طلب مصرف لبنان المركزي من المصارف إعادة دراسة تحويلات أموال إلى الخارج من سياسيين وموظفين حكوميين في الفترة بين 17 تشرين الأول (أكتوبر) و31 كانون الأول (ديسمبر)، عندما اندلعت احتجاجات مناهضة للحكومة دفعت المصارف إلى فرض قيود غير رسمية على رؤوس الأموال، أوقفت التحويلات إلى خارج لبنان. ووفقا لـ"رويترز"، يطلب التعميم الموقع في التاسع من الشهر الجاري والصادر عن هيئة مكافحة تبييض الأموال من البنوك أيضا تحديد مصدر الأموال المودعة في حسابات في الخارج وإبلاغ هيئة التحقيق الخاصة بأي نشاط مشبوه تتعلق بمثل هذه الحسابات. ويطلب التعميم ردا من المصارف قبل 31 نهاية الشهر الجاري، وطلب تعميم منفصل صدر منذ يومين عن لجنة الرقابة على المصارف في لبنان من البنوك تقديم تواريخ وأحجام التحويلات إلى سويسرا منذ يوم 17 تشرين الأول (أكتوبر)، دون طلب أسماء العملاء الذين قاموا بالتحويلات، ويتعين على البنوك تقديم المعلومات خلال أسبوع. ويعاني لبنان أزمة اقتصادية تختمر منذ فترة طويلة وتفاقمت العام الماضي في ظل تباطؤ تدفقات العملة الصعبة، ما أدى إلى نقص في الدولارات اللازمة لتمويل عجز المالية العامة واحتياجات الواردات. وسعيا إلى منع نزوح رؤوس الأموال، تفرض البنوك قيودا مشددة على الحصول على السيولة والتحويلات إلى الخارج منذ أن تسارعت الأزمة في تشرين الأول (أكتوبر) مع بداية الاحتجاجات، وغذى الغضب من البنوك احتجاجات عنيفة في بيروت الثلاثاء الماضي جرى خلالها تخريب عدد من البنوك. ومنذ أيلول (سبتمبر)، ومع تفاقم أزمة السيولة في الدولة، تفرض المصارف قيودا على العمليات النقدية وسحب الأموال. وحاليا، بالكاد يتمكن زبائن غالبية المصارف من سحب مبالغ محدودة لا يصل سقفها إلى ألف دولار شهريا، وكانت قبل مدة قصيرة فرضت قيودا أيضا على سحب الليرة اللبنانية. وإضافة إلى الحد من سحب الأموال داخليا، تمنع المصارف التحويلات إلى الخارج. ولا يمكن للبناني المقيم في الخارج ويملك حسابات مصرفية في دولته الأم سوى الاستفادة من مبالغ مالية محدودة. من جهة أخرى، أفاد مصدر مطلع أمس أن وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية طلب من حاكم مصرف لبنان المركزي وقف عملية مبادلة مقترحة لسندات دولية مستحقة في 2020 بعدما حذرت وكالات تصنيف ائتماني من أنها قد تنطوي على تخلف اختياري عن السداد. ويحوز لبنان، أحد أكثر الدول المثقلة بعبء الدين في العالم، سندات دولية قيمتها 2.5 مليار دولار مستحقة السداد هذا العام منها سندات بقيمة 1.2 مليار دولار مستحقة السداد في آذار (مارس). لكن في ظل أزمة مالية وسياسية شديدة، تنفد خيارات لبنان لتجنب التخلف عن السداد، وهناك عدد من السبل المحتملة لحدوث ذلك. واقترح لبنان أن يطلب من البنوك المحلية وغيرها من المستثمرين الذين يحوزون مجموعة من السندات الحكومية مستحقة السداد هذا العام مبادلتها بسندات ذات آجال أطول لمنحه مجالا أوسع للتحرك. ونظرا إلى أن ذلك يغير العقد الأساسي للسندات، حذرت وكالات التصنيف الائتماني لبنان على ما يبدو من أن ذلك قد ينطوي على ما يعرف بتخلف "اختياري" أو "محدود" عن السداد. ويختلف التخلف الاختياري أو المحدود عن التخلف بمعناه الأشمل، حيث يعكس حقيقة أن بعض السندات أو الالتزامات ربما لا يزال سيسدد. وعلى الرغم من المغزى الرمزي لوسم من وكالة ائتمان بالتخلف عن السداد، فإن هذا قد لا يسفر بالضرورة عن إقبال على تنفيذ عقود مبادلة مخاطر الائتمان التي ربما اشتراها المستثمرون أو المتعاملون كنوع من التأمين للحيازات، إذ بدلا من هذا يعتمد ذلك على لجنة مؤلفة عادة من بنوك ومستثمرين وغيرهم من المتخصصين في أسواق مبادلة مخاطر الائتمان. وتشكل هذه اللجنة عادة تحت مظلة الجمعية الدولية للمبادلات والمشتقات التي تتخذ من نيويورك مقرا. كما أن أحد احتمالات دعم الأوضاع المالية للبنان يتمثل في السيطرة على شريحة من الودائع الخاصة بالأفراد والشركات المحتفظ بها في البنوك اللبنانية. واستخدم هذا الإجراء المثير للجدل في قبرص في ذروة أزمة ديون منطقة اليورو، ويعتقد جيمس مكورماك رئيس فريق التصنيف السيادي في وكالة "فيتش" أن هذه الخطوة لا ينتج عنها في الواقع تخلف عن السداد، نظرا إلى أن تعريف التخلف عن السداد يتركز بدرجة أكبر على عدم سداد الديون.
مشاركة :