلت 176 شخصا كانوا على متنها من بينهم 82 إيرانيًا، خرجت الحشود إلى الشوارع تنديدا بتستر النظام لإخفاء المسئول عن هذا الحادث، وهو ما أظهر حقيقة أن النظام المتشدد في طهران أصبح محاصراً بين شعبه وواشنطن في وقت واحد".وأوضحت أن الاحتجاجات الأخيرة المناهضة للحكومة كانت أقل من تلك التي اندلعت منذ شهرين عندما قرر النظام خفض دعم الوقود، كما شهدت عطلة نهاية الأسبوع احتجاجات مؤيدة للنظام خارج السفارة البريطانية في أعقاب حضور سفير المملكة المتحدة وقفة احتجاجية تأبيناً لضحايا تحطم الطائرة، حتى هدد القضاء الإيراني يوم أمس الثلاثاء بطرد السفير.وأشارت (فاينانشيال تايمز) إلى أن شعارات المتظاهرين بشأن الطائرة الأوكرانية، كانت استفزازية للغاية، حيث إنهم لم يكتفوا باستهداف المرشد الأعلى علي خامنئي فحسب بل استهدفوا أيضا الحرس الثوري الذي نادراً ما يُستهدف في شعارات المتظاهرين.. فيما شارك في المسيرات مجموعات كبيرة من بينهم طلاب الجامعات الذين يُشكلون مصدر قلق شديد بالنسبة للنظام.وأكدت الصحيفة أن موجة الاستياء والغضب العام داخل الشارع الإيراني لها دوافعها وأسبابها ، ففي نوفمبر الماضي اتخذت الاحتجاجات نبرة معادية للنظام حيث امتزجت مشاعر الغضب من المشاكل الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الأمريكية بمشاعر الاستياء من الفساد الرسمي الذي يُعتقد أنه زاد في الآونة الأخيرة غير أن السلطات تمكنت من وأد هذه الاحتجاجات عبر وقف خدمات الإنترنت وشن حملة قمع وحشية راح ضحيتها أكثر من 300 شخص، وفقاً لمنظمة العفو الدولية. وإلى جانب ذلك، تسبب مقتل أكثر من 50 شخصًا في حادث تدافع الأسبوع الماضي في جنازة سليماني في موجة غضب جديدة تزامنت مع حزن الإيرانيين على وفاة سليماني والآن أججت محاولة الحرس الثوري الإيراني تضليل الشعب على خلفية كارثة الطائرة الأوكرانية موجة الغضب الموجودة بالفعل.ورجحت (فاينانشيال تايمز) أن تتسبب الأحداث الأخيرة في إضعاف الأصوات المعتدلة مثل الرئيس حسن روحاني البطل الرئيسي في إبرام الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 ، أما بالنسبة لروحاني ، الذي يرأس أيضًا مجلس الأمن القومي الأعلى في إيران ، والذي ظل مبدئيًا بعيداً عن المشهد الخاص بمصير الطائرة، فهو يقف الآن في موقف مهين ، وقد يعتبر الإيرانيون العاديون ذلك علامة على عدم جدارته بالتعامل مع القضايا الأمنية الحاسمة.
مشاركة :