سرعت أطراف التكتل الداعم للمقاربة السياسية للأزمة الليبية، من وتيرة الاتصالات الدبلوماسية عشية الذهاب إلى قمة برلين، حيث شكل الوضع في ليبيا أهم محور في أجندة رئيس الوزراء الإيطالي الذي يزور الجزائر، من أجل دعم الجبهة الرافضة للخيار العسكري كحل لتحرير طرابلس من الميليشيات الإسلامية. ووصل رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، الخميس، إلى الجزائر في زيارة قصيرة في إطار الجهود الدولية لحل الأزمة الليبية. وأكد بيان للخارجية الجزائرية أن زيارة رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي تندرج في إطار “ديناميكية جهود المجتمع الدولي لوضع حد للنزاع في ليبيا وتقديم حل دائم له، كما ستسمح لمسؤولي البلدين بمتابعة وتعميق المشاورات حول الأزمة الليبية وكذلك حول المسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”. وشدد على أن “الدبلوماسية الجزائرية تولي اهتماما خاصا للمسألة الليبية، إذ تبذل منذ أسابيع عديدة جهودا حثيثة لتوفير الظروف المواتية لإعادة إطلاق الحوار ما بين الليبيين، وكذلك مبادرة السلام للأمم المتحدة، وقد ساهمت هذه الجهود في وقف إطلاق النار”. ويعكس البيان الأهمية التي توليها الجزائر لحل الأزمة الليبية، لاسيما مع الأطراف التي تقاسمها نفس المقاربة وترفض الخيار العسكري في البلاد، إذ تعد إيطاليا طرفا مهما في المشهد الليبي، بدعمه لحكومة فايز السراج، في حين تروج الدبلوماسية الجزائرية لموقفها المحايد، ووقوفها على نفس المسافة بين أطراف الصراع. ولطالما أكدت الجزائر حرصها على البقاء “على مسافة واحدة” من المعسكرين المتعارضين في ليبيا ورفضها “كل تدخل أجنبي”، وتدعو “جميع المكونات والأحزاب الليبية” إلى “العودة سريعا إلى عملية الحوار الوطني الشامل”. وتحركت الدبلوماسية الجزائرية بشكل لافت في الآونة الأخيرة، بعد تنصيب عبدالمجيد تبون، رئيسا للجمهورية، وتركيزه في أول خطاب على ضرورة “عودة بلاده إلى الملف الليبي لاعتبارات عديدة “، بغية استدراك شهور من الغياب بسبب الأوضاع السياسية التي تعرفها الجزائر منذ نحو عام. وكان وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم قد باشر في الأونة الأخيرة، جولة في عدد من الدول الخليجية على غرار المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، على أمل إيجاد توافق بين الأطراف الفاعلة في الأزمة الليبية، وتجنيب طرابلس والمنطقة الخيار العسكري لحسم المعطيات على الأرض. وأجرى رئيس الوزراء الجزائري عبدالعزيز جراد، الخميس، محادثات مع رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي بمقر قصر الحكومة، والذي يقوم بزيارة عمل إلى الجزائر، كما سيحظى باستقبال من طرف الرئيس عبدالمجيد تبون وتمثل زيارة جوزيبي كونتي أول زيارة رسمية للجزائر من قبل شخصية رفيعة المستوى، بعد عزلة دبلوماسية عاشتها البلاد، بسبب أحداث الحراك الشعبي، وقبلها الفراغ الرئاسي الناجم عن الأوضاع الصحية للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة. وتعد إيطاليا، إلى جانب إسبانيا، من الدول الأوروبية التي أعربت صراحة عن دعمها للسلطة الجديدة في الجزائر، رغم تحفظ عواصم أخرى في الاتحاد الأوروبي على ذلك، بسبب ما شاب الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الجزائر، والرفض الشعبي المستمر لمسار حل الأزمة في البلاد الذي فرضه ما كان يعرف بـ”سلطة الأمر الواقع ” والعسكر تحديدا. وتضمنت أجندة رئيس الوزراء الإيطالي عدة محاور مشتركة بين البلدين تتصل بالملفات الثنائية واستعراض أهم المواعيد الثنائية القادمة، لاسيما الدورة المقبلة للاجتماع الثنائي رفيع المستوى المرتقب انعقادها خلال السداسي الأول من السنة الجارية بالجزائر العاصمة. وينتظر أن يشد الرئيس الجديد الرحال الأحد القادم إلى ألمانيا تلبية لدعوة تلقاها من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، للمشاركة في قمة برلين حول الأزمة الليبية، لتكون بذلك أول زيارة خارجية يقوم بها عبدالمجيد تبون، ينتظر أن تتوسع إلى ملفات أخرى عالقة بين البلدين، لاسيما قضية المهاجرين السريين الجزائريين المتواجدين في ألمانيا، والذين تلح الحكومة المحلية على تسفيرهم إلى بلدهم، مقابل فتح آفاق تعاون بين الطرفين. ولم تكن الجزائر مدعوة إلى المؤتمر رغم حدودها الطويلة مع ليبيا (نحو ألف كلم) نظرا لأزمتها التي عاشتها عقب استقالة بوتفليقة في 2 أبريل الماضي، إثر مظاهرات حاشدة ضد ترشحه لولاية رئاسية خامسة. لكن بعد انتخاب الرئيس عبدالمجيد تبون، في ديسمبر الماضي، وتأكيده أن الجزائر “ستبقى فاعلة في الأزمة الليبية ”، تمت دعوة بلاده إلى مؤتمر برلين بدعم تركي وروسي ومن المبعوث الأممي غسان سلامة والحكومة الليبية. وكان رئيس الحكومة الليبي فايز السراج قد عبر في لقاء ما يعرف بـ”القيادات السياسية والعسكرية في طرابلس”، عن “حرصه على ضرورة مشاركة الجزائر في مؤتمر برلين هذا الأحد، لأنها من الدول التي لها علاقة بالشأن الليبي”. وفي محاولة للتوصل إلى حل سياسي للنزاع الليبي تستضيف برلين، الأحد المقبل، قمة دعا إليها كل من رئيس حكومة الوفاق فايز السراج وخليفة حفتر و11 دولة أخرى، هي الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا وفرنسا والصين وتركيا وإيطاليا والإمارات ومصر والجزائر والكونغو.
مشاركة :