تتخوف دول إقليمية ودولية، من المواقف التركية المتشددة في المشهد السياسي الليبي، وهو ما يهدد مؤتمر برلين، المزمع تنظيمه يوم الأحد المقبل، وذلك بعد التصريحات الاستفزازية لعدد من المسؤولين الأتراك، ودفع أنقرة بمسلحيها إلى العاصمة طرابلس. واستمرت التصريحات التركية الاستفزازية، حيث قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو: إن أنقرة ليست متشائمة فيما يتعلق بالملف الليبي، متهماً القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر، بعدم رغبته في تحقيق السلام في البلاد، وإنما حل عسكري وليست عملية سياسية، على حد زعمه. فيما أكد مستشار الرئيس التركي، ياسين أقطاي، أنه في حال استمرار القائد العام للجيش، المشير خليفة حفتر، على موقفه، فلن يبقى أي مجال للنقاش في مؤتمر برلين، المزمع عقده يوم الأحد المقبل، موضحاً أن أنقرة لا تنوي الانسحاب من ليبيا، ولا تعتبر وجودها احتلالاً. إلى ذلك، وصف عضو مجلس النواب الليبي، سعيد امغيب، تصريحات المسؤولين الأتراك بالاستفزازية، مشيراً إلى تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والتي ادعى خلالها أن دولة ليبيا إرث عثماني، متهماً أنقرة بإرسال إرهابيين تابعين لتنظيم داعش من سوريا إلى ليبيا. وأكد البرلماني الليبي، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن تركيا تدعم مجالس شورى درنة وبنغازي الإرهابية، وعلاج جرحى كافة التنظيمات الإرهابية في مستشفيات أنقرة، متهماً تركيا بمحاولة إحياء الإمبراطورية العثمانية، على حساب الشعوب العربية في سوريا وليبيا. من جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية الألمانية، راينر برويل، أمس: إن بلاده تأمل أن تجعل كل اللاعبين الدوليين يستخدمون نفوذهم للدفع من أجل إحراز تقدم في محادثات السلام الليبية، واضعاً طموحات لمؤتمر سلام تستضيفه برلين يوم الأحد، وأضاف المتحدث أن الهدف «أوسع» من مؤتمر موسكو الذي كان يهدف إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وتتوقع وزارة الخارجية الألمانية، عقد مؤتمر في برلين لاعتماد وثيقة بشأن ليبيا، تسمح بوقف القتال وبدء العملية السياسية. وأعلنت ألمانيا الدول المشاركة في المؤتمر الذي دعت له في برلين، حول ليبيا، المقرر عقده يوم الأحد المقبل، مشيرةً إلى أنها وجهت دعوة لكل من رئيس حكومة الوفاق فائز السراج، وقائد الجيش المشير خليفة حفتر. وبحسب الحكومة الألمانية، ستشارك الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين وتركيا والكونغو وإيطاليا ومصر والجزائر والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية. ومن جانبه، أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا، غسان سلامة، عن أمله في تحقيق «حد أدنى من التوافق الدولي» خلال مؤتمر برلين، وقال المبعوث الأممي: «لا مؤشر إلى نشر قوات تركية عادية، لكن يمكن أن يكون هناك خبراء عسكريون أتراك»، مضيفاً: «وبالتأكيد أرسلت عناصر من المعارضة السورية إلى ليبيا». كما ندد الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، بتدخل تركيا عسكرياً في النزاع الليبي، محذراً من تحول ليبيا إلى سوريا أخرى، وقال بوريل، خلال نقاش في البرلمان الأوروبى في ستراسبورج: إن «الأمور في ليبيا تفلت من أيدينا»، مشدداً: «لا حل عسكرياً للنزاع، وعلى الرغم من أننا رددنا هذا الشعار خلال الحرب في سوريا، لكننا شهدنا حلاً عسكرياً، كما أن هناك خطراً بأن يتكرر الوضع نفسه في ليبيا». واعتبر بوريل أن «تركيا غيرت التوازن في الحوض الشرقي للبحر المتوسط»، محذراً من «أنه لا يمكن قبول تكرار الوضع في ليبيا»، متهماً أنقرة بـ«الانخراط عسكرياً» في ليبيا، وذلك بإرسالها أسلحة ومرتزقة، لافتاً إلى أن هناك المزيد من الأسلحة والمرتزقة. فيما أعرب المتحدث باسم الأمين العام، عن أمله في أن يظهر المؤتمر حجم الدعم الدولي لاستئناف الحوار داخل ليبيا، ودعم مؤتمر برلين الدولي، للتوصل إلى «ليبيا ذات سيادة»، ودعم جهود المصالحة داخل ليبيا. وقال: إن مبادرة برلين تتكون من ثلاث خطوات حددها غسان سلامة، المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا، مضيفاً: «يحتاج المؤتمر إلى أن يبرهن على الوحدة الدولية، ودعم استئناف العملية السياسية داخل ليبيا، وإنهاء التدخل الخارجي، وإلى أن يقود إلى الاحترام الكامل لقرار الأمم المتحدة القاضي بحظر الأسلحة». وتأتي تصريحات المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، بعد جهود دبلوماسية في موسكو لإقناع طرفي الصراع بالتوقف عن إطلاق النار، انتهت بمغادرة القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، دون التوقيع على وقف إطلاق النار، في حين وقعت عليها حكومة فايز السرّاج. وردّاً على أسئلة تتعلق بعدم توقيع حفتر على وقف إطلاق النار في موسكو، أشار المتحدث باسم الأمين العام، إلى أن الأمم المتحدة ستواصل الحث على وقف إطلاق النار، وقال: «لا يمكننا تحمّل الاستسلام، وعلينا مواصلة محاولة المضي قدماً، مهما كانت العراقيل في طريقنا». وفي طرابلس، لا تزال الاشتباكات المتفرقة مستمرة بين قوات الجيش الليبي والميليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق، في عدد من محاور القتال في العاصمة.
مشاركة :