خلفت الجريمة التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي أخيرا في مدينة ذمار اليمنية –جنوب العاصمة صنعاء- غضبا عارما في الوسطين الشعبي والإعلامي باستخدامها الصحفيين عبدالله قابل ويوسف العيزري، مع مختطفين آخرين دروعاً بشرية. ويدور الجدل في الوسطين الإعلامي والسياسي اليمني حول فاشية وإرهاب جماعة الحوثي ضد مخالفيها، وارتكابها جرائم لم يشهدها المجتمع اليمني، بل ذهب البعض إلى اعتبارها تجاوزت تنظيم داعش الإرهابي في ارتكاب الفظائع والجرائم ضد الأبرياء والعزل. وعبر الصحفيون والنشطاء اليمنيون عن استنكارهم واستيائهم من هذه الجريمة التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي باستخدامها الصحفيين "قابل والعيزري" دروعاً بشرية، في مركز الرصد الزلزالي في جبل هران في ذمار، بعد أن حولته من مؤسسة مدنية إلى وكر عسكري، لتخزين السلاح. وتعمدت ميليشيات الحوثي وضع الصحفيين "قابل والعيزري" ومعتقلين آخرين من المدنيين - لا توجد إحصائية بعددهم للآن- في مخازن السلاح التابعة لها في جبل هران، وهي تعلم أنها مستهدفة من قبل قوات التحالف. وكانت ميليشيات الحوثي قد قامت باختطاف "قابل والعيزري" مع مجموعة من المدنيين الأربعاء الماضي في مدينة ذمار، أثناء تغطيتهم ملتقى قبلي لقبائل الحداء الرافضة لوجود الميليشيات في مدينة ذمار والمؤيدة للشرعية الدستورية. واستهدفت قوات التحالف مخازن السلاح التي وضعت فيها ميليشيات الحوثي المختطفين، وقامت الميليشيات بمنع أهالي المختطفين في الجبل من انتشال الجثث لأيام. وتعرفت أسرة قابل على جثمان نجلها بعد أن تم نقله إلى مستشفى ذمار العام فيما تمكنت فرق الصليب الأحمر أمس الثلاثاء من انتشال جثمان العيزري، الذي بقي منذ الخميس الفائت تحت الأنقاض. وأكد الصحفي حسين الصوفي وهو من رفاق "قابل والعيزري" ومن أبناء المحافظة أن كل الشواهد تؤكد أن الحوثيين تعمدوا تصفية الصحفيين والمدنيين المعتقلين. مشيرا إلى أن الحشود ستصطف خلف روحيّ "قابل والعيزري" وستنفجر الطلقة الأخيرة في وجه الغزاة، في إشارة إلى ميليشيات الحوثي وقوات صالح. وعلق الصوفي لـ "الاقتصادية" بالقول "إنها أقذر وأبشع مجزرة في تاريخ اليمن، هي جريمة مركبة، بل سلسلة جرائم في جريمة". واعتبر الكاتب الصحفي اليمني سامي نعمان جريمة إعدام "قابل والعيزري" وآخرين عملا إرهابيا جبانا وجريمة وحشية يندى لها جبين الإنسانية من قبل جماعة فاشية إرهابية مكتملة الأركان، مشيرا إلى أنها تتباكى على إيقاف بث قناة بإجراءات لدى الشركة المستضيفة فيما تقتحم مقار الصحف والقنوات وتنهبها وتسرق أرواح الصحفيين. وقال نعمان "لقد تم الإعدام بطريقة إرهابية بوضعهما في أماكن يحتمل تعرضها للقصف"، مشيرا إلى أنه إعدام لا يختلف عن ربط طفل بسلاسل في سكة حديد حيوية، مشيرا إلى أنها تجاوزت "داعش" في جرائمها. يوسف العيزري وتابع نعمان حديثه عن الجريمة التي شكلت صدمة للوسط الصحفي والإعلامي بالقول "هذه العصابة الفاشية إن تمكنت من أرواح ومصائر اليمنيين فإنها ستنفذ إعدامات جماعية بحق كل الذين تشك في أنهم مخالفوها أو غير قابلين بشروط الذل والعبودية التي تفرضها، كما تقوم حاليا بجرائم حرب وإعدامات جماعية بحق المدنيين في أحياء تعز وعدن وأبين وغيرها". وقال "إن العار والإرهاب الذي لحق باليمنيين في 21 سبتمبر -تاريخ انقلاب الحوثيين على السلطة- يجب أن يزول بأسبابه وآثاره قبل أن تصل لعنته الأجيال القادمة". على حد قوله. ونشر الكاتب مروان الغفوري على حسابة في "فيسبوك" رثاء للصحفي قابل "عاش عبد الله قابل خفيف الروح، وخفيف الجسد، وكان ظلّه يغطي المدينة كلّها. وسيمتد ظله في أرواحنا لعشرات السنين، ويوماً ما ستصبح حكايته قصة عظيمة، وستنصب ذمار لبطلها الصغير التماثيل". وأكد الغفوري أن فكرة اختطاف "قابل والعيزري" ووضعهما مع مختطفين آخرين في أماكن مستهدفة جاءت من الكاتب الصحفي المقرب من صالح "نبيل الصوفي"، ورئيس حزب الحق التابع للحوثيين "حسن زيد". وأضاف الغفوري "ذمار المدينة التي كانت تجري في دم عبدالله، فتعلم جيّداً أن الحوثيين عادوا إلى الموقع العسكري وذهبوا يتفحّصون ما بقي لديهم من السلاح". في ذات السياق اعتبر الصحفي مأرب الورد، جريمة استخدام الحوثيين الصحفي قابل درعاً بشرية من قبل الحوثيين مع مختطفين آخرين قضية اليمنيين وليست شأنا خاصا بأسرته ولا بقناة يمن شباب التي يراسلها ولا الحزب الذي ينتمي إليه ولا محافظته ذمار، بل كل اليمنيين من مكونات قبلية وأحزاب سياسية ومنظمات مدنية ونقابات مهنية وكل المهتمين بالدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان، مشيراً إلى أن كل هؤلاء مطالبون بتفعيل قضية استخدام المدنيين دروعا بشرية، ومن أشار لهم بهذه الفكرة. ودعا الورد إلى تصعيد القضية على كل المستويات بدءا من الجانب الإعلامي مرورا بالسياسي والقبلي وانتهاء بالحقوقي ورفع ملف القضية للمنظمات الحقوقية الدولية والأمم المتحدة ومبعوثها لليمن إسماعيل ولد الشيخ من أجل ملاحقة كل من شارك في هذه الجريمة لمنع تكرارها وإدخال الحزن إلى كل بيت. وقال الصحفي محمد الشرعبي "إن ميليشيات الحوثي وصالح لم تكتفِ بإغلاق وسائل الإعلام، وإرهاب قادة الرأي العام، بل تتورط ميليشياتها بجرائم وانتهاكات يومية قذرة تتعارض مع حق وحرية اليمنيين الرأي والاعتقاد". وأضاف "أينما حل الحوافيش، ينتهي هامش الحريات، ويصبح الصحفي/ الإعلامي هدفا للانتقام من جحافلهم الجاهلية، ولن يكون آخر ضحاياهم، عبدالله قابل ويوسف العيزري". وتوعدت قبائل الحداء في ذمار الحوثيين بالانتقام للصحفيين "عبدالله قابل ويوسف العيزري" بالانتقام لهما من الميليشيات التي استخدمتهما دروعاً بشرية. من جانبها، نعت نقابة الصحفيين اليمنيين مقتل الصحفيين عبدالله قابل ويوسف العيزري مراسلي قناة يمن شباب وسهيل في محافظة ذمار اللذين استشهدا بعد اختطافهما يوم الأربعاء الماضي من قبل جماعة الحوثي إثر تغطيتهما فعالية صحفية واقتيادهما إلى مركز الرصد الزلزالي في جبل هران الذي تعرض للقصف الجوي أكثر من مرة. وحملت نقابة الصحفيين - في بيان تلقت "الاقتصادية" نسخة منه- ميليشيات الحوثي مسؤولية قتل الصحفيين اللذين احتجزتهما في موقع يتعرض للقصف بصورة متكررة وسبق وحذرت النقابة الجماعة من خطورة تصرفها هذا. عبد الله قابل وتدين نقابة الصحفيين الجريمة التي لم يسبق لها مثيل كجريمة قتل متعمد من قبل جماعة منفلتة وغير مسؤولة. واعتبرت نقابة الصحفيين هذه الجريمة عملا إرهابيا ضد الصحفيين في اليمن معبرة عن حزنها الشديد لأن يقتل شهداؤنا بدم بارد من قبل جماعة الحوثي التي ناصبت الصحفيين العداء ومارست معهم كل أساليب الإرهاب والترويع والتحريض والمطاردة والاختطاف بهدف إخراسهم وإيقافهم عن أداء مهمتهم في خدمة الرأي العام. وأعلنت النقابة أن الحريات الصحفية في اليمن باتت تحت رحمة المسلحين ودعاة الموت والحروب.. وأن حياة الصحفيين أمست مهددة تهديدا وجوديا في اليمن منذ اجتياح العاصمة وتعاظم أكثر منذ شهرين. وتقدمت النقابة بخالص العزاء لأسرة الصحفيين والوسط الصحفي بهذه الفجيعة، سائلة المولى -عز وجل- أن يتغمدهما بواسع رحمته ويلهم أهلهما وذويهما الصبر والسلوان. ودعت جميع الزملاء والزميلات إلى تعزيز جبهتهم بالتضامن والاتحاد لمواجهة إرهاب القتلة والتصدي لكل تحديات مرحلة تفشي سرطان الميليشيات المسلحة واختطاف الدولة.
مشاركة :