أثار حضور سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في عمّان اجتماعا لبحث حقوق المثليين في البلاد قبل أيام، زوبعة إعلامية وردود فعل ساخطة رافقها اتهامات للدبلوماسية بتبني أجندة خارجية تدعم حقوق المثليين جنسيا، في الوقت الذي أكد فيه مشاركون في اللقاء اقتصاره على التوعية بقضايا قانونية لهم. الاجتماع الذي لم يكن الأول من نوعه في البلاد بحسب المعلومات الراشحة، إلا أنه اكتسب العلانية وبزخم لافت بعدما نشرت مجلة MY KALI المختصة بشؤون المثليين على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، صورا للاجتماع وتظهر فيه السفيرة آليس ويلز وهي تلقي كلمة تؤكد دعمها لحقوق المثليين وفقا للمجلة. وفور انتشار أنباء الاجتماع الموثق، سارعت أوساط سياسية وقانونية إلى المطالبة بفتح تحقيق في الاجتماع، الذي عقد بمناسبة اليوم العالمي ضد "رهاب المثلية" في 16 مايو/ آيار الجاري، في منتدى مرخص على أنه شركة محدودة المسؤولية للفنون وتدريب الفنانين بحسب سجل الشركات المنشور على صفحة ووزارة الصناعة والتجارة الأردنية، ويحمل اسم "ديوان مكان" في جبل اللويبدة وسط عمان وبحضور تمثيل دبلوماسي أوروبي، بحسب ما أكدته مصادر لموقع CNN بالعربية. موجة الاستهجان قابلتها جهات رسمية في البلاد في مقدمتها وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية، بنفي منح أي من نشطاء حقوق المثليين أو المثليين موافقة على ترخيص جمعيات لهذه الغاية، رغم تلقي الوزارة عدة استفسارات في هذا الشأن. وقالت أمين عام سجل الجمعيات في الوزارة ديمة خليفات لموقع CNN بالعربية: "لم ترخص جمعية للشواذ أو المثليين أو المتحولين جنسيا سابقاً ولن ترخص علما بأن مجموعة من هؤلاء تقدمت بطلب غير رسمي (استفسار) لتسجيل جمعية في اواخر عام 2009 الأمر الذي أثار حفيظة الموظف المعني باستلام طلبات التسجيل، ولم يقدم الطلب بشكل رسمي أو غير رسمي منذ ذلك الحين." ونفت خليفات أن تكون مجموعة عون التي تبنت الاجتماع مع المجلة، مرخصة مبينة أن هناك جمعيات أخرى تحمل أسماء مشابهة فقط لجمعيات خيرية معروفة لدى الوزارة. وحاول موقع CNN بالعربية الاتصال بالسفارة الأمريكية للحصول على تعليق على ذلك دون جدوى، في الوقت الذي نشرت فيه المجلة توضيحا على صفحتها بأن حضور السفيرة كان بشكل شخصي ودون "رعاية رسمية من السفارة." اكتفاء وزارة التنمية الاجتماعية بعدم مسؤوليتها بترخيص أي جمعية لتلك الأهداف، لم يلقى قبولا من نشطاء قانونيين حيث تقدم المحامي الأردني طارق أبو الراغب بشكوى قانونية أمام القضاء ضد السفيرة ووزيرة التنمية والداعين إلى الاجتماع، استنادا إلى الدستور الأردني الذي نصت المادة 14 فيه على أن الدولة تحمي حرية القيام بالشعائر الأديان والعقائد طبقا للعادات المرعية ما لم تكن مخلة بالنظام العام أو منافية للآداب فيما كفلت المادة 16 حق الأردنيين في الاجتماع ضمن حدود القانون. وقال أبو الراغب في تصريحات للموقع إن الاجتماع بحد ذاته إخلال بالنظام العام، وأن هناك تكييفا قانونيا يمكن الاستناد إليه في قانون العقوبات الذي جرم الحض على الرذيلة. وفيما لا تحمل التشريعات الأردنية نصوصا صريحة تجرم المثلية الجنسية أو المجاهرة بها، إلا أن العديد من المواد القانونية في قانون العقوبات وقانون منع الجرائم من شأنها أن تخول للسلطات حق التدخل والمنع. وفي هذا السياق قالت المحامية إنعام العشا إن التشريعات الأردنية تمنح الحاكم الإداري أو وزارة الداخلية حقا في منع هذا النوع من الاجتماعات مشيرة إلى أنه مخالف للدستور الذي نص على أن دين الدولة الإسلام وأن الشذوذ مخالف للتعاليم الإسلامية. وبينت العشا للموقع، أن هذه الفئة متواجدة في المجتمع وأن للسلطات منع نشاطاتها لكنها لا تجيز اللجوء إلى العنف في ذلك. وهاجم حزب جبهة العمل الإسلامي الذارع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في البلاد في بيان وصل لموقع CNN بالعربية نسخة منه، الاجتماع معتبرا الاجتماع صورة من صور الفساد والانحراف مطالبا الأجهزة الأمنية التعامل بمنتهى الحزم والقوة مع من أسماهم بالرموز الفاسدة. بالمقابل، استهجن المحامي محمد النصار أحد المدعويين لإلقاء محاضرة توعوية حول مرض الايدز، الهجمة الإعلامية التي وجهت ضد الاجتماع قائلا إنه اجتماع توعوي حول حقوق مرضى الإيدز والتعاطي القانوني الأردني للمثليين جنسيا، مؤكدا على أن الاجتماع لم يدع بالمطلق إلى المطالبة بحقوق المثليين في البلاد.
مشاركة :